آن الأوان للتغيير! عبارة ترسّخت في ذهنه وإنطبعت في وجدانه بعدما لمس تعطّش الناس إلى روح العطاء من دون مقابل وطوقهم إلى العيش بكرامة سلبتها منهم دولة لا بل مزرعة تحكّمت بمصيرهم ومستقبلهم على مدى سنوات وسنوات من دون أدنى حسٍّ بالسمؤوليّة.
آن الأوان للتغيير الذي لم يعد حلماً أو مجرّد شعاراً إنتخابياً، بل تحوّل إلى واقعٍ حقيقي بفضل جهود مرشحّين غير تقليديين كنديم سعيد الذي حمل شعلة التغيير وجال بها على كافة الأراضي اللبنانية إيماناً منه بحق كلّ مواطن بعيشٍ لائقٍ وكريم.
ولأنّه آن الأوان للتغيير، يخوص المرشح عن المقعد الماروني في جبيل في لائحة «كلنا وطني»، نديم سعد معركة إنتخابية بوجه أهل السلطة معوّلاً على وعي الناس وخياراتهم المسؤولة. معه نتطرق إلى الأجواء الإنتخابيّة في هذه الدائرة ونطلع على إتجاهات الناخبين في ضوء المعطيات المتوافرة لديه قبيل أيّام من الإستحقاق المنتظر.
- بدايةً، ما هي الدوافع التي دفعتكم لخوض غمار الشأن العام؟
إن إنخراطي في الشأن العام ليس وليد اليوم، إنّها قصّة طويلة بل مسار حياة متكامل، فمنذ ثمانينات القرن الماضي إنجذبت إلى العمل الإجتماعي الوطني وكنت من مؤسسي جمعيّة «فرح العطاء» التي هدفت إلى لمّ شمل العائلة اللبنانية، وكان هذا العمل إجتماعياً ووطنياً بإمتياز، إذ حاولنا من خلال هذه الجمعيّة نقل صورة مغايرة عن لبنان، فلبنان ليس بلد الحرب والدمار، لبنان ليس وطن الطائفية والحقد. وأنا على المستوى الشخصي أصبحت مقتنعاً أكثر بهذه الرؤية وهذا التصوّر للبنان.
إلى جانب «فرح العطاء»، توّزعت نشاطاتي في مختلف الإتجاهات سواء على مستوى حماية التراث اللبناني أو على المستوى البيئي وغيرها وصولاً إلى العام 2017 حين أطلقت مع مجموعة من الأصدقاء والمبادرين «مسيرة وطن»، حيث تجوّلنا في كافة الأراضي اللبناني سيراًعلى الأقدام في خلال 52 يوماً، حاملين العلم اللبناني بهدف ملاقاة الناس ودعوتهم لبناء دولة عادلة وقويّة، وكنّا أيضاً نوّزع على المواطنين الدستور اللبناني.
- ماذا تحاولون القول من خلال ترشحّكم في لائحة «كلّنا وطني» في دائرة جبيل؟
نحن نقول بأنّه من غير المقبول اليوم وقوف موقف المتفرجين، لا حول لنا ولا قوّة. ولا بدّ لأحدنا أن يبادر، وما شجّعنا في هذا السياق هو الناس. إذ لمسنا عندهم قناعة بضرورة عمل أمرٍ ما للتغيّير، إنّما المشكلة التي يواجهها المجتمع المدني هي اللعبة السياسية التي تدمرّ كلّ الجهد الذي نبذله وكلّ التقدّم الذي ننجزه. فبالنسبة لي، أنا على يقين بأن لا أحد من أهل سلطة لديه إرادة فعليّة ببناء دولة قويّة فاعلة، قد يكون هناك نيّة لدى البعض ربّما، إنّما إنخراطهم في لعبة المحاصصة وتموضعهم في المحاور المعروفة يمنعهم من ذلك ويجعل مشاريعهم مشاريع طائفيّة او مناطقيّة، وهذا المنطق لا يبني أوطاناً بل يشرّع المزارع.
- إنطلاقاً مما تقدمتم به، ما هو مشروع «كلنا وطني»؟
مشروعنا بكلّ بساطة هو بناء دولة مدنيّة عادلة وقوّية إنطلاقاً من تطبيق الدستور والقوانين. فنحن مقتنعون بأنّ كافة المشاكل التي نعاني منها اليوم سواء كانت إقتصادية معيشية يوميّة أو حياتيّة، كالكهرباء والمياء وغيرها، هي مجرّد نتائج وليست أسباباً بحدّ ذاتها، فليكن ذلك واضحاً للرأي العام حتى لا تضيع البوصلة. فهذه المشاكل سببها غياب دولة حقيقيّة قادرة على إيجاد حلول لهذه المشكلات المزمنة. مشروعنا إذن هو مشروع إعادة بناء دولة لأن اليوم ليس هناك من دولة حقيقية، إذ يكفي زيارة مناطق الأطراف للتأكد من هذا الموضوع، فالبقاع على سبيل المثال والذي اعتُبر في مرحلة معيّنة خزّان قمح الإمبراطورية الرومانية، تحوّل اليوم إلى صحراء قاحلة من رياق إلى الهرمل. وهذه المشكلة موجودة في كافة المناطق .
