كتبت د آمال جبور
أثارت دعوة اندكومار سريفاستافا، الرئيس المعني بالعمليات في “بنك التنمية الجديد” التابع لمجموعة “بريكس” مؤخرا رغبة المجموعة لانضمام المغرب إليها، بالرغم من اعلان الرباط الرسمي قبل عامين تقريبا عدم اهتمامها للانضمام، أثارت الدعوة مجددا جملة من التساؤلات والاراء ارتبطت بمخاوف ذات طبيعة سياسية أكثر منها اقتصادية، ليكون ملفها السياسي في الصحراء المغربية من أبرز الملفات الذي يقف امام قبولها للانضمام.
فاذا صح وكان هذا الملف السياسي كما يراه بعضهم يمثل عائقا حاليا امام الرباط في انضمامه لبريكس، فما التداعيات السلبية أو الايجابية للانضمام على الملف، في وقتٍ يشكل الاقتصاد محورا رئيسا للنظام العالمي الجديد الذي يعمل على ربط الاقتصاد بالدرجة الاولى بالملفات السياسية؟
ان ملف الصحراء الذي يحضر بقوة في أجندة السياسة الخارجية للرباط، كونه ملفا وطنيا بامتياز، ويقترب مؤخرا من مرحلة الحسم في مساره السياسي والدبلوماسي والأممي، ما زال يواجه تحديات في اروقة الامم المتحدة، رغم اشارات متفائلة من دي ميستورا المبعوث الأممي للملف في احاطته الاخيرة في شهر نيسان الماضي لصالح مبادرة الحكم الذاتي، الا ان الاحاطة حملت مفردات غير بريئة لمماطلة تنفيذ الملف، وبالتالي فلن تغيب بعض هذه الاشارات عن الرباط لتدرك اهمية التوقيت في اخذ اي خطوة قد تعكر صفوة تنفيذه، ولن تغامر ايضا بالمسافة الطويلة التي قطعتها منذ اقتراحها للحكم الذاتي عام 2007 لتحقيق وحدتها الترابية، وأخذ خطوة للانضمام كونها "انتحارا" كما جاء على لسان صحافتها، خصوصا أن فلسفة البريكس قائمة على كسر الهيمنة الاقتصادية لامريكا والغرب، الحليفتين التاريخيتين للمغرب والداعمتين لقضيته الصحراوية، مما يرجح أن الرباط تأخذ بعين الاعتبار هذه الملاحظات بقراءة وتقيم دقيق من تداعيات الانضمام لبريكس على ملف الصحراء.
ومن جانب آخر، فإن الدول الأعضاء لمجموعة البريكس، رغم العلاقات الثنائية التي تربط الرباط بالأعضاء الأربعة منها "و تربطها بثلاثة منها اتفاقيات شراكة إستراتيجية" كما ورد على لسان وزير خارجيتها، الا انها تشهد علاقات متوترة مع احد اعضائها جنوب أفريقيا التي تدعم علنا جبهة البوليساريو وتعترف بالجمهورية الصحراوية، ولها مواقف وسلوكات معادية للمصالح العليا المغربية،مما جعلها خصما للمغرب ولقضيته الوطنية، والذي اعتبرته الرباط مؤخرا تجاوزات خارجة عن الحدود الضابطة للعمل السياسي والدبلوماسي ولفلسفة مجموعة بريكس بعدم التدخل في الملفات السياسية والوطنية للدول.
ربما تُشكل هذه المناخات تَحَفظات للرباط تجاه بريكس، وتجعلها تَتَمَسُك بعقيدة التروي والتأني لتراقب إلى أين مدى تتجه البيئة الدولية والإقليمية وتحالفاتها في تشكيل نظام عالمي جديد يعمل كما يعلم الجميع على ربط المصالح السياسية بالاقتصاد بالدرجة الأولى، مما يعطي اضافة اخرى للرباط لأخذ فسحة اخرى لتراقب أيضا مستقبل المجموعة والتي يواجه كل من أعضائها كروسيا والصين والهند حاليا حروبا وازمات مختلفة
فيما القراءات الاخرى الداعمة لفكرة الانضمام ، ترتهن لتوقيتٍ مناسبٍ لاتخاذ القرار، توفر للرباط فرصا ايجابية لمستقبلٍ واعدٍ ، تبدأ من تخفيف اعتمادها على شراكاتها التقليدين، وزيادة و تعزيز دورها الجيوسياسي، ونفوذها بالقارة الأفريقية التي خلقتها مؤخرا ضمن إطار الديناميكية الاقتصاديةوالدبلوماسية لتنويع شركائها وانفتاحها على مختلف فضاءات القارة الأفريقية ومجموعاتها الاقتصادية، بالاضافة الى الاستفادة من قروض بنك التنمية التابع لبريكس لدعم مشاريع البنية التحتية والطاقة الخضراء و تنمية الأقاليم الجنوبية، والتي تنشط الرباط مؤخرا بمشاريع تنموية كبيرة فيها كميناء الداخلة، مما يدفعها الى تفعيل شراكاتها وطاقاتها الاستثمارية والتجارية التي ستكون احدى بواباتها مجموعة البريكس.
وبالتالي للرباط أسبابه في تنويع شراكاته والمحافظة على توازنات ملفاته السياسية منها والاقتصادية والتي لا تخرج بطبيعة الحال عن عقيدته في التروي والتأني للمحافظة على شراكاته المتنوعة والمتجددة ضمن معادلته السياسية و مكاسبه، وتحديدا بما انجزته في ملف الصحراء المغربية، الذي ينتظر في نهاية هذا العام على الارجح قفزة للأمام كما تشير اليه سياقاته الأممية.