حقاً أضحت تداعيات الأزمة الإقتصادية والنقدية والمالية التي يواجهها لبنان مخيفة، إذ لفت الخبير في التنميه الإجتماعية رمزي بو خالد في حديث إلى موقعنا Leb Economy الى ان “الأزمة المالية والاقتصادية تركت اثارها بشكل كبير جداً على العائلات اللبنانية بحيث ان ما كان محرماً في الماضي أصبح مباحاً اليوم، الأمر الذي أدى إلى إرتفاع عمالة الأطفال بشكل كبير جداً. وقد ظهر في تقرير اليونيسيف الأخير الذي صدر على مستوى عيش الأطفال ان 9 عائلات من أصل 10 لا تملك المال الكافي لشراء حاجياتها الضرورية مما يجبرها على الدفع بأطفالها الى سوق العمل مهما كانت طبيعة هذا العمل او كان مجحفاً بحق الأطفال”.
وأشار الى ان “هناك أسر اضطرت إلى بيع ممتلكاتها. كما هناك الكثير من العائلات تقريباً، بحدود عائلتين من أصل خمسة، تبيع موجودات منازلها كي تستطيع تأمين الحاجيات الضرورية والمتطلبات المعيشية”.
وكشف بو خالد عن ان “اليوم ما يزيد عن 100 ألف طفل دون سن 18 عام يعملون على الأراضي اللبنانية، وهذا رقم مخيف وجريمة في حق الطفولة”.
واعتبر انه “على رغم القوانين اللبنانية والاتفاقات والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الطفل وخاصة إتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها لبنان عام 1991، الا انه لا يزال مشهد الأطفال حاضر بقوة عند تقاطع الطرقات والمستديرات والمحلات التجارية اذ أصبح هذا الأمر مألوفاً”.
وأشار الى ان”أزمة عمالة الأطفال تضاعفت بسبب ازدياد عدد سكان لبنان بمئات الآلاف مع تدفق النازحين السوريين عام 2011 ، وكل هذه الأزمات تهدد مستقبل الأطفال في ظل عدم وجود سياسات واضحة تتعلق بهم”.
وقال: ” الآثار التي نتجت عن الأزمة المالية والاقتصادية كبيرة جداً ليس فقط على التسرب المدرسي للأطفال والذهاب بإتجاه سوق العمل او ما يسمى بعمالة الأطفال، إنما ايضاً زادت من التأثيرات النفسية المتعلقة بالأطفال بحيث ان 7 من أصل 10 أطفال أجريت عليهم الدراسة هم بحاجة الى رعاية نفسية وبدوا متوترين وقلقين ويجهلون كيف سيكون مستقبلهم “.
ولفت بو خالد الى انه “تقدّر نسبة التسرّب المدرسي للأطفال بـ 30% رسمياً نتيجة الاضطراب الذي ضرب القطاع الرسمي خلال العام الدراسي المنصرم والذي تمثل بالإضراب الذي نفذه أساتذة التعليم الرسمي على مدى خمسة أشهر متتالية بحيث أن كثير من العائلات فضلت ان تدفع بأولادها الى العمل بدلاً من إنتظار المجهول”.
وأوضح ان “فقدان التعلّم هو سبب أساسي للرسوب وبالتالي التسرب المدرسي، اي ان الرسوب بالصف وعدم الإنتقال الى الصف الذي يليه وما يحمله ذلك من انعكاسات سلبية على الصحة النفسية للمتعلم تصل به الى التسرب المدرسي، الذي بدوره يؤسس جيل ضائع معرض لكل أنواع الآفات، مما يجعله مهدّد وفي الوقت عينه يهدد مجتمعه”.
وشدد على ان “كل هذه الأزمات تتولّد نتيجة غياب الدولة وتقاعس السلطات الرسمية عن القيام بواجبها لاسيما لناحية التعليم الإلزامي ولناحية تأمين المتطلبات الأساسية لعيش الاسر بشكل كريم”.
وقال: “في ظل تراجع القدرة الشرائية ودخل العائلات والخطر المحيط بالأمن الإجتماعي والغذائي والصحي والتربوي، لا بد ولا غنى عن عودة الدولة الى ممارسة مهامها والقيام بدورها وإعادة تفعيل البرامج التي على أساسها تستطيع تأمين حياة كريمة للأطفال، وان ينعموا بتعليم مقبول كي لا يجنحوا نحو الذهاب الى التسرب المدرسي وترك المدرسة بإتجاه سوق العمل”.
وإذ أشار الى ان “شبكة الأمان المطلوبة من السلطات الرسمية لناحية التربية ومن خلال سياسات وزارة التربية التي ترعى تعليم الأطفال هي مفقودة، بالإضافة الى فقدان شبكة الأمن الاجتماعي التي تؤديها الدولة سواء من ناحية الأمن الصحي او من ناحية الامن الغذائي”، شدد على أن “هذه الشبكات وفي حال تفعيلها هي الوحيدة القادرة على إعادة الأوضاع لنصابها الطبيعي وإعادة الأطفال الى مدارسهم وإبعادهم عن سوق العمل المجحف بحقهم، حيث تؤكد الدراسات ان الأطفال يعيشون في حزن وبؤس وفي حالة من الاضطراب التي انعكست نفسياً وصحياً عليهم، وقد يكون المستقبل خطير جداً في حال استمروا بهذا الوضع”.
بواسطةهبة أمين
المصدرخاص Leb Economy
التسرب المدرسي عمالة الأطفال