بإختصار، نحن نقول بأنه توجد أولويّات يجب العمل عليها تبدأ بتعزيز إستقلاليّة القضاء الذي يعتبر العامود الفقري للدولة ولا تنتهي بمحاربة الفساد، فلبنان ليس فقيراً كما يحاولون تصويره بل هو بلدُ مسروقٌ ومنهوبٌ.
- كيف تنظرون إلى الإنتخابات اليوم، هل هي فعلا ً ديمقراطيّة أو هل للمال دورٌ يتحكّم بها؟
المال والسلطة والنفوذ كلّها تفعل فعلها في الإنتخابات، فالديمقراطية لها مقوّمات غير موجودة لدينا اليوم. وأنا لست أقول هذا الأمر لتبرير النتائج، فنحن لدينا حظوظ جيّدة وجيّدة جدّاً، مع تأكيدنا بأننا سنبقى نقاتل اليوم وغداً وما بعد 6 أيّار. أمّا بالنسبة إلى المال الإنتخابي، فلن نفشي سرّاً إذا قلنا أن هناك عدم تكافؤ في الفرص، فكيف يكون هناك تكافؤ حين يعمد بعض المرشحّين إلى تخصيص مبالغ ماليّة خياليّة للإنتخابات «وعلى عينك يا تاجر»؟ وما هو هذا المنطق الذي يمنع رئيس البلديّة من الترشح لعدم إستغلال منصبه في حين أن الوزير المشرف على الإنتخابات هو مرشّح؟ هذا أمرٌ معيبٌ فعلاً.
- كيف تُقيّمون حظوظ المجتمع المدني
في مختلف الدوائر؟
الحظوظ جيّدة جدّاً في كافة الدوائر التي نخوض فيها المعارك. أنا لن أدخل في لعبة الأرقام، فلنترك المفاجآت إلى 7 أيّار. إنما نحن مقتنعون بوجود نسبة كبيرة من اللبنانييّن الذين يشعرون بالإشمئزاز من هذا الوضع، ونحن نؤكد للجميع بأننا لسنا جماعة ردّة فعل بل نحن أصحاب مشروع. وأنا سأسمح لنفسي بأن أبشرّ اللبنانيّين وأقول لهم إستعدّوا للمفاجآت ولا تنسوا نتائج الإنتخابات البلديّة في بيروت وبعلبك وفي كلّ لبنان.
- هل أنصفكم النظام النسبي؟
كلّ الأنظمة الموجودة والمعمول بها في العالم لها سيّئات وحسنات وأنا أتكلّم هنا من الناحية العلميّة والقانونيّة. القانون النسبي طبعاً له حسناته فهو يسمح بتمثيل كافة شرائح المجتمع ومكوّناته، أمّا بالنسبة إلى القانون الإنتخابي وبالطريقة التي أقرّ بها في لبنان فله سيئات عديدة لعدّة اعتبارات، فتقسيم الدوائر أتى طائفياً بإمتياز يذكرنا بأيّام الحرب. أضف إلى ذلك الصوت التفضيلي الذي لا تلحظه القوانين النسبية في العادة وهو ما ينتج منافسة بين أعضاء اللائحة الواحدة. كذلك، لقد أفضى هذا القانون إلى قيام تحالفات خبيثة هزيلة جمعت الخيارات المتناقضة بهدف الوصول إلى الكراسي، وهذا الأمر لا نراه في القوانين النسبية حيث تكون التحالفات على أساس برامج وخيارات سياسية واضحة، وأخيراً هناك نقطة تتعلّق بسقف الإنفاق وهيئة الإشراف التي هي في غيبوبة تامة مع إحترامنا لأعضائها، إذ يكفي المرور في أحد الشوارع أو مشاهدة القنوات التلفزيونية لمعرفة سقف الإنفاق. في النهاية، لا شكّ بأنّ النسبية هو خيار متقدّم في الحياة السياسية اللبنانية إنما تطبيقه وتفاصيله تحتوي على مغالطات تفرّغه من أهدافه.
- كلمة أخيرة للناخبين؟
أنا اقول للناخبين بأنه آن الأوان لأخذ خيار بناء الدولة، فالخيارات السابقة أوصلتنا الى هذه الحالة البائسة والمزرية التي نعيشها. اليوم، يجب أن نكون على قدر المسؤولية ويجب أن نكون مدركين لأهميّة خياراتنا. أنا أدعوكم إلى تحرير ضمائركم، أدعوكم لتصوّتوا لصالح من يسعى ليحدث فرقاً في الحياة السياسية .