التبويبات الأساسية

هي قضيّة شعبٍ رفض ويرفض الخضوع لحكم الظالمين مهما اشتدّ. هي قضيّة شعبٍ شرسٍ قاوم ويقاوم ليس دفاعا ً عن أبناء طائفته فحسب، بل دفاعا ًعن كلّ إنسان ٍ مظلومٍ في هذا الشرق المتالّم.. هي قضيّة شعبٍ حمل راية الحريّة وناضل على مدى سنوات للحفاظ على ما تبقّى من حضارة مشرقة في هذه الزاوية من العالم. إنّه تاريخ شعبٍ مليءٌ بالتضحيات، الإنكسارات والإنجازات يتجسدّ في حزب الإتحاد السرياني العالمي عبر فروعه المنتشرة في مختلف القارّات، مع رئيسه الأستاذ ابراهيم مراد نغوص في تحديّات المرحلة الحالية ونستشرف الآفاق المستقبليّة في ظلّ الموجة المتشدّدة التي تضرب المنطقة.

- في البداية كيف يعرّف ابراهيم مراد عن نفسه؟

أنا رئيس حزب الإتحاد السرياني العالمي. إنتُخبت لهذا المنصب في العام 2012، بحضور ممثلين عن كافة الأحزاب السريّانية المنتشرة في العالم والتي تنضوي تحت لواء مجلسنا العالمي الأعلى، وأيضاً بحضور ممثلّين عن الدولة اللبنانيّة ونوّابٍ ووزراء وممثلّي أحزابٍ وطوائف.

- ما هي رسالة حزبكم وما هي أهدافه؟

إن رسالة هذا الحزب تكمن في النضال عن حقوق الشعب السرياني أو المسيحي، وفي الدفاع عن قضيّة أيّ إنسان مضطّهد أو مغبون في هذا الشرق، حتى نتمكّن من العيش بمحبّة وسلام، وحتى نستطيع أن نعبّر، نحن كشعبٍ سرياني أصيل صاحب أقدم حضارةٍ في هذه الأرض، عن وجوده وحقوقه المهمّشة في ظلّ أنظمة ديكتاتوريّة ومجموعات دينيّة متطرفة تلغي الآخر. فنحن اليوم نناضل عسكريّا ً وسياسيّا ً في المناطق التي يوجد فيها حروبٍ من خلال أحزابنا المنتشرة في سوريا والعراق وأيضا ً من خلال قوّاتنا العسكريّة بهدف ترسيخ وجودنا ووجود الإنسان الحرّ في هذا الشرق. اليوم نحن في حلفٍ مع الأكراد والعرب وقوميّات أخرى تسعى لحريّة الشعوب حتى ننسى الماضي الأليم ونعيش بسلامٍ في ظلّ شرقٍ جديدٍ ديمقراطيٍ تعددّي فدرالي، لأنّه أساس الحريّة التي نسعى إليها.

- هل هذا الشرق المليء بالحروب مستعدّ برأيكم اليوم للنظام الفدرالي؟ وماذا عن لبنان؟

للحقيقية هناك دولٌ مثل العراق وسوريا تعيش الفدراليّة على أرض الواقع، لأنّه يستحيل على الدول المركزيّة التي حكمت بقبضة من حديد على مدى 50 سنة أن تستمرّ في الحكم اليوم بعد كلّ هذا الدمار الذي حصل ويحصل. أمّا بالنسبة للبنان، فنحن ننظر إلى الأمام، علماً إلى أن الفدراليّة كفكرة تُطّبق في بعض المناطق، هنا أعطي مثلاً عن إخوتنا الدروز في الجبل فهم عاشوا في ظلّ حكمٍ شبه فدرالي وقد نجحت التجربة أثناء فترة الحرب، من خلال إدارة ذاتية على المستوى المالي، الإداري، الإنمائي، الإقتصادي والسياسي، والأمر نفسه بالنسبة لإخوتنا الشيعة بحكم ثقلهم الديمغرافي والعسكري في مناطق معيّنة، لكن للأسف حينما يطرح المسيحيّون «الفدرالية» كنظامٍ سياسي يتعرضون لحملة تخوين لا تنتهي.

