عندما توّلى نجيب ميقاتي رئاسة الحكومة اللبنانية، كان يُفترض أن يكون هناك تحوّل إيجابي يُعيد الأمل في النفوس ويُحقق مصلحة لبنان واللبنانييّن. لكن يبدو أن الأمور سارت في اتجاه آخر تمامًا. خلال فترة حكمه، كان التركيز على المصالح الشخصية والمنافع الضيقة أكثر من الاهتمام بمصالح الناس والمجتمع اللبناني، خاصة في طرابلس، المدينة التي عانت من تهميش مستمر.
لم يعقد نجيب ميقاتي أي اجتماع ملموس لتحسين أوضاع طرابلس مدينته التي ينتمي إليها أو لِفتح قنوات تواصل حقيقية مع أهلها. بدلاً من ذلك، كان ينشغل بالمراسيم البحرية والنزاعات التي لم تضف أي قيمة حقيقة للمواطنين. كانت اهتماماته تتمحور حول وضع أزلامه في مناصب الدولة، فيما غرق في السمسرة والصفقات التي كانت تصب في مصلحة قلة من المقربين له، على حساب مصلحة الشعب اللبناني. لم يهتم بنشر الرفاه الاجتماعي أو تحقيق الإنماء الحقيقي في طرابلس التي كان أهلها بحاجة إلى أبسط مقومات الحياة.
ومع مرور الوقت، يبدو أن نجيب ميقاتي لم يستوعب أنه لم يعد في السلطة، وأن دوره قد انتهى. اليوم، لا يزال يعقد الاجتماعات ويستفرد بنفسه في محافل خفية، وكأن الأمور لم تتغير. هو لا يتوانى عن التعدي على صلاحيات رئيس الحكومة الحالي ووزير الداخلية، مستمراً في نهجه المتهور الذي يروج له وكأن سلطته لا تزال قائمة، في محاولة مستمرة لإيهام الناس بأنه لا يزال في موقعه.
الغرابة تكمن في مشهد مؤلم، حيث كان نجيب ميقاتي بالأمس يقف أمام الموظفين والناس، وأعينهم تلاحقه من أجل التقاط الصور معه كرئيس حكومة، بينما اليوم، يتوسل هؤلاء الموظفين لاستدعائهم، ليعيش لحظات قديمة من المجد الضائع. يبدو أن هذا الرجل الذي حصل على 9 أصوات فقط في آخر استحقاق انتخابي، لم يدرك تماماً حجم الفجوة التي بينه وبين الشارع اللبناني.
نجيب ميقاتي اليوم، لم يعد ذلك الرجل الذي كان يطمح إلى بناء دولة قوية ومزدهرة. بل أصبح مجرد صورة فارغة، يحاول أن يتشبث بشعارات السلطة الزائفة ليبقى في دائرة الضوء. إن استمرار محاولاته لإيهام اللبنانيين بأنه لا يزال في موقعه هو جزء من المأساة السياسية التي نعيشها.