التبويبات الأساسية

ان الظروف الثقيلة التي تستعبدنا اليوم هي بدون شك لعنة الطائفية ومصالحها، وثمرة رواسب التاريخ المذهبي وتداعيات مؤتمر الطائف والطوائف. وليست حكمة إلهية لنستيقظ ونجسد اراداتنا الحضارية في مصارعة الضروريات وممارسة
المسؤوليات لإنقاذ شعب ووطن، انها للأسف الغريزة السياسية العمياء والمتحجرة، والتعصب الطائفي وميله الغريزي الى اخضاع الآخر لمنطق القوة وتحطيم كل ما يعاند إرادة هذه القوة الغاشمة، لذلك لو نرتقي إلى السماء الميتافيزيقية في أنفسنا لوجدنا الديكتاتورية وشعور التنافر الثقافي والاجتماعي موجودان فينا روحاً لا نظاماً. يدفعا بنا إلى السيطرة والهيمنة والاستبداد، حتى لو اقتضى ذلك منطق العنف والاقتتال المبني على هيكليات اقتصادية غايتها الربح والاستثمار الغير شرعي، وليس مبنياً على منطق العدالة والعيش المشترك والاعتراف بحرية وحقوق الآخر واحترام القانون وسيادة الوطن وكيانه.

بناء على ما ذكرت، أصبح حاضرنا مأساوياً، أحزابنا تعيش على كوكب مصالحها، والسياسيون يفتشون على مصيرهم من خلال التنجيم وقراءة فناجين القهوة، بينما شعوب العالم المتحضر متألم وحزين لمأساتنا ويهرول رؤساء الدول لمساعدتنا وانتشالنا من اشكال الصراع والإرباك بين الحياة والموت وكأننا لا حياة لمن تنادي..
لذلك اذ نعاني جمود الموت، نحن مدعوين أيها السياسيون الى تطوير الذهنية اللبنانية العامة والخاصة ليصبح كل لبناني متحرراً من عقال الطائفية وعبادة السياسيين والارتهان لمصالح الخارج، وقادراً على الاعتراف بوجود اللبناني الآخر وبحريته.
ان صراع الاحزاب الطائفية والعقائدية فيما بينها قد أعاق التفكير السياسي الوطني السليم، اذ تحوّلت هذه الأحزاب إلى كتل طائفية معاقة. فلبنان حقيقته هي من حقيقة السماء ووجوده سرمديّ، وهم يسيرون على أشلاء الوطن، فخدعوا أنفسهم، وكادوا أن يخسروه..

صورة editor3

editor3