يعود إسم «سن الفيل» بحسب المراجع والكتب التاريخية إلى أصول سريانية «شان دافيلا» ويعني «لون العاج» نظراً إلى تُربتها البيضاء. إلا إنّ مصادر أخرى تُعيد الإسم إلى «تيوفيل» وهو قديس عاش حبيساً في الحقبة الصليبية فاشتقّ منها إسم البلدة.
ويقول رئيس بلديتها الأستاذ نبيل كحالة: «أيّاً يكن أصل الإسم، فسن الفيل بلدة عريقة في التاريخ. يدلّ على ذلك كنائسها الأثرية التي تشير إلى مرور «المردة» في تلك الأرض وإقامتهم فيها. ويَنسب إليهم المؤرّخون تأسيسها في أواخر القرن السابع للميلاد أي بعد الفتح الإسلامي حيث أرسلهم الملك قسطنطين الرابع إلى لبنان لمواجهة المدّ الإسلامي.
ويتابع خلال هذه الحقبة، بنى المردة كنيسة «سيدة البير» نسبة إلى البئر التي حفروه بجوارها. أقام الإرسلانيون في سن الفيل حيث بنى فيها الأمير إرسلان قلعة صغيرة. كما وهناك آثار أخرى تعود إلى عهود ما قبل الميلاد عُثر عليها خلال بعض أعمال الحفريات على أدوات تعود إلى العصر الحجري.
شهدت سن الفيل العديد من المعارك عبر هذه العصور، بدءاً بالمعارك بين المردة والإرسلانيين إلى المعارك في نهاية الحرب الأهلية بين عامي 1998 و1990 مروراً بالحرب العالمية الأولى حيث نالت سن الفيل نصيبها من الجوع والتشرّد وكان إبنها الخوري يوسف الحايك من اوائل الشهداء الذين أعدمهم جمال باشا عام 1915.
وبعد النكبة عام 1948، إستقبلت سن الفيل أعداداً كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين في مخيّم جسر الباشا كما تجمّعوا في مخيّم تلّ الزعتر في الدكوانة مما جعل سن الفيل تعاني الكثير مع بداية حرب 1975 بسبب هذين المخيّمَين. وعام 1976 لدى دخول قوات الرّدع العربية إلى لبنان، إتخذت القوات السورية من سن الفيل مقراً لها إلى أن غادرتها في العام 1980. وكانت البلدة في العام 1964 ،أي في عهد الرئيس الراحل شارل حلو الذي إختار سن الفيل مكاناً لإقامته، عرفت نهضة تجارية وعمرانية ومصرفية كبيرة.
تأسست أول بلدية في سن الفيل عام 1910 برئاسة الخوري يوسف الحايك وكان إسمها «كومسيون» وتُدير شؤون سن الفيل والدكوانة وبرج حمّود. في 22 آذار 1915، وبعدما اُعدم الخوري يوسف الحايك في ساحة المرجة بدمشق والذي كان من أوائل الشهداء في لبنان. نُقلت رفاته لمسقط رأسه سنة 1938. تَولّى الكومسيون، بعد وفاة الخوري يوسف الحايك، مُداورة بشارة الخوري ونقولا يوسف الحايك.
وفي العام 1938 أصبح لمنطقة سن الفيل بلدية مستقلة، تناوب على رئاستها كل من سليم زوين(1938 - 1952)، فايز يوسف شاوول(1952 - 1962)، حبيب حكيم(1963 - 1998). إستمر هذا الأخير في رئاسة البلدية حتى العام 1998 تاريخ اجراء الانتخابات البلدية التي اتت بالمحامي سامي شاوول رئيساً للمجلس البلدي (1998-2004).
تلتها إنتخابات 2004 التي فازت فيها لائحة الرئيس الحالي الأستاذ نبيل كحاله (2004 - 2010) وما زال حتى تاريخ اليوم. وبعد إنتهاء الحرب بدأت سن الفيل تَنفُض عنها غبار المعارك وتسير نحو الإزدهار خصوصاً بعد الانتخابات البلدية عام 1998.
واليوم وبفضل مجلسها البلدي أَضحت «مدينة نموذجية في كلّ شيئ» كما يَصِفُها رئيس البلدية الأستاذ نبيل كحالة، فيها كبار المؤسسات الإقتصادية (الشركات التجارية، المصارف،...) والمشاريع السياحية الضخمة (الفنادق والأسواق التجارية الكبرى)، إضافة إلى المؤسسات الصحية والإجتماعية (المستشفيات الكبرى، المستوصفات الطبية، الجمعيات الأهلية) والمؤسسات التربوية(الجامعات الخاصة والرسمية، المدارس الخاصة والرسمية، المعاهد،...).
وها هي سن الفيل اليوم حزينة على ما يجري في الوطن وفي معرض حديثنا مع الأستاذ نبيل كحالة يقول: لقد مرت الأعياد خجولة ولم نكن مرتاحين جراء ما آلت إليه الأمور في وطننا فالشعب اللبناني شعب يعشق ثقافة الحياة والحياة بحد ذاتها، ولا يستحق كل هذا الظلم والأجحاف، الجميع معتاد فترة عيد الميلاد أن تكون بلدتنا كالعروس المزينة بإنتظار عريسها وهذه السنة إستقبلنا طفل المغارة بزينة شبه رمزية، نظراً للظروف الراهنة الذي يمر بها البلد. نأمل في هذا العام أن يخرج لبنان من هذا النفق المظلم وتكون سنة خير على شعبه المناضل المؤمن بالتغيير.