التبويبات الأساسية

لن تسمح بعبدا بالانقلاب على العهد وتهديد نتائج استحقاق السادس من أيار الماضي. لا يناقش رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من الناحية الدستورية أن مسؤولية التأليف هي عهدة الرئيس المكلف سعد الحريري. لكن أن يكون التشكيل من اختصاص الحريري فهذا لا يعني انتفاء دور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. فالمرسوم يجب أن يخضع لتوقيع الرئيس. وبالتالي على الرئيس المكلف أن يتكيف، بحسب مصادر وزارية مقربة من بعبدا لـ"لبنان24"، مع الواقع الدستوري، بمعنى أن تتمثل الطوائف بصورة عادلة عند التاليف الحكومي عملاً بالمادة 95 من الدستور، واعتماد معيار التمثيل النيابي طالما أن النظام هو ديمقراطي برلماني.

ما تقدم يوحي، وكأن بعبدا تقول للرئيس الحريري عليك أن تعي ذلك وانت تعرف ذلك والعمل من أجل تشكيل حكومة وفق معيار موحد، أي أن تقرن العمل بالوعي، تشدد المصادر. فصحيح أن الشيخ سعد متكيف مع وضع التاليف والتصريف لكن في الوقت نفسه فان الرئيس عون يحثه على العمل للتاليف المجدي الذي يقترن بتوقيع الرئاسة الأولى.

تعي بعبدا أن هناك تسوية كبرى في البلد تظلل الاستقرار، إضافة إلى عوامل أخرى داخلية وخارجية وتسعى إلى ديمومة هذه التسوية التي من المفترض أن يكون أطرافها متفقين ليس فقط على إنقاذ التسوية إنما أيضاً على تعزيزها واستمراريتها، من خلال تشكيل حكومة تراعي التسوية الكبرى ولا تعيد لبنان إلى أجواء التجاذب الحاد الذي كان سائداً في الماضي سواء بين 8 و14 اذار وأو بين التكتلات السياسية المختلفة، لا سيما في ضوء غياب بيضة الميزان والحلول الوسطى والرمادية. فالحكومة إما أن تعبر عن التسوية الكبرى وإما أن تكون حكومة اكثرية واقلية، وبالتالي على الرئيس المكلف الذي لا ينتقص أحد من صلاحياته الدستورية أن يختار، تقول مصادر بعبدا.

بالنسبة لمصادر بعبدا، لا يمكن لأحد أن "يعلّم" على العهد. فغمز البعض من قناة التجنيس ليس سوى ضرب السيف في الماء. فالرئيس عون حقق خلال حكومته الأولى التي ورثها من مجلس نيابي ممدد له، انجازات عدة من إقرار مرسومي النفط، وقانون الانتخاب واجراء الانتخابات، واقرار موازنتين وسلسلة الرتب والرواتب، وتعيينات إدارية وقضائية متوقفة منذ11 عاما ودبلوماسية، وتحقيق الأمن والاستقرار وضرب الإرهاب في الجرود، فضلاً عن خياراته الكبرى الصائبة في المنطقة وخارجها، ومواجهة ملف النزوح السوري، ويرغب بالإنجاز أكثر خلال الحكومة العتيدة بدءا من استئصال الفساد لأن لا نهوض بالدولة من دون قطع دابر الفساد.

يدرك رئيس الجمهورية جيدا أن الاوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية حساسة، لكنه لن يسمح لأحد ان يهول بهذا الوضع لنزع مكتسبات سياسية او سلطاوية. فلا حكومة في لبنان لا يرضى عنها. ومن يتكل أن يجر الرئيس عون بالكلل والتعب والاربكاك والانهاك، لن ينجح. فبحسب مصادر بعبدا لن يتجرأ احد على اللعب بالنار، لأن الحلول متوافرة عند الرئيس عون. فهو لا ينتظر مددا وكأن لا نهاية للتاليف ولا يغامر بموضوع الاستقرار الداخلي. وكما بادر في الماضي ضمن أطر الطائف بعيدا عن أية ثورة دستورية، سيبادر مجددا، فلا يمكن الغدر به، لأن التجارب كوته.

بالنسبة للرئيس عون، هناك عشرة أيام فاصلة. فتاليف اللجان اعطى دفعا جديدا للحركة التشريعية وللحكومة ايضا، ولما كان توزيع اللجان لم يقص أحدا، فماذا ينتظر الحريري؟ لماذا لا يقدم على التأليف؟ الم يحن الوقت ليقول ماذا يريد والافصاح عن مدى تبنيه لمطالب القوات والاشتراكي لجهة قربه او بعده عنهما، او لاعتماد المعيار الواحد،؟ فالصلاحية التي اعطاه إياه الدستور يجب أن يقابلها الحريري بمسؤولية، علما أن مصادر بعبدا لا تعتقد حتى الساعة أن ثمة امر عمليات خارجي حاسما حتى الساعة يقف عثرة أمام التاليف لكنها لا تستبعد شيئا ولكل حال لسان حال. فالتأخير قد يشي بالكثير.

(هتاف دهام- لبنان 24)

صورة editor11

editor11