بعد ان كثرت التوقعات واطلقت الاقاويل حول امكانية عقد مؤتمر روما 2 المخصص لدعم الجيش والقوى الامنية والعسكرية اللبنانية او عدمه، حسم السفير الايطالي ماسيمو ماروتي كما وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق هذا الجدل بالاعلان عن موعد المؤتمر رسميا وهو في الخامس عشر من اذار المقبل في روما، هذا المؤتمر المتوقع ان يحضره رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري على رأس وفد وزاري امني وعسكري كبير، يأمل منه الكثير من النتائج الايجابية وهو سيكون بمثابة تظاهرة دولية داعمة لامن واستقرار ونهضة لبنان لا سيما على صعيد تقديم المعدات والاليات العسكرية المتوقع منحها للمؤسسات الامنية والعسكرية اضافة الى تقديم برامج تدريبية متقدمة للقوى اللبنانية.
وكان عقد بدعوة من رئاسة مجلس الوزراء، وبرعاية مجموعة الدعم الدولية للبنان قبل ظهر امس في السراي الحكومي الاجتماع التحضيري للمؤتمر الوزاري الرفيع المستوى الذي سيعقد في روما لدعم الجيش والقوى الأمنية والعسكرية اللبنانية، بمشاركة وزيري الداخلية والبلديات نهاد المشنوق والدفاع يعقوب الصراف وسفراء وممثلين عن جامعة الدول العربية، الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي، اليونيفيل، الولايات المتحدة الأميركية، فرنسا، إيطاليا، مصر، قطر، الإمارات العربية المتحدة، الأرجنتين، أستراليا، البرازيل، الصين، الدنمارك، فنلندا، اليونان، الأردن، الكويت، هولندا، عُمان، رومانيا، السويد، تركيا، بريطانيا، الجزائر، أرمينيا، أستراليا، كندا، قبرص، ألمانيا، اليابان، كوريا، المغرب، النروج، روسيا، أسبانيا وسويسرا والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان وعدد كبير من ضباط قوى الامن الداخلي والجيش اللبناني والقوى الامنية وملحقين أمنيين وعسكريين.
في بداية الجلسة، جرى عرض للخطوط العريضة للخطة الخمسية التي سترفعها قوى الامن الداخلي الى مؤتمر روما ثم تحدث الوزير المشنوق فقال: «قلائل يعرفون ان قوى الأمن الداخلي واحدة من أعرق المؤسسات في لبنان. فقد دخلت مؤخرا عقدها الخامس بعد المئة، أي أنّها تكبر لبنان الكبير بأكثر من خمسين عاماً. لكن رغم ذلك فإنّ قوى الأمن لا تشيخ. هي تشبه لبنان، في الاستمرارية وفي الصمود وفي مواجهة جميع التحديات التي تعيشها البلاد منذ تأسيسها إلى يومنا هذا».
وأضاف: «لا ابالغ بالقول بأن في لبنان قصة نجاح حقيقيّة. هي قصة نجاح امنية، استطاعت تجنيب لبنان تمدد حرائق المنطقة، وما اكثرها، على الرغم من وجودنا على تماس مباشر مع الحروب والمشاريع التوسعية الإقليمية المحيطة بنا. وعلى الرغم ايضا من استضافة لبنان لمليون ونصف المليون نازح من جحيم الحرب السوريّة، ما حتّم علينا مواجهة تحدّيات امنيّة مستجدّة ومعقّدة. فخلال الاعوام الثلاثة الماضية فقط، استطاعت قوى الامن الداخلي توقيف اكثر من ثلاثمئة مشتبه به بجرم الارهاب وتفكيك اكثر من ستيّن خليّة ارهابيّة. والفضل الأوّل في ذلك يعود الى ضبّاط وعناصر مؤسّسة قوى الامن الداخلي، الذين يعملون ليلا نهارا كالمتطوّعين، من دون كلل او ملل، الى جانب رفاقهم في الجيش اللبناني والأمن العام، لحفظ امن وسلامة لبنان ومواطنيه. اما الفضل الثاني فيعود الى الرؤية الاستراتيجيّة التي عملت عليها وزارة الداخليّة منذ اربعة اعوام حتى اليوم، والتي قامت على مرتكزات ثلاث:
الاولى هي تعزيز التنسيق بين الاجهزة الامنية والجيش اللبناني. وقد نجحنا الى حد كبير في ذلك، لذا نستطيع اليوم ان نتكلم بكل ثقة عن عمليات مشتركة بين الاجهزة الامنية وعن تبادل المعلومات والخبرات في مكافحة الارهاب. وقد بدأ هذا التنسيق في عهد العماد جان قهوجي وهو مستمر مع العماد جوزيف عون.
