افتتح اليوم "المؤتمر الدولي الثامن لضمان جودة التعليم العالي"، في الجامعة اللبنانية الدولية، برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ممثلا برئيس فرع الأمانة العامة في القصر الجمهوري عدنان نصار، وفي حضور ممثل رئيس مجلس النواب نبيه بري المدير العام نقولا منسى، وممثل مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان القاضي عبدالرحمن شرقية، والامين العام لاتحاد الجامعات العربية الدكتور سلطار ابو عرابي العدوان، وشخصيات.
وألقى رئيس المؤتم الوزير السابق عبدالرحيم مراد كلمة، وقال: "إن تجربة ربع القرن الأخير بوجه خاص، طرحت على نحو حاد ومفاجئ إلى حد ما موضوع التعليم العالي، وأهمية العناية بتطويره جذريا، من أجل مواجهة الطلب المتزايد عليه من جهة، ومن أجل جعله قادرا على مواكبة الانقلابات الكبرى التي تتم في العصر، لا عن طريق الاستجابة لها فحسب، بل ليكون له في توجيهها الوجهة الإنسانية الصحيحة، الشأن الجدير به، ولا سيما أن مسيرة هذا التعليم العالي أخذت تجد في الخطى، وأن عدد مرتاديه في ازدياد سريع، وفي هذا السياق فإن الجامعة اللبنانية الدولية في البقاع، جاءت نتيجة حاجة الشباب المتزايدة الى الانخراط في مسيرة إكمال الدراسة الجامعية، ووفرت عليهم الانتقال إلى العاصمة، وتحمل أعباء السكن ومصاريفه، وأتاحت للفتيات الالتحاق بها قرب أهلهم، مما ساهم في تغيير البنية الاجتماعية والثقافية في هذا الريف، حيث لا يخلو بيت من متخرجين أو متخرجات، كان يمكن أن يمتهنوا البطالة أو الهجرة".
وأشار الى أن "كل شيء في التعليم العالي - وسواه - مرتبط بعضه ببعض، ونظام التعليم العالي جزء من نظام تربوي شامل، بل هو فوق هذا وقبله جزء من نظام اجتماعي شامل، ولن يصلح الجزء إلا بصلاح الكل، والنظام الاجتماعي الشامل بدوره في أي بلد، تتقاذفه رياح التحديات العالمية، المتناقضة في آثارها، ويخضع لتغيرات في كل الميادين، تحمل بذور العطاء، كما تحمل المخاطر بل الشرور وتضم هذه التحولات المتناقضة ميادين كثيرة، وثيقة الصلة بالتعليم العالي، منها عولمة الاقتصاد، وطغيان وسائل الاتصال والمعلومات بمساوئها ومحاسنها، والتحول العميق الذي يطرأ على ظواهر هجرة القوى العاملة، نتيجة انتقال مواقع الشركات الكبرى، ونتيجة غلبة اقتصاد السوق بوجه عام، والاعتماد على العاملين ذوي المؤهلات المحدودة، والهجرة المتزايدة للعاملين ذوي المؤهلات الرفيعة، والآثار التي يمليها، ولا سيما في البلدان النامية، والآثار التي تولدها الثقافات المتقدمة والتطور العلمي الرفيع حيث يولدان في كثير من الأحوال، جزرا من الحداثة في بحر الفقر، ومحاسن ومساوىء الاتصال عن طريق الصورة، ولا سيما التلفزيون وسائر وسائل الإتصال الحديثة، ومخاطرها الثقافية والخرائب التي يحدثها التقدم في حياة البيئة".
اضاف: "من هنا ينبغي أن تتحول مؤسسات التعليم العالي إلى مؤسسات تعليم مستمر لتلبية حاجات المجتمع وحاجات العمالة المتجددة دوما، كما ينبغي مساهمة جميع المعنيين بالتعليم العالي، في تطويره وتجديده وتمويله، وتيسير تبادل الخبرات على المستويات الإقليمية والعالمية، بحثا عن التقاط المعرفة أنى وجدت، وعن إخصابها عن طريق الحوار والتفاعل والتعاون. كما ينبغي إعادة النظر في سائر مراحل التعليم ما قبل الجامعي، بحيث تصبح مؤهلة لضخ الطاقات، لتأمين مطالب التعليم العالي المتجددة الجوانب. والأهم من كل ذلك تأمين الإمكانات اللازمة للبحوث، ولا سيما عن طريق المشاركة بين مؤسسات التعليم العالي المحلية والإقليمية والعالمية".
وأكد أن "البحث عن الجودة والنوعية وتحقيقهما، يسهم في حل المشكلات العالمية الكبرى، إقليمية كانت أم محلية أم دولية، (كالفقر والجوع والأمية، وتزايد الفروق الطبيعية والبطالة والتهميش وتلوث البيئة).
وختم: "عليكم تعقد الآمال الكبار، في بلوغ ما ترنو إليه جودة التعليم، ونطمح أن يعود لبنان إلى دوره في الريادة الثقافية والعلمية، وسنعمل بإذن الله ليكون كذلك، فهو عبر التاريخ مصدر الحرف ومركز الإشعاع، ونبض الأمة المتفاعل مع كل قضاياها المحقة، وفي طليعتها قضية فلسطين المغتصبة، التي نأمل أن يكون لها الحضور الأكبر في توجيه شبابنا الجامعي، إلى التمسك بها والدفاع عنها وعن المقدسات الاسلامية والمسيحية فيها، على أمل أن يعقد المؤتمر القادم على أرضها الحبيبة".