أحيا مشروع "كتابي" الممول من "الوكالة الاميركية للتنمية بـ"يوم القرائية باللغة العربية" باحتفال مع القطاع العام للتربية في لبنان، برعاية وزير التربية والتعليم العالي اكرم شهيب وبالتعاون مع المديرية العامة للتربية والمركز التربوي للبحوث والانماء.
حضر الاحتفال الذي أقيم في فندق "هيلتون بيروت متروبوليتان بالاس"، هيلدا خوري ممثلة وزير التربية والتعليم العالي أكرم شهيب، مدير عام المكتبة الوطنية حسان عكره، رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء ندى عويجان، مديرة "الوكالة الأميركية للتنمية الدولية" الدكتورة آن باترسون، مديرة مشروع "كتابي" بوليت عساف، وأكثر من 600 مشاركا من مديري المدارس الرسمية ومنسقي اللغة العربية ومرشدي ومدربي اللغة العربية، ومعلمين ومعلمات.
عساف
بداية كانت كلمة مديرة المشروع عساف، قالت فيها: يسرنا ويشرفنا أن نجتمع بكم اليوم في "يوم القرائية باللغة العربية" Arabic Literacy Day. نلتقي اليوم للاضاءة على جهود ونجاحات ما كانت لتحصل لولا دعم وزارة التربية والتعليم العالي التي لطالما حضنت كل المبادرات والخطوات التي تخدم المدرسة الرسمية وأساتذتها وتلامذتها والتعليم في لبنان بشكل عام، ولولا المثابرة والعمل الدؤوب الذي قام به مديري المدارس ومدرسي اللغة العربية. لكم منا خالص التقدير والتحية، ونحن مؤمنون أنكم أنتم عماد النجاح لأي مشروع ولأي عمل يخص تطور وتقدم المدرسة الرسمية".
اضافت: "لا تحتاج القراءة الى مناصر ليؤكد محوريتها في عملية التعلم واكتساب المهارات والمعارف. فالقراءة ليست فقط مدخلا للاطلاع على كل ما هو متاح من علم ومعلومات، إنما هي أيضا ركن أساسي في بناء الشخصية التعلمية، ومرحلة التماس الأول مع عمليات ذهنية أساسية مثل المعالجة الصوتية والوعي النحوي والذاكرة العاملة، والتي لها ما لها من أثر في اكتساب المهارات الذهنية الضرورية لتعلم المواد الأخرى. هناك تصاعد مضطرد في كمية الجهد البحثي في مجال القراءة والإستثمار في تطوير أدوات تعليمها، لما لها من أهمية في اكتساب المعارف في غير مجال تعلم اللغة. وهناك ارتباط وثيق بين إلمام التلاميذ بالقراءة، وقدرتهم على التحصيل في كافة المواد الأخرى، وبالتالي بقائهم في المدرسة".
وأعلنت انه "منذ اليوم الأول في مشروع "كتابي"، الذي تديره موسسة "وورلد ليرننغ"، وتتشارك في تنفيذه مع جمعية "أنا أقرأ"، وشركة MSI ومنظمة "أمديست"، والذي يهدف الى تحسين مخرجات القراءة لدى تلاميذ المدرسة الرسمية، وتعزيز قدرتهم على الوصول الى التعليم، وضعنا نصب أعيننا تحديا، كان بمثابة المهمة، ولم ننكفىء عن العمل من أجل اتمامه، وهو بناء البيئة الممكنة التي ستسهم في تكريس نتائج المشروع واستدامة أثره الإيجابي، الذي بدأت ثماره تبرز بشكل واضح، وباعتراف كل المعنيين. وفي سبيل ذلك عمل فريق عمل مشروع "كتابي" على بناء الأرضية والبنى التحتية الضرورية من أجل استمرار وازدهار وتطور العمل بالمفاهيم والمقاربات والأدوات، التي تم تطويرها ضمن المشروع بشكل تشاركي بالكامل مع المديرية العامة للتربية والمركز التربوي للبحوث والإنماء".
كما اشارت الى انه "منذ اليوم الأول انكبت المؤسسة بالتعاون مع شركائها في المشروع على البحث عن الممارسات الفضلى في شتى المجالات المرتبطة بتعليم القراءة، وخصوصا في مجال تسهيل وتطوير إدارة العملية التعلمية. وتم استقطاب الخبرات وتطوير المواد التدريبية والكتيبات الارشادية. كما عمل المشروع على بناء نموذج متكامل وقابل للتعميم، وشرع في تدريب الفوج الأول من التربويين، في مواقع مختلفة، ليقوموا بدورهم في ما بعد بتعميم هذه المهارات والمعارف. وقد نجح المشروع في بناء الروح التضامنية بين كافة المعنيين، والتي نأمل أن تكون هذه المناسبة فرصة لتكريسها، وتعزيزها، والبناء عليها".
