وتابع صعب معتبراً أنّ السبب يعود إلى كشف الانتفاضة عن "حقائق لبنانية مزعجة" بعدما كانت هذه الحقائق مطموسة لفترة من الزمن.
وفي هذا السياق، تحدّث صعب عن المعادلة الاجتماعية الصعبة التي وضع اللبنانيون أسسها قبل 8 عقود تقريباً. ورأى صعب أنّ مسألة شرح هذه المعادلة لغير الخبراء كانت لتكون أسهل لو كان نظام الحكم اللبناني ديكتاتورياً أو ملكياً، حيث أكّد أنّ نظام الحكم اللبناني ديمقراطي.
وبناء على هذه المعطيات، لفت صعب إلى أنّ الانتخابات النيابية والبلدية اللبنانية، منذ العام 2005 على الأقل، اتسمت بالعدالة والحرية، أي أنّ اللبنانيين تمكنوا من اختيار ممثليهم من دون أي ضغط أو تخويف من جهة السلطات، وذلك على مر السنوات الـ15 الماضية على الأقل. وتابع بالقول إنّ هذا الواقع يشير إلى أنّ الأزمة الحالية كانت حتمية.
وعلى الرغم من المشاركة الواسعة في الاحتجاجات، رأى صعب أنّ عدد المشاركين قُدّر في أفضل الأحوال بنحو مليون شخص، مستدركاً بالقول إنّ هذا يشير إلى أنّ أقلّ من ربع اللبنانيين شاركوا فحسب. وهنا، تساءل صعب عن الثلاثة أرباع المتبقية، مفترضاً أن البعض يتعاطف مع مطالب المحتجين ويعجز عن النزول إلى الشارع لأسباب مختلفة. وأردف : "إلاّ أنّ آخرين، ويبدو أنّهم من الأغلبية، يريدون انتهاء الانتفاضة".
صعب الذي أكّد أنّ المنتقدين والمشككين وحماة الوضع الراهن يضرون بالاقتصاد- تماماً مثل أغلبية اللبنانيين- قال إنّ هؤلاء غير مستعدين لإدانة أو استئصال النظام الطائفي والإقطاعي. ولفت إلى أنّ هؤلاء غير راغبين ببساطة في البدء مجدداً على أسس جديدة وغير مجرّبة.
توازياً، تحدّث صعب عن أصل الخراب السياسي والإفلاس الاقتصادي، معتبراً أنّه "فشل لبناني جماعي" ناتج من اتفاق الطبقة الحاكمة على تصديق "حزب الله" على فساد الزعماء الطائفيين الفاسدين مقابل سيطرته على قرارات السلم والحرب، ما يعني ضرب مفهوم وممارسة المساءلة بعرض الحائط، على حدّ ما كتب.
عن الطريقة القادرة على إحداث خرق في جدار الأزمة الراهنة، لفت صعب إلى أنّه في ظل نظام حكم ديمقراطي، يعود الناخبون إلى صنادق الاقتراع، مستدركاً بأنّ المشكلة على هذا الصعيد تكمن في تمتع الزعماء اللبنانيين بدعم كافٍ أو دعم غير فاعل على الأقل من جهة طوائفهم وقواعدهم الشعبية.
صعب الذي افترض بقاء نظام الحكم السياسي الراهن، أكّد أنّ اللبنانيين سيكونون أمام فرصة جديدة في العام 2022، ملمحاً إلى أنّ لبنان قد يبقى واقفاً على قدميه حتى ذلك الحين في ظل مساعدة المانحين الدوليين المحتملة.
وتابع بالقول إنّ هؤلاء المانحين يسعون جاهدين للموازنة بين خدمة السياسيين الفاسدين وعدم السماح للبلاد بالانزلاق إلى الفوضى الكاملة، منبهاً إلى أنّ مشاكل ديمقراطية لبنان الأساسية ستبقى قائمة، إلى أن تندلع ثورة اجتماعية حقيقية من شأنها وضع البلاد على مسار سياسي واقتصادي جديد وأكثر استقراراً.
وانطلاقاً من هذه الحقائق، شدّد صعب على معارضة قيام المجتمع الدولي بتقديم أي خطة إنقاذية أو حزمة مساعدات فعالة وسط غياب لحكومة تتمتع بشرعية أو بثقة البرلمان. وعلّق قائلاً: "لا يمكن البدء مجدداً في لبنان في ظل حكومة لا تتمتع، ببساطة، بحق أو سلطة اتخاذ قرارات كبرى للشعب برمته، وهي قرارات ستخلّف تداعيات على مر السنوات وربما العقود المقبلة".
وعليه، رأى صعب أنّ مسار التحرّك الأكثر عقلانية بالنسبة إلى المانحين المحتملين يقضي ببذل أبسط الجهود للحؤول دون الانهيار الكامل، بما في ذلك تقديم المساعدة الإنسانية، على أن يترافق ذلك بالضغط على الحكومة اللبنانية في سبيل إجراء انتخابات مبكرة، خلال الأشهر المقبلة.
وخلص صعب داعياً المانحين إلى إعطاء اللبنانيين فرصة لإعادة كتابة تاريخهم أو الحفاظ عليه. وقال: "إذا انتخبوا الزعماء أنفسهم، فعندها ستدركون أنتم، بصفتكم داعمين خارجيين، كيفية تفصيل أوضبط أو تقييد دعمكم. ولكن إذا تمكنوا من طرد بعضهم، عندها ستتعاملون مع شرعية جديدة وغير فاسدة".
المصدر: ترجمة لبنان 24- MEI