حسم لبنان أمره، واختار التوجّه الى طلب مساعدة تقنية من "صندوق النّقد الدولي". وإذا كان هذا المسار يشكّل الخطوة الأولى لجَعْل اللّبنانيين يبتلعون فكرة التعاطي مع هذا الصّندوق، وربّما فكرة اتّباع برنامج من جانب الدولة اللبنانية معه، ومع شروطه التي يُمكنها أن تكون موجعة بالفعل في تلك الحالة، ولا سيّما للطبقات الفقيرة والمتوسّطة، فإننا نطرح أسئلة كثيرة عن هوامش تحقيق الإنقاذ المالي والإقتصادي للبنان، دون المساس بشروط سياسية وأمنية، ولا سيّما ما يتعلّق منها بملفات استخراج النّفط، وترسيم الحدود البريّة والبحرية، وتطبيق القرار 1559 الذي لا تزال جهات دولية عدّة ووازنة، تتحدّث عنه، وتطالب بتطبيقه.
لاحقاً...
ربّما نبدأ بمسار تقني مع "صندوق النّقد" لنجد أنفسنا مُجبرين على اتّباع مسار سياسي - أمني، في وقت لاحق، ينسجم مع أي مساعدة تأتي من الخارج. وهو ما سيكون له مردوده على الساحة الداخلية المُتعَبَة أصلاً بتقلّبات ملفات النزوح السوري، واللّجوء الفلسطيني، والإمساك بالحدود البريّة جنوباً وشرقاً وشمالاً، وبالحدود البحرية جنوباً، وبأمور أخرى...
وفي غمرة هذا الجوّ، ترى بعض الأطراف الداخلية أن الحلّ لكلّ تلك الملفات، وللتعثّر المالي والإقتصادي، سببه سلاح "حزب الله"، وهو ما يعني أن وضع "استراتيجية دفاعية"، هو النّقطة التي تؤدي الى "إغراق" لبنان بالأموال، وبالمشاريع والإستثمارات، إذا أُقِرَّت (الاستراتيجية)، لا سيّما أن نظريات "النّأي بالنّفس" و"الحياد" لم تَعُد تخدع المجتمع الدولي.
ضربة!
أكد مصدر ديبلوماسي كبير أن "لبنان يقف على حافّة خطيرة جداً، انطلاقاً من نقاط عدّة، من أبرزها وجود تحدٍّ سياسي ديبلوماسي مُترجَم بعَدَم انسجام النظرة الداخلية حول الملفات المتعلّقة بلبنان، في المحافل العربية والدولية. وهو ما يُضعف الخطاب اللبناني تجاه الخارج".
وأشار في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" الى أنه "يُضاف الى كلّ هذا الواقع، التحدّي العسكري - الأمني المتمثل بالنشاط الإسرائيلي على الخط الأزرق، وهو ما يستوجب إبقاء العين اللبنانية شاخصة الى الجنوب، دائماً".
وعبّر عن خشيته من واقع أنه "إذا كانت مسألة شنّ ضربة أميركية كبيرة لإيران، غير مناسبة في النظرة الأميركية، إلا أنه يُخشى من السماح بضربة إسرائيلية للبنان، ولا سيما اذا تعثّرت مفاوضات الترسيم مستقبلاً".
ترسيم...
وشدّد المصدر على أن "مشروع ترسيم الحدود البحرية والبرية وارتباطه بملف النفط والغاز، هو أيضاً من الملفات التي ترفع منسوب القلق والمخاطر، بالإضافة الى تضارُب المواقف المحلية حول ملفات النزوح السوري، واللّجوء الفلسطيني والتوطين، بموجب "صفقة القرن".
ولفت الى أن "استمرار الأزمة السورية، بأشكال مختلفة، ينعكس على لبنان سلبياً في المرحلة القادمة، وذلك بموازاة التحدّي المالي والاقتصادي، وسط مؤشّرات سلبية تجعل سُبُل المعالجة صعبة وحتى مستحيلة".
الاستراتيجية الدفاعية؟
ورداً على سؤال حول إمكانية أن تشكّل "الاستراتيجية الدفاعية" المتنفّس المفيد، إذا تمّ وضعها بالفعل، أجاب المصدر:"من سيضعها؟".
وأضاف:"لنكُن واقعيين. ففي ظلّ وجود حكومة من لون واحد، لا يُمكن وضع أي استراتيجية من هذا النّوع، وذلك حتى ولو كانت حكومة اللّون الواحد من الفريق السياسي الآخر".
وختم:"لا حلّ لكلّ شيء في لبنان إلا بتفاهم أميركي - إيراني، بدرجة أولى، وتفاهم إيراني - سعودي، بدرجة ثانية، وإلا فإننا سنذهب الى الهاوية".
المصدر: وكالة أخبار اليوم