وأملت "أن يكون اجتماعنا بداية لتعزيز العمل الوطني التشاركي والجامع للقطاعين العام والخاص، وأن يساهم في تكريس تبادل الخبرات كركيزة أساسية في عملية نهضة تربوية مستدامة، تنعكس ايجابا على المدرسة الرسمية، التي تحقق تقدما حقيقيا بفضل تضافر جهود دائرة واسعة من أصحاب المصلحة، بما في ذلك الإدارة التربوية، والمعلمين والمعلمات، والموظفين التربويين من مدربي ومدربات ومرشدين ومرشدات، اضافة الى الجهات المانحة، وفي مقدمهم "الوكالة الأميركية للتنمية الدولية"، التي عبرت من خلال مشروع "كتابي" عن التزام طويل الأمد بدعم تعلم القراءة، بالتدريب والأدوات والمساعدة في تطوير الخطط الإستراتيجية".
عويجان
من جهتها، قالت عويجان: "لغتي هي هويتي وثقافتي وانتمائي، هي العنصر الجامع لأبناء الوطن الواحد. ان ضعف التحليل التعليمي في اللغات بشكل عام، وفي اللغة العربية بشكل خاص، هم نعيشه ونواجهه في المؤسسات التربوية والجامعات وسوق العمل، وإننا من خلال رؤية المركز التربوي للتعليم 20 ـ 30، بصدد العمل الجدي والدقيق لكي نقدم رزمة متجانسة في إطار مناهج متجددة ومقاربة تعليم وتعلم تفاعلية وموارد تربوية حديثة للمعلمين، من أجل إجراء التغيير المنشود، وقطف ثماره في التعليم الجيد والمتكافئ للجميع".
وإذ شكرت القيمين على مشروع "كتابي"، أشارت إلى أن "هذا البرنامج المتوازن لتعليم القراءة والكتابة، جاء مطابقا لما هو منصوص عليه في المنهج، لذلك، تبنى المركز التربوي مشروع "كتابي"، وجعله ركيزة أساسية في تطوير كفايات معلمي اللغة العربية، وتوسيع رقعة الإستفادة منه على صعيد مختلف المواد والحلقات".
وقالت: "من هنا تطورت الشراكة، وأسهمت أيضا في تدريب المدربين والمعلمين والعاملين في المركز التربوي، وتطوير كفاياتهم من خلال مكتب الإعداد والتدريب في المركز التربوي. إضافة إلى ذلك، زود المشروع عددا كبيرا من المدارس وبعض مراكز التدريب، بالقصص المصنفة الرقمية والورقية، بالتنسيق مع قسم اللغة العربية وآدابها، إضافة إلى المعدات الإلكترونية التي جرى تزويد هذه المدارس ومراكز التدريب بها، بالتنسيق مع مكتب الوحدات الفنية، ناهيك عن تطوير أداة تقويم مؤشرات القراءة ودعم مكتب البحوث في دراسة ال"egra".
وأعلنت "ان المركز التربوي، ومن موقع المسؤولية تجاه اللغة الأم، أصدر منذ شهر رزمة من التمارين الجذابة في اللغة العربية وفي القصائد الشعرية، وفي المقاربات والنصوص المسرحية، وقد حققت هذه الخطوة إقبالا محليا ودوليا".
باترسون
وأعربت باترسون عن "حماسة كبيرة لإطلاق هذا المشروع، انطلاقا من الإقبال الذي شهدته من المدربين والمعلمين في القطاع الرسمي والنجاح الذي حققوه من أجل تدعيم القراءة". وقالت: "إن مشروع "كتابي" هو مشروع مهم، والوكالة الأميركية للتنمية تشدد على أهمية التعليم ودعمه، وكانت دفعت 800 مليون دولار في سبيل تطوير الإستراتيجية التربوية والمنح الجامعية، وفي العام 2007 دفعت 5 مليون دولار من أجل مشاريع تربوية".
وأشارت إلى أن "تعلم القراءة هو شرط أساسي للتعلم في الصفوف الإبتدائية"، مؤكدة "أهمية التحصيل التربوي المرتبط باللغة الأم". وقالت: "ان 79% من التلاميذ الذين شاركوا في البرنامج قد استفادوا، مع العلم أن البرنامج ركز أيضا على المعلمين والمرشدين والمدربين. وللمرة الأولى أصبح للغة العربية قياسات لتمكن التلميذ من تعلم الرياضيات والعلوم الأخرى".
