أكد مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأميركية، في مقابلة مع "العربية.نت"، أن العلاقة بين الولايات المتحدة وحكومة رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب تعتمد على مدى التزامه بالإصلاح وبمحاربة الفساد المستشري. وقال المسؤول: "سنرى ماذا سيفعلون. لقد مرروا الميزانية وهي مبينة على أرقام غير واقعية، وهم الآن يتفاوضون مع صندوق النقد القومي. والوضع مبكر للحكم عليها". وأضاف المسؤول أن الإدارة الأميركية تدرك أن هناك شريحة كبيرة في لبنان تعارض هذه الحكومة ولا تراها ممثلةً لها، كما لا تعتقد بأنها ستقوم بتحقيق المطالب التي أدت إلى خروج مئات الآلاف إلى الشارع في تشرين الأول الماضي.
"لم نتخل عن المتظاهرين"
وتابع: "نحن نقر بأن الوضع السياسي صعب، لذا هم بحاجة إلى إجماع. هناك تحديات اقتصادية ومالية جمة تواجه لبنان، فهناك قضية اليوروبوندز مثلاً، وموعد استحقاق سدادها في مارس/آذار المقبل، وكذلك هناك مسألة آلية العمل على المدى القريب، في مسائل مثل الميزانية وخفض الأسعار والعمل على استقرار الاقتصاد".
وعن المساعدات الأميركية للبنان واستعداد الإدارة الأميركية للتدخل مالياً لإنقاذ البلد من الانهيار، قال المسؤول: "هم يعرفون ما يجب أن يفعلوه من إصلاح اقتصادي حقيقي، وإن قاموا به فهذا سيفتح لهم أبواب المستثمرين الأميركيين والأوروبيين والدوليين".
يذكر أن بعض المراقبين أشاروا إلى أن الإدارة الأميركية لا تريد التدخل في لبنان، وبالتالي فهي لا تدعم المتظاهرين. وفي هذا الصدد قال المسؤول: "نحن لم نتخل عن المتظاهرين وحمايتهم من العنف، وهذا مطلب أميركي مهم. نحن على اتصال مع الجيش اللبناني ونشيد بدور القوات الأمنية في تقديم الحماية للمحتجين، لكن من المهم أن يستمر المتظاهرون بالضغط على الحكومة للاستجابة لمطالبهم، لكن بشكل سلمي. ومن المهم إجراء الإصلاح. وعلى كل جهة في لبنان أن تعمل على تحقيقه".
أما بالنسبة لطلب التدخل من جهات أجنبية في المسألة اللبنانية، فقد رأى المسؤول أن "لبنان، تاريخياً، يضم تيارات كثيرة تطلب تدخل قوى أجنبية. لكن على اللبنانيين إنقاذ أنفسهم"، مضيفاً: "نحن نقدم المساعدة، لكن على الحكومة اتخاذ قرارات صعبة".
عقوبات جديدة.. ولائحة طويلة
وعن العقوبات التي يمكن أن تُفرض على لبنانيين والتي يتم الحديث عنها كثيراً مؤخراً، كشف المسؤول أن هناك نقاشا حول فرض العقوبات، فهي تخضع للكثير من الاعتبارات، حسب تعبيره، مضيفاً: "لقد فرضنا عقوبات على مدى السنوات الخمس الماضية، ومنها العقوبات على مصرفين. لكن العقوبات التي فرضناها على مصرف جمال ترست بنك أتت بعد التخفيض الائتماني للبنك، وقد انتظرنا حتى لا يكون هناك تأثير لها (على الاقتصاد اللبناني)، وفُرضت العقوبات بعد ذلك. وقد عملنا معهم لعام وطلبنا توقيف ومراجعة بعض الحسابات، لكنهم لم يأخذوا الأمر على محمل الجد. وهم يتحملون المسؤولية. ونحن نعمل على إعادة أموال الأشخاص غير المتورطين. لكن العقوبات التي نفرضها على أفراد هي بسبب تورطهم في دعم حزب الله، أو بسبب تورطهم بالفساد وبسرقة أموال الشعب اللبناني". وتابع: "الشعب اللبناني غاضب جداً بسبب الفساد"، حسب ما قال المسؤول الذي أضاف: "أعتقد أنهم سيكونون سعداء بتلك العقوبات التي نفرضها على الذين يسرقون أموالهم وعلى الذين لا يدفعون الضرائب، أو على الذين لا يلتزمون بدفع التعريفات الجمركية، مثل حزب الله، حيث إن هؤلاء مساهمون في خلق الأزمة الاقتصادية" في لبنان. وأضاف المسؤول الرفيع المستوى: "أنا أنتظر عقوبات جديدة، لكنها تأخذ وقتاً لأنها تُراجع من قبل وزارة الخزانة والمحامين ووزارة الخارجية، ونحن نعمل عليها، وأتمنى لو كان لدينا عملية أسرع"، مشيراً إلى وجود "لائحة طويلة" قد تشملها العقوبات. وبالنسبة للأموال المهربة من لبنان إلى سويسرا، قال المسؤول إن هناك الكثير من الأفكار التي تُناقش حول هذا الموضوع، شارحاً أن الأزمة الاقتصادية أتت نتيجة سياسات اتُبعت منذ الحرب الأهلية في لبنان ونتيجة سرقات على مستوى عالٍ. وأضاف أن معظم هذه الأموال المسروقة من الأموال العامة في لبنان باتت في الخارج، وقد اقترح البعض على الإدارة الأميركية المساهمة في إعادتها. وختم المسؤول حديثه مع "العربية.نت" قائلاً: "نحن نتعاون مع بعض الجهات الدولية، وسيتم بحث موضوع إعادة الأموال المهربة" من لبنان للخارج.