التبويبات الأساسية

إختصر‭ ‬مشاكل‭ ‬لبنان‭ ‬في‭ ‬كلمتين،‭ ‬الهويّة‭ ‬والسيّادة،‭ ‬فكان‭ ‬رئيسا‭ ‬لـ‭ ‬‮«‬لقاء‭ ‬الهويّة‭ ‬والسيّادة‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬أَسَسّه‭ ‬تحت‭ ‬جناح‭ ‬بكركي‭ ‬إيماناً‭ ‬منه‭ ‬بضرورة‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬عصر‭ ‬الزعامات‭ ‬الآحاديّة‭ ‬الشخصيّة‭ ‬والإلتفاف‭ ‬حول‭ ‬مشروع‭ ‬دائم‭ ‬يعزّز‭ ‬دور‭ ‬الدولة‭ ‬ويؤمّن‭ ‬استمراريتها‭. ‬ أسرة‭ ‬مجلّتنا‭ ‬زارت‭ ‬الوزير‭ ‬السابق‭ ‬يوسف‭ ‬سلامة‭ ‬وأجرت‭ ‬معه‭ ‬حوارا‭ ‬صريحا‭ ‬حول‭ ‬أبرز‭ ‬مواضيع‭ ‬الساعة،‭ ‬من‭ ‬الأوضاع‭ ‬الأمنية‭ ‬إلى‭ ‬الإستحقاق‭ ‬الإنتخابي‭ ‬مرورا‭ ‬بمستجدّات‭ ‬الساحة‭ ‬المسيحيّة‭. ‬في‭ ‬ما‭ ‬يلي‭ ‬نستعرض‭ ‬أبرز‭ ‬ما‭ ‬دار‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬اللقاء‭. ‬

- في‭ ‬البداية‭ ‬كيف‭ ‬نشأت‭ ‬فكرة‭ ‬‮«‬لقاء‭ ‬الهويةّ‭ ‬والسيادة‮»‬‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬ظروف‭ ‬تأسيسه؟

إنّ لقاء «الهويّة والسيادة» هو لقاء سياسي بإمتياز، إنبثق عن جمعيّة عُرفت بـ «الملتقى» والتي كانت عبارة عن حركة سياسيّة اجتماعيّة في منطقة كسروان. أمّا بالنسبة لظروف التأسيس، فأشير هنا إلى أنّه في العام 2005 وبعد خروج الجيش السوري وعودة العماد ميشال عون وخروج الدكتور سمير جعجع من السجن، وأيضا ًبعد تبدّل الإصطفافات السياسية إثر الإنتخابات التشريعية في ذلك العام. إعتبرنا بأنّه لا يجب ولا مصلحة لأيّ مكوّن في هذا البلد، في أن يتمّ اختزاله في شخصٍ أو حتى شخصين، وهذه التجربة مرّت بها جميع مكوّنات المجتمع اللبناني وتأثيرها كان سلبيا ًجدّا ً عليها. فبالنسبة للمسيحيّين على سبيل المثال، فقد مرّوا بهذه التجربة حينما تمّ اختزالهم بشخص الرئيس بشير الجميّل، وقد أخذتهم 6 سنوات لإنتاج قائدين جديدين تمثّلا حينها بقائد الجيش الجنرال ميشال عون وقائد القوّات اللبنانية سمير جعجع. وبعد نفي الأوّل واعتقال الثاني عاش المسيحيّون مرحلة إحباط حقيقيّة لا أدري بعد إذا ما خرجوا منها. كذلك الأمر بالنسبة إلى إخوتنا في الطائفة السنيّة الذين اختزلوا في مرحلة ما بعد الطائف بشخص الرئيس رفيق الحريري، فهم أيضا ًمرّوا بفترة من الإحباط بفعل استشهاده. من هنا، كان لدينا نظريّة تقول بأنّه لا يمكن ولا مصلحة لأيّ مكوّن في البلد في أن يُختزل بشخص ٍ معيّن، فتوّجهت حينها إلى البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير الذي تربطتني به علاقة استراتيجية منذ فترة الطائف حيث كنت مقربّاً جدا ً منه، ونقلت إليه هذه الأفكار في ظلّ المتغيّرات الهائلة التي يشهدها الشرق الأوسط وطرحت عليه الخروج من مرحلة الزعامات الآحادية للإلتفاف حول مشروع بغضّ النظر عن الشخص، وبالفعل درس البطريرك هذا الإقتراح وبعد أسبوع جمعني مع وزير الخارجية السابق فؤاد بطرس واتفقنا على تأسيس «لقاء الهويّة والسيادة» بمباركته، كما أنّ المطران غي نجيم كان يرافقنا في إجتماعاتنا على غرار مرافقة المطران يوسف بشارة للقاء قرنة شهوان، من أجل منحنا دعما ً معنويا ً في ظلّ الثنائيّة المسيطرة على الشارع المسيحي. وهكذا إنطلقنا مع الدكتور بيار دكاش، الوزير فؤاد بطرس، السفير فؤاد الترك، ومجموعة من القوى السياسية الناشطة، وفي 6 أيار من العام 2006 أطلقنا شرعة «الملتقى» في مؤتمر عقد في جامعة الروح القدس الكسليك، وفيما بعد تحوّلنا إلى لقاء «الهويّة والسيادة «حيث تمّ الإعلان على المبادئ العامة لهذا اللقاء في خلال مؤتمرٍ عقد في قصر المؤتمرات في ضبية في العام 2007.