الثانية قامت على تطوير القدرات التقنية والالكترونية. فالحرب على الارهاب في يومنا هي حرب عقول اكثر منها حرب عضلات. وها نحن اليوم نشهد على عمليات استباقية استثنائيّة لشعبة المعلومات من خلال التطوّر الالكتروني. وقد شهد اللبنانيون جميعا كشف عمليات خطيرة آخرها كشف محاولة الموساد الاسرائيلي اغتيال المسؤول في حركة حماس في صيدا بوقت قياسي لم يتجاوز 72 ساعة بالاضافة الى العملية النوعية للايقاع بمسؤول داعشي كبير في بيروت.
اما الثالثة فهي التدريب وتعزيز القدرات وتطويرها. فمعهد قوى الامن الداخلي اليوم اصبح مركزا متخصصا للتدريب ولبناء القدرات وهو يخدم قوى الامن الداخلي واجهزة امنية اخرى».
ان الخطّة الخمسّية هي في صلب سعينا لترسيخ مبدأ الدولة القويّة والقادرة، المحتكرة لقدرة ومشروعيّة استخدام القوّة على ارض لبنان. واذ نقدّمها لكم، نتطلّع الى اليوم الذي يصبح قيه السلاح غير الشرعي، كلّ السلاح غير الشرعي، بإمرة الدولة وحدها دون سواها. ونتطلّع ايضا الى اليوم الذي يعود فيه الجيش اللبناني الى ثكناته، متفرّغا للقيام بدوره المركزيّ في حماية حدود الوطن. وتبقى قوى الأمن الداخلي وحدها المسؤولة عن أمن كل لبناني ومقيم على الأراضي اللبنانية.
إننا نرى في مؤتمر روما فرصة تاريخية لوضع قواعد عمليّة للأمن في لبنان، نحصل فيها على احتياجاتنا العسكرية من أجل مستقبل آمن ليس للبنان فقط بل للعالم كلّه. إن شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي من أفضل الأجهزة الاستخبارية اللبنانية التي عملت لسنوات طويلة مضت، ومستمرة في التنسيق مع معظم الأجهزة المماثلة لعملها في مختلف دول العالم».
وختم قائلا: «اخيرا و ليس آخراً، فإنّ هذا العمل التأسيسّي المتكامل هو ثمرة تعاون مع عدد كبير من اصدقاء لبنان المانحين وعلى رأسهم المملكة المتحّدة، والذين نتطلّع الى مزيد من التعاون معهم في المستقبل القريب والبعيد. فالأمن والامان في لبنان، في ظلّ تحديّات الحروب المحيطة والارهاب المنتشر وازمة النازحين، مسؤوليّة لبنانيّة كما هي دوليّة، فتعالوا نذهب سويّا نحو مجتمع، وعالم، اكثر امانا».
المشنوق
ولدى مغادرته السراي الحكومي تحدث الوزير المشنوق عن غياب السفير السعودي فقال: هو موجود في المملكة، منذ ايام ولم يكن حاضرا، ولكن شارك في هذا الاجتماع كل من سفراء الكويت وعمان وقطر ومصر اي معظم التمثيل الدبلوماسي العربي كان موجودا.
سئل: هل ستشارك المملكة العربية السعودية في هذا المؤتمر علما انه قيل ان سبب تأجيل المؤتمر الى 15 آذار هو رفض بعض الدول العربية المشاركة فيه وعلى رأسها المملكة؟
اجاب: ليس هناك ايه دولة عربية رفضت، ربما قد تكون بعض الدول قد تمهلت في الاجابة ولكن لم ترفض اي دولة عربية الحضور.
وعما إذا كان مؤتمر روما سيؤكد على سياسة الناي بالنفس لدى الحكومة؟
اجاب: بالتأكيد سيكون هناك كلام سياسي، فنحن في الحكومة سياستنا واضحة واذا كان هناك من نقاش سيكون حول سياسة الحكومة لان النأي بالنفس يحتاج ايضا الى حماية امنية وقدرة للقوى الامنية بان تسيطر على كل الاراضي اللبنانية وهذا المؤتمر هو واحد من مؤتمرين سياسيين، اذ سيأتي بعده مؤتمر سيدر -1 الذي سيتم خلاله البحث بالشأن السياسي بشكل اوسع بكثير من مؤتمر روما.
ونصحت مصادر عسكرية لبنانية شاركت في الاجتماع الدولة اللبنانية بتخصيص موارد استثمارية خاصة لدعم كافة القوى الامنية لان هناك حاجة ملحة لاستمرار دعم هذه القوى ذاتيا، باعتبار ان الامن والاستقرار يبقى هو الاولوية لازدهار اي دولة في العالم.
وعلم ان وزارة الداخلية طلبت مساعدة دولية لتنفيذ الخطة الخمسية التي اقترحها وزير الداخلية بلغت قيمتها 600 مليون دولار مقسمة على خمس سنوات.