وأعلنت "أن المشروع غطى حتى اليوم أكثر من 910 مدارس رسمية في لبنان، وذلك من خلال التعاون ما بين الوكالة ووزراة التربية، مؤكدة أن "الوكالة ستتابع مشروع "كتابي" في دورته الثانية، وستجدد تمويله للعامين المقبلين".
كلمة شهيب
ثم ألقت خوري كلمة وزير التربية، فقالت: "في زمن التواصل الرقمي وانفتاح الحدود المعرفية إلى أقصى مداها، نجد أن العمل على محو الأمية باللغة العربية الأم غريبا بعض الشيء، لكننا ندرك أن هذا الإنفلاش الثقافي والتفلت اللغوي واستخدام لغة الدردشة بات يهدد اللغات الأم في العالم، وإن اللغة العربية لن تسلم من هذا الخطر ما لم يتخذ القائمون على التربية إجراءات وخطوات تتشارك فيها المدارس والأهل والمجتمع المدني ووسائل الإعلام، لكي نعزز التمسك باللغة العربية الأم ونستخدمها في الحياة اليومية وفي التواصل والعمل، وننطلق منها نحو انفتاحنا اللغوي والثقافي على لغات العالم وثقافاته".
أضاف: "أما إذا عدنا إلى الأمية الحروفية أو القرائية باللغة العربية فإنها غير موجودة في لبنان، على اعتبار أن نسبة التسجيل في المؤسسات التربوية تبلغ نحو 98% من المواليد، لكنها موجودة لدى الأولاد النازحين بفعل ظروف الحرب والتهجير. وإنني أغتنم هذه المناسبة لأتوجه بالشكر والتقدير إلى الحكومة الأميركية عبر سعادة السفيرة السيدة إليزابيث ريتشارد وعبر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ومديرتها الدكتورة آن باترسون، هذه الوكالة التي تقف إلى جانب لبنان في العديد من المشاريع والأنشطة التربوية وآخرها مشروع كتابي، الذي أقدر مديرته الدكتورة وفاء قطب والسيدة بوليت عساف وجميع أفراد فريق العمل على المستويات كافة، لما قدمه هذا المشروع من تأهيل ونشر لصفوف الروضة وتجهيز للروضات الرسمية على أعلى المستويات، كما قدم خدمات تربوية كبيرة، لكي يحظى جميع التلامذة بفرصة الدخول إلى مرحلة الروضة في أجواء راقية ويستفيدوا من التجهيزات الملائمة، ويحظوا بالرعاية على يد حادقات الأطفال المدربات على هذه المرحلة العمرية".
وتابعت: "في هذه الروضات يمكن التحكم والتركيز على إفادة المتعلمين الصغار من اللغة العربية ومن اللغات الفرنسية والإنكليزية وتعلم أصول الحساب بصورة تجعلهم يدخلون الحلقة الأولى من التعليم الأساسي بصورة سلسلة وطبيعية. كما يحظى باقي التلامذة والأساتذة بأفضل التدريبات وأحدث المقاربات لتطوير التعليم".
وأردفت: "في الورشة المنتظرة لتحقيق النهوض التربوي تبرز محطة أساسية هي تحديث المناهج التربوية وعصرنتها واستخدام الوسائط الرقمية والتعليم التفاعلي، وإن موضوع تطوير طرائق تدريس اللغة العربية ومقاربتها بصورة غير جافة، بل معاصرة وجذابة، يجب أن تشكل الهاجس الأساسي لنا، وأعتقد أننا بتنا نشكو من ضعف المتعلمين باللغة العربية وعدم رغبتهم في استعمالها، وإننا نصادف هذا الأمر يوميا في سوق العمل وفي المجتمع وفي الجامعات وفي وسائل الإعلام أيضا، ويقيني أن هذا اللقاء الذي يرتدي شكل ورشة العمل المتخصصة هو محطة مهمة في سياق الجهد التربوي العام للعناية باللغة العربية، لكي لا تفقد الأجيال ارتباطها الثقافي بجذورها، ولكي نوقف التدهور والتراجع، ونبدأ رحلة استعادة الثقة، واستعادة المبادرة".
وختمت: "شكرا للسفارة الأميركية وللوكالة الأميركية ولمشروع كتابي، وتحية إلى الإدارة التربوية في الوزارة والمركز التربوي، على هذا الجهد المركز لمحو الأمية باللغة العربية والعمل على ترسيخها في الدراسة والعمل والتواصل".