كلمة نائب رئيس الإتحاد العمالي العام في لبنان السيد حسن فقيه
خلال انعقاد مؤتمر العمل العربي د (49)
القاهرة – 22 – 27 أيار 2023
معالي الوزير / حسن شحاته – وزير القوى العاملة بمصر - ممثل فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي،
معالي الأخ / فايز المطيري – مدير عام منظمة العمل العربية،
السادة في هيئة رئاسة المؤتمر،
السادة الوزراء ورؤساء وأعضاء الوفود المشاركة،
الأصدقاء والصديقات الضيوف والمراقبين،
ربما من حسن الحظّ أن ينعقد مؤتمرنا السنوي غداة اختتام مؤتمر القمة العربية الذي عُقد في مدينة جدّة السعودية قبل أيامٍ قليلة.
فهذه القمة في مقدماتها ومقرراتها والتمثيل الكامل لجميع أعضائها بما في ذلك استعادة سوريا الشقيقة لمكانها ومكانتها فيها، إنما جاءت لتضفي أجواء واعدة لتحقيق الأمن والسلام في المنطقة العربية وتتيح المجال للتنمية والتقدّم في بلداننا وتحلّ مكان الصراعات والحروب التي لم تجلب سوى الويلات على شعوبنا وأهلنا وتسدّ آفاق مستقبل أجيالنا، خصوصاً وأنّ هذه القمة جاءت بعد الإتفاق الإستراتيجي بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية في إيران برعاية ومواكبة من الدولة الصينية بعد تمهيد وجهودٍ حثيثة من المسؤولين في العراق وسلطنة عمان.
السيدات والسادة الأعزاء،
إنّ هذا الإنفتاح العربي البيني تجاه الآخر وبهذه الشفافية الصريحة سوف يسمح لاحقاً إن شاء الله بمعالجة الوضع المتفجر في السودان الشقيق وفي سائر البلدان العربية التي تعاني من انقسامات وتوترات أمنية وصعوبات اقتصادية.
ومن هذا المنطلق قرأنا بعناية وبدقة تقرير معالي المدير العام لمكتب العمل العربي من مقدمته الى أقسامه الأربعة الى الخاتمة والتوصيات الواردة فيه.
وفي هذا السياق، يهمنا أن نتقدّم بالشكر الصادق للمدير العام ولجهاز المنظمة وخبرائها وخبيراتها على المحاولات الحثيثة لمواكبة العصر في طرح موضوعات جديدة وجديّة على أطراف الإنتاج الذين تمثلهم هذه المنظمة.
وإذا كان الكتاب يُقرأ من عنوانه، فإنّ تقرير المدير العام يؤكّد على ذلك من خلال طرحه مسألة «الحوار الإجتماعي بين تحديات الحاضر وآفاق المستقبل».
إنّ هذا التقرير الشامل وتصنيفه لأسباب الأزمات يركّز في قسمه الرابع بشكلٍ خاص على ضرورة العمل باتجاه «عقد اجتماعي جديد وشامل: سبيلنا نحو مستقبل آمن وعادل».
السيدات والسادة الأعزاء،
إنّ لبنان الغارق في أزمة عميقة لم يشهدها في تاريخه القديم أو الحديث بسبب تحالف السلطة والمال والتركيبة الطائفية العقيمة على مدى أكثر من ثلاثة عقود، والتي انعكست بشكلٍ خاص على العاملين بأجر في القطاعين العام والخاص وكذلك العاملين فيث القطاع اللانظامي حيث أدّت هذه الأزمة الى وضع جميع تلك الفئات التي تتجاوز نسبتها الثمانين بالمئة دون خط الفقر، وطالت البطالة أكثر من خمسين بالمائة من الفئات الشابة إضافةً الى تجاوزها نسبة الخمسة والثلاثين في المائة من القادرين على العمل.