‬نعيش‭ ‬أزمة‭ ‬إنتماء‭ ‬وطني‭ ‬فعليّة‭.... ‬ومن‭ ‬عطّل‭ ‬قرار‭ ‬الجيش

لا‭ ‬يحقّ‭ ‬له‭ ‬لوم‭ ‬حزب‭ ‬الله

- لماذا‭ ‬أطلقتم‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬لقاء‭ ‬الهوية‭ ‬والسيادة‮»‬‭ ‬على‭ ‬حركتكم؟

في الحقيقة، يعيش لبنان اليوم أزمتان كبيرتان، أزمة هويّة وأزمة سيادة. من هذا المنطلق أتت تسمية «لقاء الهويّة والسيّادة»، والدليل على ذلك هو اختلافنا الدائم على أبسط الأمور، إذ يوجد محورين عند كلّ استحقاق. وبالتالي يوجد إنفصام على مستوى الشخصيّة الوطنية، وبدايات هذا الإنفصام تجلّت في العام 1969 ولاحق ًوصلنا إلى ما وصلنا إليه في العام 1975، وللأسف هذا الإنقسام لا يزال موجودا ًحتى اليوم رغم كل التجارب. نحن إذن نعيش أزمة إنتماء وطني فعليّة، واذا لم تحلّ هذه الأزمة لن تكون هناك دولة فاعلة.

- إذا‭ ‬أنتم‭ ‬مرتاحون‭ ‬للمشهد‭ ‬الأمني‭ ‬في‭ ‬الجرود؟

المشهد الأمني لا يقلقني، بل أعتبر أننا في بداية مرحلة الخلاص، فلو كانت النصرة أو غيرها من التنظيمات لا تزال متواجدة على حدود عرسال سيكون قلقي أكبر، فبقدر ما تحررّ أجزاءٌ من أرضي بقدر ما تخفّ حدّة القلق لدي. أكثر من ذلك، أنا أعتبر أن الحالة السائدة في سوريا والعراق والتي لها تأثيراً كبيراً علينا أوشكت على النهاية، فنحن دخلنا مرحلة جديدة. والحلول النهائيّة للأزمة الإقليمية الضاغطة على لبنان بدأت تتبلور.

