التبويبات الأساسية

وجهٌ أكاديمي بارزٌ تميّز بحرصه الدائم على الجامعة اللبنانيّة وعمله المستمرّ لبقائها في المرتبة الأولى رغم تكاثر المعاهد والمؤسسات التعليمية الخاصة. في قلبه مرارةٌ كبيرةٌ على الواقع الإعلامي المرير الذي يعيشه لبنان والمنطقة، إنّما أمله كبيرٌ بأجيال الغد، فهو لا يألو جهدا ً لتوفير أفضل البرامج وأفضل الإمكانيّات لطلاب كليّته. مع مدير كليّة الإعلام في الجامعة اللبنانيّة الدكتور هاني صافي نفتح ملف الجامعة في ضوء الذبذبات الطائفية التي تعلو بين الحين والآخر، كما نتطرّق الى وضع الإعلام والمؤسسات الإعلامية ومعاناتها من خلال حوار صريح ٍ ننشر فيما يلي أبرز ما دار خلاله.

- بدايةً، كيف تقيمون وضع القطاع الإعلامي في لبنان اليوم؟
إنّ الإعلام يعكس صورة المجتمع إلى حدًّ بعيد، بمعنى أنّ هناك تفلّتاً ملحوظا ً في مسألة الضوابط، بحيث أن الغاية اليوم باتت تصبّ في خانة النفعيّة بعيدا ً عن أخلاقيّات المهنة الحقيقيّة. فعادةً يكون للإعلام رسالةً ساميةً تهدف لرفع مستوى الجمهور، إنّما ما يحدث في لبنان وعلى نطاق العالم العربي هو أننا نذهب باتجاه إرضاء الجماهير لتحقيق نسبة مشاهدة، إستماع أو قراءة مرتفعة. إنّما ذلك لا ينفي وجود بعض الإعلام الذي يلتزم بالمعايير الأخلاقية وبالآداب المهنية. أمام هذا الواقع، لا بدّ من العودة إلى الأسس، إذ ان هدف المؤسسات الإعلاميّة يتمحور حول الشهادة للحق ّ.

- هل من تقصير؟
لا شكّ ان هناك تقصيراً من الجهات المعنيّة، إنّما توجد أيضا ً ضوابط ٌ شخصيّة، فكلٌّ يعرف ماذا يكتب وماذا يصوّر، وهذه المسألة حساسّة للغاية وقد بات من الضروري معالجتها، وهذا نداءٌ أتوجه به من خلال مجلّتكم الكريمة إلى كلّ المعنيين بالموضوع سواء كانوا عاملين في القطاع الإعلامي أو يؤثرون في الرأي العام من خلال مواقعهم القيادية. ذلك أن تأثير الإعلام في الرأي العام او في صناعة الرأي العام هو موضوعٌ كبيرٌ وأساسيٌ جدّاً، حتى انّه يؤثر على الإتجاهات المعرفيّة والإتجاهات الإجتماعية - الإقتصادية في البلد. لذلك من المفترض أن يعي من يتعاطى في هذا الشأن حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه.

- برأيكم ما هي المشاكل التي تواجهها المؤسسات الإعلامية اليوم؟
لعلّ المشكلة الأولى والأهمّ تتعلّق بالشق المالي، ذلك أنّ سوق الإعلانات لا يكفي لتلبية كافة المؤسسات الإعلامية الموجودة في لبنان سواء كانت مرئية، الكترونية، مسموعة أو مكتوبة. والمشكلة تبدأ من هنا، حيث يضطر الإعلامي في أحيانٍ كثيرة إلى تلبية رغبات ربّ العمل أو صاحب المؤسسة من دون قناعة من أجل ضمان استمراريته في المؤسسة، خصوصا ً في ظلّ غياب النقابات والروابط والإتحادات بفعل ارتباطها بشبكة من المصالح السياسية والمالية التي عطّلت دورها .