أمّا الأزمات الصحية والتربوية والمالية والنقدية وفي قطاعات الطاقة من كهرباء ونفط وفي قطاع النقل، فإنّ هذه الأزمات التي تثقل كاهل اللبنانيين، فضلاً عن الضغط الهائل الذي يشكّله وجود أكثر من مليوني نازح سوري على أرضه، وإضافةً الى عجز المؤسسات الرسمية الى إعادة إنتاج نفسها من رئاسة الجمهورية الى حكومةٍ كاملة الصلاحيات. إنّ كلّ ذلك، بات يهدد بشكلٍ واضح كل الكيان اللبناني من أساسه. ناهيك عن التهديدات التي يطلقها العدو الإسرائيلي تجاه بلدنا بعد الهزيمة المروعة التي لحقت به جرّاء وحدة الجيش والشعب والمقاومة في مثل هذه الأيام من عام 2000 حيث خرج مهزوماً وذليلاً وخاسراً.
السيدات والسادة،
لقد تابع الإتحاد العمالي العام كل هذه الأزمات وعمل جاهداً في سبيل التخفيف من وطأتها على الأجراء وعلى غالبية الشعب اللبناني وذلك من خلال الحوار مع ممثلي هيئات أصحاب العمل ونجح في أحياناً كثيرة في هذه العملية، لكنّ السباق بين انهيار العملة الوطنية في مواجهة العملات الأجنبية أدّى الى انعدام أي توازن على الإطلاق بين الأجور وكلفة المعيشة.
ومع ذلك، لا يزال الإتحاد العمالي العام في لبنان يؤمن بالحوار الإجتماعي وذلك ما يدركه ممثلي أصحاب العمل الجالسين معنا في هذا المؤتمر على مستوى المعالجات والأجور ودائماً برعاية معالي الوزير الصديق مصطفى بيرم الموجود بيننا اليوم.
إننا نعتقد بأنه لا حلّ للقضايا اللبنانية سوى بالتخفيف من علوّ الخطاب الطائفي أولاّ وإعادة الإعتبار لاستقلالية القضاء واحترام دستور «الطائف» الذي بات هو الدستور اللبناني وتمكين الناس من المساءلة والمحاسبة واستعادة أموالهم وودائعهم من المصارف والدولة والمصرف المركزي.
وأولاً وأخيراً، لا بدّ من الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة ذات صلاحيات دستورية كاملة تحمل مشروعاً إنقاذياً حقيقياً وتفتح النقاش مع الإتحاد العمالي العام ومع الجهات الأكثر تمثيلاً في المجتمع اللبناني نحو عقد اجتماعي جديد انطلاقاً من دعوة المدير العام لمكتب العمل العربي الذي ينطلق منه نقاشنا في هذه الدورة.
الأخوات والأخوة، الأصدقاء الأعزاء،
إننا في الاتحاد العمالي العام في لبنان نتقدّم بشكرنا لشعب مصر الشقيق وقيادتها وعمالها وجميع المسؤولين فيها وخاصةً في اتحاد عمال مصر على وقوفهم بجانب لبنان لتجاوز أزمته ولا سيما استضافتهم لهذه الدورة وعلى عمق العلاقة بين شعبينا وبلدينا.
ونتقدم بالشكر للعراق الشقيق على ما يقدمه من دعم نفطي للبنان لتجاوز ازمته.
ودائما نؤكّد كما على تضامننا مع شعب فلسطين وتضحياته وهنا لا بد أن نحيي عمال فلسطين وشعب فلسطين ومقاومته الباسلة.
كما نجدد موقفنا من ضرورة احترام وحدة الأراضي السورية ووضع حدّ للأزمة في كلً من السودان وليبيا واليمن واعتماد لغة الحوار والتفاهم وتغليب مصلحة البلد فوق المصالح الشخصية لتعود للامة العربية ازدهارها وتصدرها الأمم
وكذلك نؤكد على حق شعب مصر الشقيقة والسودان الشقيق في حصتهما الكاملة والغير منقوصة من مياه النيل فهو شريان الحياة بالنسبة لكلا البلدين الشقيقين.
ختاماً، إننا نرى في التوصيات الواردة في تقرير سعادة المدير العام قيمة مضافة في علاقات العمل العربية.
ونكرر الشكر على الجهود التي بذلت من قبل مُعدّيها، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.