هنا في هذه البلدة الشوفية النائية، يشعر الزائر بسلام داخلي إستثنائي... كلّ شيء يبدو طبيعياً وبسيطاً، بدءاً من الناس الطيبيّن الذين يحرصون على التمّسك بتقاليدهم وعاداتهم القروية العريقة وصولاً إلى الطبيعة التى لا تزال تحافظ على رونقها وجمالها. غير أن هذا الطابع التقليدي الذي يميّز أهل الجبل باعتباره جزءاً لا يتجزأ من هويّتهم اللبنانية، لا يعني أبداً أن الأمر يشكل عائقاً أمام تطوّر الحياة في هذه القرى، فهؤلاء أتقنوا لعبة الدمج بين التطور والتراث حتى أصبحت بلداتهم مقصداً للسياح البعيدين قبل القريبين.
الفوّارة هي واحدة من هذه القرى التي نفضت غبار الحرب عنها وانطلقت في مسيرة إنمائيّة بقيادة مجلس بلدي نشيط يعمل بجهد لجذب اهتمام المسؤولين إلى البلدة من أجل تنفيذ المشاريع الحيوية المطلوبة. أسرة مجلتنا زارت هذه البلدة والتقت رئيس بلديّتها الأستاذ غسان طانيوس الذي وضعنا في صورة هذه الورشة بالإضافة إلى الإستعدادات الجارية لاستقبال موسم الصيف الواعد.
- كيف تعرفوّن عن بلدتكم اليوم؟
الفوّارة هي بلدة شوفية تحيطها بلدات كفرنبرخ من الجهة الشرقية، البيرة من الجهة الغربية، بريح شمالاً ووادي الست جنوباً، أمّا ارتفاعها عن سطح البحر فيتراوح بين 600 و 750 متراً وبالتالي فإن مناخها معتدل نسبياً. تشتهر البلدة بينابيعها الغنيّة، كما تشتهر أيضاً بالزراعة على إعتبار ان تربتها خصبة. بعد انتهاء الحرب المشؤومة عادت فقط بعض العائلات إلى البلدة وذلك بسبب الغربة الطويلة والحياة الجديدة التي بناها المهجرين في المدن الأخرى، أضف إلى أن الفوّارة تخلو من المشاريع الحيوية وفرص العمل وبالتالي فإن الحركة الإقتصادية فيها تبقى شبه معدومة رغم أن البلدة تشهد نشاطاً لافتاً في نهاية كلّ أسبوع بفعل قدوم أهلها لتمضية العطلة، إنّما مع بداية الأسبوع تعود الأجواء إلى طبيعتها الإعتيادية.
- ماذا تخبرنا عن كنيسة مار انطونيوس الشهيرة في الفوّارة؟
نعم بالفعل هذه كنيستنا ونحن نفتخر بها، وهي تعتبر ثاني أكبر كنيسة في منطقة الشوف، وقد بدأ العمل بها منذ العام 1993 بمجهود أبناء الرعية وأصحاب الأيادي الخيّرة، وللكنيسة صالة ضخمة جدّاً نستعين بها لإحياء النشاطات الدينية والإجتماعية وغيرها.
- كيف تقيمون المصالحة، وهل تمّ تكريسها على أرض الواقع؟
المصالحة تمت فعليّاً وعملياّ على أرض الواقع وبين الناس وهذا أمرٌ يمكن لمسه. فالمصالحة تمّت بمباركة من البطريرك مار نصرالله بطرس صفير وتمّ أيضاً تكريسها مع البطريرك الراعي. وكلّ كلام خارج هذا السياق يمكن وضعه في خانة المزايدات والمصالح السياسية لا أكثر.
- هل تلقّى المهجرين كامل تعويضاتهم المستحقّة؟
نعم يمكن القول بأنّ المهجرون تقاضوا تعويضاتهم بغض النظر عن عدالة قيمتها، وبرأيي إن ملف المهجرين أغلق نهائياً في الجبل باستثناء بلدة بريح، ونحن نأمل بتسكير هذا الملف إلى غير رجعة، ذلك أن مرحلة الحرب القذرة انتهت وما علينا سوى التفكير بالمستقبل.
- كيف تقيّمون الفوار من الناحية الإنمائية؟
نحن أتينا إلى البلدية بهدف إستكمال المسيرة الإنمائية والاجتماعيّة والثقافيّة التي ساهم بإطلاقها أشخاصاً يشهد لهم بتحقيق النجاحات، صحيحٌ إن مدخولنا المادي قليلٌ نسبياً كونه لا يتعدى الـ 50 مليون ليرة في السنة، إنّما نحن نعوّل على علاقاتنا العامة وعلاقتنا مع الوزراء والنواب وغيرهم. وهنا أتوجه بتحيّة شكر إلى جميع من أظهر تعاوناً معنا، من وزارة الطاقة التي خصصتنا بمشاريع مياه وكهرباءلا بأس بها إلى وزارة الأشغال ووزارة الشؤون الإجتماعية التي تجاوبت معنا مراراً، وبالتالي فإن ما أحاول قوله هو أن الإنماء في بلدتنا وفي مجمل البلدات الصغيرة يتوقّف على رئيس البلدية ونشاطه وقدرته على توظيف علاقاته لخدمة بلدته وأهلها.
- ما هي الصعوبات التي تواجهونها كبلدية؟
لا يوجد صعوبات بالمعنى التعجيزي للكلمة. نحن كمجلسٍ بلدي نعمل بجديّة تامة وقادرون على تحمّل المسوؤوليّات وإيجاد الحلول الملائمة لشتّى المشاكل والعراقيل التي نواجهها.
- هل عانيتم من أزمة نفايات كغالبية البلدات؟
في الحقيقة نحن لم نعانِ من مشكلة النفايات وتراكمها في الشوارع لأننا إستعنا بجارتنا كفرنبرخ حيث سمحت لنا رئيسة البلدية مشكورة، بإستخدام خراج البلدة لهذه الغاية ومن دون أيّ بدل مالي. إنمّا في الوقت الحالي نحن بصدد توقيع عقد مع شركة خاصة لتهتمّ بهذا الموضوع، وبتكلفة جيّدة جدّاً تبلغ 52 دولاراً للطن الواحد.
- والمهرجانات؟
في العادة تحيي الفوارة مهرجانات كنيسة مار انطونويس الكبير من خلال حفلٍ مميّز يحييه أحد الفنّانين ويشارك به أبناء البلدة والجوار، والسنة أيضاً أقمنا مخيّماً مدعوماً من وزارة الشؤون الإجتماعية، ونشاطات يوميّة شارك فيها جميع أبناء البلدة وكُنّا قد دعونا إليها نواباً ومسؤولين للمشاركة بها على رغم بساطتها.
- كلمة ختامية لأبناء الفوارة...
أنا أرغب بشكر أهل البلدة على ثقتهم وأعدهم بالعمل على إنماء البلدة، نحن لا نزال في بداية الطريق ومستمرّون بالعمل حتى تأمين احتياجات البلدة، مع تأكيدنا على أهميّة الإنفتاح والتعاون مع جميع الفعالّيات والمكوّنات والأحزاب السياسية من أجل تنفيذ المشاريع الحيوية المطلوبة.