التبويبات الأساسية

لم تنه لجنة المال والموازنة دراستها اقتراح قانون يرمي إلى إنشاء نظام التغطية الصحية الشاملة في ظل تباين وجهات نظر الوزراء من مدى أهمية هيئة إدارة النظام. وبينما يريد وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال غسان حاصباني تأليف لجنة خاصة في الوزارة لإدارة النظام، كان لافتاً تساؤل المعنيين في الضمان الاجتماعي ورئيس المجلس النيابي نبيه بري وعدد كبير من النواب حول مدى أهمية تأسيس منظمة جديدة أو نظام جديد، طالما أن هناك مؤسسة تدعى الضمان الاجتماعي يمكن أن يوسع إطار عملها لاستيعاب الـ المليون و800 ألف مواطن الذين لا يحظون بالتغطية الصحية.

في العام 2013، قدم النائب عاطف مجدلاني اقتراح قانون يرمي إلى إنشاء نظام التغطية الصحية الشاملة (مشروع البطاقة الصحية) لجميع الأشخاص الغير مستفيدين من تغطية إلزامية. ويشمل حالات المرض والأمومة غير الناتجة عن طارئ العمل. ويستفيد منه اللبنانيون الذين لا يستفيدون من أي نظام صحي إلزامي، وغير اللبنانيين المقيمين بصورة قانونية على أن لاتقل مدة إقامتهم عن سنة.

أنشأ الاقتراح في وزارة الصحة هيئة تسمى هيئة إدارة نظام التغطية الصحية الشاملة. تتمتع الهيئة بصلاحيات إدارية ومالية وخاصة ولا تعتبر من المؤسسات العامة أو المصالح المستقلة وتخضع لرقابة ديوان المحاسبة المؤخرة والتفتيش المالي ولمجلس الخدمة المدنية في ما يتعلق باستخدام العاملين وتتالف الهيئة من رئيس وخمسة أعضاء ومن أمانة سر تعاونها.

وسط ما تقدم، ناقشت اللجنة أمس برئاسة النائب ابراهيم كنعان في رأي الوزارات المعنية كافة التي طرحت خلال جلسات مجلس الوزراء. وعلى هذا الأساس اقترحت وزارة الصحة بعض التعديلات على اقتراح القانون، منها تاليف لجنة خاصة في الوزارة لإدارة النظام، وصولا إلى تقديم الخدمات الصحية إلى حزمة إلزامية تتضمن رزم صحية وأساسية ووقائية وعلاجية، وحزمة شاملة تتضمن الاستشفاء والوقاية والاكتشاف المبكر للامراض وغسل الكلى وتقديم الأدوية السرطانية المستعصية. وأفادت بضرورة استفادة اللبنانيين الذي لا يخضعون لأي نظام صحي إلزامي من الحزمة الشاملة واستفادة جميع اللنانيين من الحزمة الإلزامية.

وبينما حددت الوزارة قيمة ونسبة الاشتراك ومصادر التمويل، أشارت إلى إعفاء الذين يحملون بطاقة إعاقة والأشخاص الأكثر فقراً والمسنين ما فوق الـ64 من نسبة المساهمة. ووافقت على الأطباء والمؤسسات الطبية الذين يقدمون العناية الطبية بدلا من الهيئة .

اما وزارة العدل، فقد وافقت على اقتراح القانون لكنها أبدت بعض الملاحظات المتعلقة بضرورة أن يغطي النظام الحالات الناتجة عن طارئ عمل عندما لا يكون هذا الطارئ مشمولا بنظام آخر إلزامي وأنه لا يمكن تحميل خزينة الدولة اللبنانية ثقل الأجانب الموجودين على الأراضي اللبنانية ولا يجوز حرمان اللبنانيين من نظام البطاقة الصحية إذا وجدوا خارج الأراضي اللبنانية لمدة تزيد عن السنة إذا اثبتوا أنهم لا يستفيدون من نظام حماية صحية في مكان وجودهم أو إذا استمروا بتسديد اشتراكاتهم.

أما وزارة المال فسارعت إلى الافادة بعدم موافقتها على الاقتراح لأسباب تتصل، بحسب الوزارة، بأن النظام المقترح يشبه إلى حد بعيد نظام الضمان الاختياري في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذي يجب إعادة تفعيله وتوسيع دائرة الأشخاص الذين يحق لهم الانتساب إليه، فضلاً عن أن الاقتراح لم يرفق بدراسة مالية تقدرالقيمة المتوقعة للاعباء المالية، وهو يحتاج من ناحية أخرى إلى إعادة صياغة شاملة بحيث يتم مراعاة التسلسل والدقة والوضوح، معإشارة الوزارة إلى تناقض المادة الثانية مع المادة الثانية عشر في ما يتعلق بالعنايات الصحية. كما طرحت وزارة المال تساؤلا حول مصير معدمي الحال الذين لا يملكون كلفة الانتساب لا سيما أن المادة 28 نصت على أن تتوقف وزارة الصحة عن تقدديم الخدمات الصحية المشمولة بهذا النظام بعد ستة أشهر من تاريخ بدء تنفيذه. ولفتت وزارة الصحة إلى ضرورة الاستغناء عن هيئة إدارة النظام بوحدة إدارية تنشا في وزارة الصحة.

وكذلك كان ل‍مجلس الخدمة المدنية رأي في الاقتراح فأيد ما أدلت به وزارة المال لجهة ان النظام سيلقي أعباء مالية ضخمة ومتزايدة على كاهل الخزينة،وحصر حق الاستفادة من هذا النظام باللبنانيين فقط، معتبراً أن الأسباب الموجبة لانشاء النظام لا تبرر إنشاء هيئة إدارة نظام التغطية الصحية.

ولما كان من شأن المقترح أن يلغي دور وزارة الصحة في مجال الرعاية الصحية وان يثقل كاهل المواطن بتسديد اشتراكات ودفع ضرائب لا يتبين ما هو مطرحها الضريبي شروط استحقاقها إضافة إلى أن ربط هذه الهيئة بمرجعيتين مختلفتين سيعرقل سير الاعمال فيها مما سينعكس سلباً على القطاع الصحي في لبنان، في حين أنه يمكن الاستعاضة عنها بوحدة إدارية تنشأ في وزارة الصحة أو توسيع وتعزيز صلاحيات بعض الوحدات فيها بما يؤمن سير القطاع الصحي بأقل كلفة وأكثر فعالية وشمولا.
وعليه رأت وزارة العمل الموافقة على اقتراح القانون مع تعديل المادة الثالثة لتنص على أن يغطي نظام العناية الصحية في حالات المرض والأمومة بما فيها الناتجة عن طارئ العمل، لللبنانيين الذين لا يستفيدون من طوارئ العمل، وتعديل الفقرة الثانية من المادة الثانية لجهة أن يستفيد من هذا النظام شرائح أخرى من غير اللبنانيين في لبنان بصورة قانونية شرط أن لا يكونوا مستفيدين من أي نظام تامين صحي عام أو خاص.

وسط ما تقدم من تصور للوزارات المعنية فإن المهمة الأصعب تبقى في تأمين الموارد اللازمة للتمويل وفق المعايير العلمية، بما لا يرهق الخزينة ويؤمن الخدمة الصحية، وعلى هذا الأساس طلبت اللجنة من وزارتي الصحة والمال تزويدها بالكلفة الكاملة للبطاقة بالارقام في الجلسة المقبلة.

(هتاف دهام- لبنان 24)

صورة editor11

editor11