التبويبات الأساسية

تحت عنوان " مسيحيو لبنان يواجهون الاختلال الديموغرافي بالتمسك بـ"الطائف" كتب نذير رضا في صحيفة "الشرق الأوسط" وقال: مبانٍ قليلة فقط ما زال يسكنها المسيحيون غرب طريق صيدا القديمة في منطقة الحدث في ضاحية بيروت الجنوبية، بعد رحيل المئات، وبيع نحو 60% من مساحتها للمسلمين الذين اتسع انتشارهم شرقاً خلال السنوات الماضية، على غرار عشرات المناطق الأخرى في جبل لبنان وغرب بيروت والجنوب والشمال والبقاع.

وتراجع الممتلكات ليس المتغيّر الوحيد الطارئ على واقع المسيحيين في البلاد، فقد تناقصت أعداد المسيحيين خلال السنوات السبعين الأخيرة على نحو قياسي، كما تراجعت ممتلكاتهم التي باعوا القسم الأكبر منها للمسلمين، وهو ما أثار مخاوف تهدد وجودهم، مع ظهور دراسات، تكشف عن الاختلال في الميزان الديموغرافي، وعن تراجع ملكية المسيحيين للعقارات، رغم أن الدستور اللبناني يكفل حق المسيحيين بالمناصفة في الحكم ووظائف الفئة الأولى، وهو النص الذي يراهن عليه المسيحيون كدرع حماية في وجه النزيف العددي، بالنظر إلى أن "الديمقراطية العددية" يرفضها السياسيون اللبنانيون المتمسكون بـ"الديمقراطية التوافقية".

وتجددت المخاوف أخيراً مع الكشف عن دراسة أجرتها «الدولية للمعلومات» خلصت إلى أن المسيحيين الذين كانوا يشكّلون في عام 1932 نحو 60% من سكان لبنان مقابل 40% من المسلمين، باتوا في عام 2018 30% فقط، بينما أصبح المسلمون 70%. وكشفت الدراسة أن عدد المسيحيين في لبنان يبلغ اليوم مليوناً و686 ألف نسمة، فيما يبلغ عدد المسلمين الشيعة مليوناً و734 ألف نسمة، وعدد المسلمين السنة مليوناً و721 ألف نسمة، أما عدد الدروز فيبلغ 295 ألفاً.

ويرفض المسيحيون إجراء إحصاءات في هذا الوضع السياسي "الدقيق" في لبنان، إذ يرى رئيس المجلس العام الماروني الوزير الأسبق وديع الخازن، أن الكشف عن أعداد المسلمين والمسيحيين "هو أمر مشبوه، وحق يُراد به باطل". وقال لـ"الشرق الأوسط": "حفاظاً على العيش المشترك ووحدة اللبنانيين وما أُقرّ في اتفاق الطائف وأصبح دستوراً للبلاد، من واجب المعنيين المناصفة بين المسلمين والمسيحيين".

ودعا إلى "العودة إلى جوهر اتفاق الطائف الذي يكرس المناصفة بين المسلمين والمسيحيين ومضامينه التي تكرس العيش المشترك بين اللبنانيين"، مطالباً بالمضي قدماً "من دون خلق حساسياتٍ لبنان في غنى عنها في هذه الظروف الخطيرة التي تمر بها المنطقة". وأكد "أننا لا نولي اهتماماً للإحصاءات بل لمضمون اتفاق الطائف". وتساءل مستنكراً: "هل نحن على أبواب حرب أهلية جديدة أم نحن في مسار تكريس الاستقرار والسلام وإيجاد السبل الكفيلة باستنهاض البلد؟".

وتوقف البعض عند توقيت الإحصائية التي أتت في ظل أزمة الفائزين في امتحانات مجلس الخدمة المدنية الذين يرفض "التيار الوطني الحر" التحاقهم بوظائفهم في القطاع العام بسبب الخلل في أعداد المسلمين والمسيحيين بينهم. لكن في المجمل، لم تشكل الدراسة مفاجأة كبيرة، إلا على مستوى تعداد سكان لبنان الذي يصل إلى 5.5 مليون نسمة. عدا ذلك، يرى اللبنانيون أن التفاوت في العدد متوقع.

ولا تقتصر المتغيرات في أوساط مسيحيي لبنان على تناقص الأعداد نتيجة موجات الهجرة المستمرة التي أنتجت نزيفاً ديموغرافياً. فقد تراجعت ممتلكاتهم منذ الستينات بنسبة تناهز 30% مما كانت عليه في الخمسينات، حسبما تقول مصادر سياسية مسيحية لـ"الشرق الأوسط". وتلفت إلى أن المسيحيين الذين هاجروا من لبنان يتخطى عددهم المسلمين، محذرةً من أنه "إذا بقي الوضع على ما هو عليه من توتر وشد حبال سياسي، فإننا نتخوف من موجة هجرة جديدة للمسيحيين".
لقراءة المقال كاملاً
اضغط هنا

المصدر: الشرق الأوسط

صورة editor14

editor14