كتبت صحيفة " نداء الوطن " تقول : وكأنّ هذه الحكومة باتت تستسيغ مرمغة كرامتها وتستلذّ بالتشهير بها والتنمير عليها. الكل مُجمع على فشلها وهشاشتها وسذاجتها. "كلن يعني كلن"، في الداخل والخارج، أضحوا يتعاطون معها باعتبارها لزوم ما لا يلزم ضمن إطار مكملات المشهد الفولكلوري على مسرح هيكلية الدولة، ولم يعد يشفع لبقائها سوى كونها "آخر العنقود" في سلالة حكومات العهد العوني، فإن هو سقط أو أُسقط قد يتعذر على هذا العهد أن يجد بديلاً حكومياً مطواعاً يتعكّز عليه في آخر أيامه، سيّما وأنه لم يترك "له صاحب" لا في الشارع الثوري ولا في التركيبة الوطنية… ولا في القضاء، فما هي إلا ساعات معدودات من تعهد رئيس الجمهورية ميشال عون أمس الأول بأن يكون "مظلة واقية" للقضاة، حتى جاء ردّه مرسوم التشكيلات القضائية ليشكل "خرقاً دستورياً" لهذه المظلة، وفق ما وصفته مرجعية قضائية رفيعة أكدت لـ"نداء الوطن" أنّ خطوة عون هي بمثابة "سقطة دستورية لأنه لا يحق لرئيس الجمهورية رد مرسوم عادي ولا يملك إزاءه، وفق منطوق الدستور، سوى خيار من اثنين إما التوقيع أو عدم التوقيع"، مستغربةً هذه الجرأة في الإمعان بضرب استقلالية القضاء، ومعتبرةً أنّ "هذه الخطوة ستكون "علامة سوداء" في تاريخ عهد الرئيس عون، خصوصاً وأنّ أي رئيس جمهورية غيره لم يفعلها سوى الرئيس إميل لحود الذي أبقى على تشكيلات قضائية في الدرج الرئاسي".
وتبدي المرجعية القضائية الرفيعة أسفها للخيار الذي اتخذه عون في مواجهة التشكيلات القضائية، مشيرةً إلى أنه "من خلال ما قام به لم يعمد إلى تحدي سلطة القضاء وتقويض استقلاليتها فحسب، إنما ضرب أيضاً صلاحيات وزيرة العدل التي لها وحدها حق رد مرسوم التشكيلات القضائية ولمرة واحدة فقط، وهذا ما قامت به بالفعل، أما رئيس الجمهورية فيملك صلاحية التوقيع أو عدمه من دون التقيد بمهلة زمنية محددة، ربطاً بأنّ المشرّع لم يلحظ ربما فرضية إقدام الرئيس على عرقلة تشكيلات الجسم القضائي".
ورداً على سؤال، كشفت المرجعية القضائية أنّ "مجلس القضاء الأعلى بصدد إعداد ردّ دستوري على خطوة رئيس الجمهورية، وتحديداً على الملاحظات التي أوردها في بيانه، على أن يفنّد ردّه عليها ملاحظة ملاحظة"، نافيةً رداً على سؤال "ما يروّج له أو يشتهيه البعض"، من أنّ رئيس المجلس القاضي سهيل عبود ينوي الاستقالة، وأكدت أنه "باقٍ وهناك الكثير ليقوم به".