- كيف تقيمون وضع كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية بالنسبة لباقي الجامعات ودور التعليم؟
كليّة الإعلام في الجامعة اللبنانيّة هي الأولى وتبقى الأولى لأسباب متعدّدة، أوّلها أن هذه الكليّةهي عريقة وليست طارئة على الساحة التربوية فهي صاحبة تاريخ مشّرف جدا ً، كما لها تاريخٌ في الدراسات وفي تطوير البرامج وفي العلاقة مع السوق، فضلا ً عن أن أساتذتها هم من حملة شهادة الدكتورا ما يميّزها عن باقي الكليّات حتى العريقة منها، هذا إضافةً إلى وجود مدربّين متخصصّين في الحقل الإعلامي لديهم خبرة تتجاوز الـ 20 سنة ينقلون حرفيّتهم للطلّاب على مستوى تطبيق النظريّات. إنّ هذه الكليّة موجودة منذ العام 1967 وقد واكبت أحداث لبنان وتطوير قطاعه الإعلامي، وهي نفسها قامت أكثر من مرّة ومازالت بتطوير برامجها ومناهجها وطرق تعليمها لتتماشى مع المتغيرات المعرفية والتكنولوجية وحاجات سوق العمل، مع التشديد على أن الجامعة اللبنانية لا تتوخّى الربح وهدفها ليس تجاريّا، إنّما تركزّ اهتمامها حصرا ً على الطالب وتعمل على رفع مستواه لما فيه مصلحة المجتمع.

- هل تقدّمون المساعدة في مجال توجيه الطلاّب لا سيما بعد تخرجهم؟
هذا الموضوع هو شائك، لأن الطلاّب عادة ما يصتدمون بعد تخرجّهم بواقع سوق العمل المقفل بوجههم، لذلك نحن نسعى منذ البداية إلى توجيههم ووضعهم في أجواء سوق العمل، فإذا أرادوا التخّصص في مجال إدراة المعلومات فإنّ نسبة التوظيف ستكون 100 %، وإذا ما رغبوا التخصصّ في العلاقات العامة فإن نسبة التوظيف تتراوح بين 70 الى 80 %، اما إذا أرادوا التخصّص في مجال الصحافة فإن نسبة التوظيف تتدنّى لتلامس 30 %. أما على صعيد توفير فرص عمل، فنحن نحاول مساعدتهم بمجهود فردي حيث نسخّر كافة اتصالاتنا ومعارفنا خدمةً للطلاب، ذلك أن أكثريّة العاملين في الحقل الإعلامي في لبنان هم من خريجّي الجامعة اللبنانيّة وهذا ما يستفيد منه طلابنا بالأكثر.

- ماذا عن التعيينات وموجة الإعتراضات الطائفية التي أثيرت مؤخراً؟
إن موجة الإعتراضات التي ظهرت مؤخراً أتت على خلفيّة تعيين مدير ٍ من المذهب السُني لكليّة العلوم الإجتماعية في زحلة كخلفٍ لمديرٍ مسيحيّ كاثوليكي، وهذه الإعتراضات كانت تطالب بتعيينات على أسسٍ طائفيّة فيما نحن رفضنا هذا الموضوع كليّا ً، على اعتبار أن التعيين يجب أن يأتي بناءً على أسس أكاديميّة بحت. غير أن مشكلة التوازن الطائفي مطروحة اليوم على صعيد أوسع، بمعنى ان التوازن يجب أن يكون على مجموع مدراء الجامعة اللبنانية وهذا هو المطلوب. أضف إلى ذلك، أنّ الخلل في التوازن موجودٌ على مستوى الإدارة المركزيّة للجامعة، حيث أن هناك 18 رئيس دائرة ومصلحة كانوا تاريخيا ً يتوزعون على أساس مناصفة بين المسيحيين والمسلمين، لكنّ هذا التوازن تعرّض للإختلال في مرحلة ما حيث بات هناك اليوم 6 مسيحييّن و12 مسلماً. مع الإشارة إلى أن الجامعة اللبنانية هي صورة مصغّرة عن المجتمع اللبناني، بمعنى أنّه حين يختلّ التوازن على مستوى البلد ينعكس ذلك حتما ً على هيكلية الجامعة، ففي فترة معيّنة كانت المرجعيّات المسيحّية عاجزة عن فرض وجودها على الساحة السياسية وبطبيعة الحال على مستوى الجامعة اللبنانيّة، اليوم نعمل لإعادة هذا التوازن كما أن رئيس الجامعة وعد بأنه سيعيد الأمور الى نصابها الطبيعي. كما أشير في هذا السياق الى وجود خللٍ كبيرٍ أيضا ً على مستوى المدربّين، حيث تمّ إدخال أعداد كبيرة من المدّربين من المذهب الشيعي دون سواهم في الفترة الأخيرة ما أدّى إلى حدوث خللٍ، وهو ما يتوّجب إصلاحه من خلال فتح الباب لتوظيف مدرّبين من بقيّة الطوائف لإعادة التوازن.

صورة editor11

editor11