نشرت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية مقال رأي لكبير الباحثين المقيمين في معهد دول الخليج العربي في واشنطن، حسين إيبيش، لم يستبعد فيه أن يدفع اليأس باللبنانيين إلى تنفيذ الإصلاحات الضرورية، مشيراً إلى أنّ التغيير على المستوييْن الاقتصادي والسياسي ممكن، إذا ما تمسك المانحون الدوليون بشروطهم لإنقاذ البلاد.
وفي ظل انقسام اللبنانيين حول سداد استحقاق الـ"يوروبوندز" في آذار وحالة الترقب التي يعيشها اللبنانيون بانتظار مشورة صندوق النقد الدولي، اعتبر إيبيش أنّ حاجة لبنان الماسة إلى الحصول على حزمة إنقاذ، إلى جانب التحركات الشعبية في الشارع، قد تؤدي أخيراً إلى إصلاحات اقتصادية وسياسية هامة، مشيراً إلى أنّ الجميع بات يدرك أنّ الأزمتيْن الاقتصادية والسياسية تتقاطعان.
وفيما ذكّر إيبيش بدعوة كبير مسؤولي البنك الدولي لشؤون الشرق الأوسط، فريد بلحاج، المسؤولين اللبنانيين بضرورة إجراء إصلاحات، لفت إلى أنّ التحركات الشعبية الواسعة التي انطلقت في تشرين الأول تمحورت حول التظلمات الاجتماعية-السياسية، وسرعان ما تطورت إلى رفض للنخبة السياسية برمتها. ورأى إيبيش أنّه يتعين اليوم ترقب خطوات الحركة الاحتجاجية بعدما تقلّصت رقعتها وخفّت حدّتها لمعرفة ما إذا كانت تنحسر فعلاً أو ستعيد تجميع قواها لتقوم بتحرّك كبير آخر في سبيل تنفيذ الإصلاحات السياسية.
في هذا الصدد، تطرّق إيبيش إلى الحكومة الجديدة برئاسة حسان دياب، قائلاً إنّ هامش تحرّك دياب، "وهو حليف حزب الله"، ضيق. وأوضح أنّ الدول الخليجية "تجاهلته"، لافتاً إلى أنّ قطر- وحدها- وافقت على استقباله. وتابع إيبيش قائلاً إنّ الدول العربية الأخرى أوضحت أنّها غير مهتمة بدعم حكومة تألّفت إذعاناً لـ"حزب الله"، على حدّ اعتقادها.
إيبيش الذي تحدّث عن الأزمة الاقتصادية وحذّر من تدهور إضافي بسعر صرف الليرة مقابل الدولار، قال إنّ دياب يدرك أنّ حزمة الإنقاذ الدولية تُعدّ وحدها القادرة على إخراج لبنان من هذه الفوضى، مستدركاً: "إلاّ أنّ الغرب والدول الخليجية وحتى المؤسسات المتعددة الأطراف، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي أوضحت أنّها لن تقدم على إنقاذ لبنان، ما لم ينفّذ إصلاحات اقتصادية جوهرية ومؤلمة – بما فيها خفض سعر صرف الليرة وخفض الدعم المقدّم لعدد من القطاعات وخفض عدد موظفي القطاع العام وملاحقة الفاسدين". وفي تعليقه، اعتبر إيبيش أنّ هذا كلّه يشمل حصول تغيير سياسي أيضاً.
ومن أجل الحصول على دعم طويل الأمد، قال إيبيش إنّ دياب سيتعرّض لضغوط لتطبيق سياسة النأي بالنفس التي عجز أسلافه عن الالتزام بها لسنوات خلت، معتبراً أنّ هذه الخطوة تعني تخلي "حزب الله" المدعوم إيرانياً عن أدواره في سوريا والعراق واليمن. وانطلاقاً من هذه الوقائع، تساءل إيبيش: "ولكن من سيخاطر بنفسه؟"، مشيراً إلى أنّ "حزب الله" أسدل الستار مطلع الأسبوع الفائت عن تمثال لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، اللواء قاسم سليماني. وهو تمثال يرمز إلى "سطوة" "حزب الله" وسطوة إيران على لبنان، بحسب تعبير إيبيش.
وتابع إيبيش أنّه يتعيّن على دياب المسارعة إلى تنفيذ الإصلاحات التي طلبتها الدول المانحة، إذا ما أراد الحصول على دعمها، مسلطاً الضوء على خفض حجم الدين العام وإنهاء نهب المال العام على يد النخبة السياسية.
وكتب إيبيش قائلاً: "وفي حال صمّمت الطبقة السياسية اللبنانية على إبقاء التغييرات عند حدودها الدنيا من أجل تأمين الدعم الدولي، يستيطع المانحون، إذا ما ظلوا متمسكين بمطالبتهم بإجراء إصلاحات، البدء بالضغط على التركيبة السياسية المتحجرة في سبيل التغيير".
وهنا تحدّث إيبيش عن ضرورة مواصلة المحتجين ضغطهم، خالصاً إلى القول: "إذا كان اجتماع الضغط الداخلي والدولي في سياق الانهيار الاقتصادي الناشيء غير كافٍ لفرض تغيير واسع على لبنان، فإنّه من الصعب تخيّل العوامل الممكن أن تؤدي إلى ذلك".
المصدر: ترجمة "لبنان 24" - Bloomberg