وبالعودة إلى مسلسل فضائح الحكومة، فالمشاركون فيها كما المعارضون لها، جعلوا منها "مضرب مثل" في الفشل والهزالة وتقاسم الحصص. فإلى كرة الغضب الشعبي المتدحرجة والمتنقلة بين المناطق تنديداً بها وآخرها قرابة منتصف الليل عند ساحة رياض الصلح، لم يكن ينقص حكومة حسان دياب سوى تشبيهها بتقمص أداء "القذافي" حسبما عبّر رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط متهكماً على أدائها، أما من داخلها فمسمار جديد دقّه رئيس "تيار المردة" في نعش مصداقيتها معلناً مقاطعة وزيريه جلستها اليوم في قصر بعبدا، لأنّ التعيينات المنوي إقرارها هي "صورة وقحة لمحاصصة المصالح الطائفية والمذهبية والشخصية". إذ إنّ جلسة بعبدا التي ستقرّ سلة تعيينات إدارية، سوف يُؤرَّخ لها بكل ما للكلمة من معنى، وقد يُطلق عليها مسمّى "جلسة محمد أبو حيدر" المعالج الفيزيائي المحسوب على الرئيس نبيه بري، الذي فرضت العجلة في تعيينه مديراً عاماً لوزارة الاقتصاد، تقديم ساعة انعقاد مجلس الوزراء 24 ساعة، لينعقد اليوم بدل الغد تاريخ ميلاد أبو حيدر، لأنه سيتخطى بحلوله السن القانونية التي تتيح تعيينه… نعم إلى هذا الدرك وصل استغباء عقول اللبنانيين في حكومة دياب، ولعلّ الأجدى بها أن تدرج على جدول أعمال جلسة اليوم بند "إطفاء شمعة" عيد أبو حيدر التاسع والثلاثين فور إقرار تعيينه، مع إبداء التمنيات بأن تكون "سنة حلوة على المدير".
وإلى التعيينات الأخرى المقسّمة مغانمها على المكونات الحكومية، طرأت معضلة جديدة كانت "نداء الوطن" قد تفردت بكشف النقاب عنها الأسبوع الفائت، وهي تلك التي تتمحور حول مسألة إصرار رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل على تعيين محافظ لمحافظة جبيل - كسروان في جلسة اليوم، "رغم أنها لم تدخل الملاك بعد"، حسبما نقلت مصادر مواكبة لـ"نداء الوطن"، موضحةً أنّ "باسيل استطاع أن يفرض على الحكومة تعيين سيدة من عكار من آل ديب قريبة من "التيار الوطني الحر" لهذا الموقع، في حين أنّ رئيس الحكومة حسان دياب، الذي بدا بالأمس منبوذاً من طائفته عبر مشهدية انعقاد المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى في دار الفتوى، بغيابه وبحضور الرئيس سعد الحريري شخصياً الاجتماع، فشل في مجرد طرح مرشح للمحافظة المستحدثة باعتبار أنّ جبيل كانت (وفق المعادلة التي أرست تعيين محافظ أرثوذكسي لبيروت) تابعة إدارياً لمحافظ جبل لبنان السنّي، وهذا ما سيشكل نقطة ضعف جديدة في سجله "السنيّ" لصالح استكمال مسار الرضوخ لرغبات باسيل في التعيينات، بعدما كان قد فشل سابقاً في تعيين مرشحته بترا خوري لمنصب محافظة بيروت. في حين أنّ المعلومات المتوافرة تفيد بأنه حاول خلال الأيام الأخيرة تعيين القاضي مروان عبود في محافظة جبيل - كسروان بدل محافظة بيروت، لكنه فشل في هذا الطرح أيضاً.
أما في جديد المعطيات عن كواليس اجتماع بعبدا المالي، فقد اختصرت مصادر مطلعة على مجريات هذا الاجتماع ما خلص إليه بأن الذي حصل، كان "بلفة مستشارين سيدفع ثمنها المودع اللبناني من جنى عمره"، إذ تؤكد أنه "لم يحصل أي اتفاق أو تفاهم حول الأرقام بين الحكومة والمصرف المركزي والمصارف"، ونقلت عن حاكم المصرف المركزي قوله خلال اجتماع بعبدا: "نحنا مش متفقين"، فكان الجواب: "روح فاوض هلق وقول نحنا رح ننطلق من هون"، مشددةً على أنّ "عقلية الاستخفاف بالمؤسسات الدولية لا تزال مستمرة وخصوصاً من خلال المقاربة الرسمية للمفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي"، كاشفةً في المقابل أنّ "معنيين في المؤسسات الدولية يدرسون حالياً ماهية الصلاحيات المنصوص عليها في الدستور اللبناني للفريق اللبناني الذي يفاوض صندوق النقد، لا سيما منه مجموعة المستشارين للحكومة".