- هل تقولون ان النظام الفدرالي يطبق اليوم على أرض الواقع؟

طبعا،ً فكلّ الطوائف تعيش الفدراليّة على أرض الواقع من دون الإعتراف بها، إنّما يبقى أن يجلسوا سويّا ً ويتفقوا على إقرارها كنظامٍ سياسي. فالفدراليّة ليست تقسيما ً كما يحاول البعض تصويرها، بل هي أرقى نظام سياسي ممكن أن يعمل به في أرقى دول العالم كسويسرا وغيرها. اليوم، أنا كشخص سرياني القوميّة والهويّة وليس سرياني الكنيسة بالمعنى الديني للكلمة، لي حضارتي ولغتي وتاريخي المعروف وبالتالي لا يمكن أن يتمّ صبغي بالقوميّة العربيّة أو أي هويّة أخرى لا أمُتّ لها بصلة. من هنا، فإنّ الفدراليّة تحمي وتحفظ خصوصيّة جميع المكونّات، وتدفعنا باتجاه المنافسة الثقافيّة الإنمائيّة الراقية. هذا هو جوهر الفدرالية الحقيقي، التي تقوم أساسا ً على جيشٍ واحدٍ ودولةٍ واحدة. في لبنان يوجد اليوم مناصفة، وهناك مجموعةٌ تؤمن بهذه المناصفة ولا تعطي أهميّة للتفوّق العددي وهذه عقلية معتدلة تقدّر قيمة الآخر وتثمّن الشراكة معه، لكنّ ما الذي يضمن استمرار هذه العقلية مع تقدّم السنين؟ لذلك نحن نطرح النظام الأفضل للمحافظة على خصوصيّة المجموعات في لبنان من أجل الإبقاء على هذا النموذج الموزاييكي الفريد في هذا الشرق.

- بالعودة إلى الشأن الحزبي، هل من جهّات معيّنة تقوم بتمويل حزبكم، خصوصا أنّك ذكرت أن لكم أجنحة عسكرية تقاتل في سوريا والعراق؟

بالنسبة إلى موضوع التمويل، هناك إشتراكات دوريّة يدفعها الأعضاء المنتسبين، إنمّا لا تكفي بطبيعة الحال. نحن متواجدون في أوروبا وهذا أمرٌ معروف، وهناك مؤسسات تابعة لنا، كما يوجد لوبي سرياني يقوم بتمويلنا وتمويل مؤسساتنا الحزبية والعسكرية، بالإضافة إلى امتلاكنا لعددٍ من المشاريع الإقتصادية خارج لبنان، وأشير في هذا السياق إلى أن المجلس العسكري السرياني في سوريا ينضوي تحت قوات سوريا الديمقراطية المدعوم من التحالف الدولي الذي يساهم في عملية التمويل.

- إلى جانب من تقاتلون في سوريا، المعارضة أو النظام؟

نحن طرفٌ ثالثٌ، لسنا مع المعارضة كما أننا لسنا مع النظام. نحن معارضة ثالثة مستقلّة لها رؤيتها لسوريا، نحن اليوم بصدد محاربة المجموعات الإرهابية وقد قمنا بتحرير مناطق كبيرة، كما أننا نخوض آخر معركة مهمّة ضدّ داعش وتحديدا ً في مدينة الرقّة. لقد تمكنّا من تحرير جزءٍ كبير وسقط لنا عددٌ من الشهداء، وهذا فخر لنا، لأننا ننضال مع الآخرين من عربٍ وغيرهم ليس فقط لحماية السريان أوالمسيحيين إنّما دفاعا ً عن حريّة الشعوب وأخوّتها لأنّ الإرهاب لا يفرّق بين مسلمٍ ومسيحيٍ، بل يضرب كلّ مكوّنات الشعب السوري. على خطٍّ موازٍ، نحن طرحنا مشروعا ً متكاملا ً وهو مشروع الإتحاد الفدرالي الديمقراطي من أجل إرساء السلام في سوريا، وهو برأينا الحلّ الأمثل، إذ من الصعب جدّا ً بعد كلّ هذه الحروب والدماء، أن تقوم دولة مركزيّة ببسط سيطرتها على المحافظات الكبيرة، لذلك أنشأنا إدارات محليّة ومجالس مشتركة حتى نتمكّن من تسيير شؤون المواطنين في المناطق الخاضعة لسيطرتنا، مع الإشارة إلى أنّ للمرأة دورٌ بارزٌ فيها ولها 50% من المناصب، كما منعنا تعددّ الزوجات. وقد أظهرنا للجميع أن هذه المناطق هي الأكثر أمانا ً واستقرارا ً وثقافة ً.