‬موقف‭ ‬الجنرال‭ ‬كان‭ ‬صائبا‭

- هل‭ ‬أنتم‭ ‬متفائلون‭ ‬بإنطلاقة‭ ‬العهد؟

نحن كنّا نتمنّى مع بداية كلّ عهد أن يشهد البلد تطوّرا ً إيجابيّا ً، إنّما الأمور اليوم تبدو مختلفة. فالجنرال عون ربّما أتى في فترةٍ متأخرة، ذلك أنّ الظروف الإقليمية تفاقمت وباتت معقدّة إلى درجة كبيرة، كما أن القضايا لم تعد تحلّ حكما ً في الداخل. لكن مع ذلك، سننظر إلى الأمر بإيجابية، خصوصاً بظلّ إنتاج قانون انتخابٍ جديد الذي ما كان ليبصر النور لولا إصرار الرئيس عون، أمّا إذا كان ذلك كافياً، حقيقةً لا أعلم.

- هل‭ ‬لديكم‭ ‬مآخذ‭ ‬معينة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬القانون؟

بالنسبة لي، أنا أؤيد القانون الجديد، لأنّه أعطى فرصة للقوى النخبويّة بأن تطمح للمشاركة في السلطة السياسيّة، كما أنّه ألغى المحادل عكس ما يتصوّر البعض. كان ممكن أن يكون هناك قانون أفضل، إنمّا لا شكّ أنّه أفضل بكثير من القوانين السابقة. أنا أعتقد بأنّه لا يجب تشويه الحقيقة ولا بدّ من ايفاء الرئيس حقه في هذا المجال، فهذه الطبقة التي حكمت على مدى 20 سنة لا تريد تغييرا ً، لذلك كان موقف الجنرال صائبا ً.

- هل‭ ‬يعني‭ ‬ذلك‭ ‬أنكّم‭ ‬ستشاركون‭ ‬في‭ ‬الإستحقاق‭ ‬ترشيحا؟

بكلّ تأكيد نحن كلقاء سنكون مشاركين في الإستحقاق الإنتخابي، وسيكون لنا مرشحين في أكثر من دائرة. كما أننا بصدد صياغة تفاهمات مع جمعيّات من المجتمع المدني، ذلك أنّ تحالفاتنا بالتأكيد لن تكون إلى جانب الإصطفافات الحاليّة، بل إنّ سبب وجودنا هو لمنافستهم منافسة شريفة.

- ما‭ ‬رأيكم‭ ‬بالمصالحة‭ ‬المسيحية‭ ‬خصوصا‭ ‬وأنكّم‭ ‬كنتم‭ ‬من‭ ‬الداعين‭ ‬إليها؟

بالفعل، نحن كنّا في طليعة المؤيدّين لهذه المصالحة، لأننّا اعتبرنا ان هذا النزف المسيحي يسيئ إلى المسيحيّين كما اللبنانييّن، فحين يكون المكوّن المسيحي بحالة مرضيىّة، لن يتمكن لبنان من النهوض، والدليل هو ما حصل طوال المرحلة الممتدّة من العام 1990 ولغاية 2005 بل حتى العام 2010، فحينها كان البلد محكوما ً من قبل مخابراتٍ أجنبيّة وتحوّل إلى مزرعة كاملة بظلّ سيطرة مجلسٍ نيابي يغيب عنه المكوّن المسيحي، والنتيجة كانت تفاقم الدين العام بشكلٍ مخيف فيما لم تقم المؤسسات كما يجب. من هنا، نحن نؤكدّ أن هذا البلد لن يُبنى إلّا بتعاون الجميع، لذلك يجب أن تتغيّر الذهنية حتى تصبح الشراكة حقيقية. اليوم علينا الخضوع لإرادة المواطن الذي سيقول كلمته خلال الإنتخابات القادمة وسيعطي كل جماعة حجمها إنطلاقا ً من المسار التاريخي لكل حركة سياسية قائمة.

صورة editor11

editor11