انتهى اليوم في ٢٣ أيلول ٢٠٢١ الإضراب المفتوح الذي بدأته نقابة المحامين على مراحل بدءاً من أواخر شهر أيار الماضي وحتى اليوم، ليسجل لمحامي تحالف متحدون وكل المحامين يتقدمهم المحامي رامي علّيق أنهم ألزموا الأجهزة الأمنية على احترام قانون مهنتهم، والتعاطي كما يقتضيه معهم، إنما في المقلب الآخر، لم يذهب نقيب المحامين في بيروت الدكتور ملحم خلف إلى مكاشفة أبناء النقابة بالنتائج الحقيقية المحصلة تجاه الأهداف التي من المفترض أنها أسباب الإضراب في الأساس. فما صدر عن النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات حول حصانة المحامين هو قانوناً حقهم والذي حدث حقيقة هو "عطيانهم من كيسهم"، فقانون تنظيم مهنة المحاماة بوصفه قانوناً خاصاً يعطي المحامي حصانة في استجوابه وتوقيفه ممرها الإلزامي نقابة المحامين، فما الجديد الذي أتى به عويدات في تعميمه اليوم وكان يكفي وبمحبة أن يطلب إلى الأجهزة الالتزام بالقانون، ألهم إذا كانت كلمته قد أصبحت هي القانون.
أما الهدف الأهم الذي من أجله بدأ الإضراب أي رفع شعار استقلالية القضاء واحترام القضاة لصلاحيات نقابة المحامين فيبقى معلقاً حتى إشعار آخر ولا يكفي لتحقيقه بيانات منمقة الصياغة والكلمات.
ويهم تحالف متحدون هنا توضيح مجموعة أمور:
1. فك الإضراب بادرة حسنة وباتت مطلوبة مراعاة لوضع الزملاء مع الإشارة الى أنه كان يمكن تحصيل جدوى أكبر منه.
2. التأكيد على أن التعديات التي تعرض لها المحامون وآخرها كان توقيف المحامي رامي علّيق واعتقاله لاحقاً دون مراجعة النقابة من قبل شعبة المعلومات وخلال توجهه لمقابلة نقيب المحامين، هي القضايا التي فجرّت ملف الاعتداءات على أصحاب المهنة وحركت المياه الراكدة في النقابة ويجب متابعة آثارها غير المقبولة على المحامين ووضع حد لها.
3. القرار الذي صدر عن قاضي التحقيق الأول في بيروت أسعد بيرم في ٣١ أيار ٢٠٢١ وقضى بمنع علّيق من ممارسة المهنة ودخول قصور العدل لمدة شهرين وهذا من صلاحية مجلس النقابة حصراً، فينبغي متابعة مفاعيل القرار الذي أدى إلى انتفاضة المحامين وأعلنت النقابة على اثره رفضها التعديات على صلاحياتها وبدأت إضرابها التحذيري مطالبة باستقلالية القضاء واحترام المحامين.
4. جاء إضراب النقابة المفتوح بعد عدم مراعاة مطالبها في حزيران ٢.٢١.
5. وفود من المحامين أتت وأخرى ذهبت وسجالات دخلها النقيب حرصاً على المهنة حسب قوله، دون اعتذار من المحامين المعتدى عليهم، فهل أراد النقيب الإفادة الشخصية من الاعتداءات على المحامين لا العدالة، وسط عدم الوصول إلى نتيجة تجاه احترام القضاة لصلاحيات النقابة؟
6. ومع دعم الإضراب في حينه، تمت مطالبة النقيب أكثر من مرة، بمصارحة المحامين وبتقييم جدوى الإضراب، ففي حال هناك نتائج فلنتابع وفي حال فشل الخطوة يمكن اتخاذ خطوات أمضى وأقسى، وبقي كل ذلك دون جواب.
إن استقلالية القضاء هي من طبيعة الأنظمة الديمقراطية، ولا تحتاج إلى قوننة فقط بل إلى تطبيق القانون والعدالة،
فهل المحامين يمكنهم حمل لواء هذه المعركة والبدء من نقابتهم لاستعادة ما فقد خلال سنوات؟
وهل يمكنهم رفض سلوك هذا النقيب وغيره ووضع كل الملفات "فوق الطاولة" بدءاً من ملف التأمين الصحي مروراً بوقف التذرع بسرية المذاكرة لإمكانية المحاسبة وصولاً إلى غياب دور النقابة الفاعل على المستوى العام؟
هل يمكنهم الخروج من اصطفافاتهم في محاربة الفساد ومواجهة الفاسدين مهما علا شأنهم ومهما كان انتماؤهم السياسي والطائفي؟
فإما أن تكون هذه المهنة سامية وتأخذ مكانتها الحقيقية وتتشبث بالعدالة والقانون وإلا فإن بناء الدولة سيبقى أضغاث محاولات، سيما أن المحامي علّيق قد تلقى تواً رفض النقيب إعطاءه ومحامين آخرين قاعة من قاعات نقابتهم لمناقشة الشأن الانتخابي، والخوف أن تكون النقابة قد تحولت إلى كانتونات لعدد من المحظيين من أهل الساسة، على أن يصدر موقف إزاء الرفض الانتقائي والمؤسف لا بل المعيب اليوم.