- كيف تصفون علاقتكم مع الأحزاب اللبنانية؟

فرع لبنان له علاقاته وصداقاته مع كافة الأحزاب. في السابق كنّا جزءا ً ممّا كان يسمّى حلف 14 أذار، إنّما قبل أن يتوّقف نشاط هذه القوى، انسحبنا من دون إعلان هذا الإنسحاب لأننا لم نعد نلمس جديّة في العمل وطرح الأمور وأخذنا الخيار بالتقرّب من جميع الأطراف لنصلح المجتمع ونؤمّن الإستقرار السياسي والأمني. فاليوم بالنسبة لإشكاليّة سلاح حزب الله والتي كنّا نحن من أكثر المتشددين في هذا الموضوع، بات الجميع على يقين أنها مرتبطة بوضع إقليمي أكبر من لبنان، وكذلك الأمر فإنّ مسألة الأمن والإستقرار في لبنان ترتبط بالأوضاع في سوريا، من هذا المنطلق شاركنا في بعص المصالحات، وأبرزها المصالحة بين القوّات والتيّار وقد أجرينا إتصالات لهذه الغاية منذ العام 2013. ونحن نقول اليوم أن المصالحة يجب أن تشمل الجميع للمحافظة على القرار الدولي المتخذ حول لبنان والذي أبقى على استقراره السياسي والأمني.

- كيف تنظرون إلى مستقبلكم كجماعة سياسية في لبنان؟

نظرا ً لحملة الإضطهادات والمجازر التي تعرضّ لها شعبنا في هذا الشرق، أرضنا التاريخية، هاجرت أعدادا ً كبيرة من أبنائنا إلى أوروبا التي فتحت لنا أبوبها وقدّمت لنا جميع التسهيلات والخدمات التي مكنتّنا من التعبير عن وجودنا وحضاراتنا وكرامتنا. وقد تجمّع بعض السريان في مناطق ومدنٍ معيّنة كالسويد مثلا ًحيث يوجد لنا 6 نوّاب، و 3 فضائيّات بالإضافة إلى وزراء على قدرٍ من الأهميّة في مختلف دول أوروبا، وقد استطعنا تقوية اللوبي السرياني وقمنا بتسخيره في سبيل الدفاع عن قضيّتنا، وتعريف المحافل الدولية عليها. في لبنان للأسف نسمّى بالأقليّات علما ً انّه ومنذ أطلقنا الحزب في 2005 قمنا بإجراء إحصاءٍ شاملٍ كخطوة أولى حتى نظهر أننا لسنا أقليّات ولا يجب أن نكون من ضمن ما يسمّى بطائفة الأقليّات، وقد طالبنا برفع هذه التسمية العثمانية المعيبة، وأبرزنا حضورنا الذي يبلغ 30 ألف ناخب ما يعني أنّه يحقّ لنا بنائبين اثنين، إنّما للأسف لا يوجد اليوم أيّ نائب يمثلنا، هناك مقعدٌ لما يسمّونه بالأقليّات التي تشمل 6 طوائف، وكان متواجداً في دائرة بيروت الثالثة حيث لا حول لنا ولا قوّة. في القانون الجديد تمّ نقل هذا المقعد إلى دائرة بيروت الأولى، مع الإشارة إلى أننا قدّمنا اقتراحا ً عبر النائبين نبيل دو فريج وسامي الجميّل لرفع عدد النواب إلى 4 أو 6، وتلقيّنا وعودا ً إيجابيّة من كافة السياسين من دون إستثناء في هذا الشأن. ولكن للأسف لم يتحقّق أيّ شيء من تلك الوعود، فكلّ الذي حصل هو أنّه تم نقل مقعد الأقليّات إلى بيروت الأولى حيث تقرّر الأحزاب المسيحيّة الكبرى مرشحّيها ويكون المقعد من نصيبها وليس من نصيبنا. للأسف نرى أنّ نيّة التهميش لا تزال موجودة منذ عهد الإحتلال السوري الذي حاربناه بشراسة في لبنان، وكلّ الطبقات التي حكمت فيما بعد برضى السوريّين عمدت إلى تهميشنا. أمّا اليوم فنحن نحمّل مسؤولية هذا الواقع للأحزاب المسيحيّة بشكلٍ أساسي، ولا سيّما الأحزاب التي كنّا نحارب معها خلال فترة الحرب أي ما يعرف بأحزاب الجبهة اللبنانية.

- كلمة أخيرة....

في ختام هذا الحديث، نحن نقول لكم أنّ الإعلام الحقيقي هو رسالة مقدّسة ولا بدّ من ايصال رسالة الشعوب بكل شفافيّة وموضوعيّة، لأن رسالتكم تكمن في نشر رسالة الشعوب المظلومة.

صورة editor11

editor11