التبويبات الأساسية

لم ينتظر وزير الداخلية نهاد المشنوق أن يأتيه الضغط من القوى المتحمسة للاستحقاق النيابي، كما يحصل عند كل موعد مفترض، كي يطلق صفارة البدء للانطلاق الى "اليوم الكبير"، فأودع الأمانة العامة لمجلس الوزراء مرسوم دعوة الهيئات الناخبة للمقيمين والمنتشرين في 40 دولة، بعد توقيعه.

وقد حدّد المرسوم العملية الانتخابية يوم الأحد في 6 أيار 2018 في كل لبنان. أما في دول الانتشار فستتم خلال يومين مختلفين، يوم الأحد في 22 نيسان في عدد من الدول ويوم الجمعة في 28 نيسان في دول أخرى بالإستناد الى العطل الرسمية في هذه البلدان.

ما لا يعرفه اللبنانيون، هو أن المشنوق لم يلتزم بالرزنامة الرسمية التي يفرضها قانون الانتخابات، واستبق المهل الدستورية المحددة بالنص. اذ كان بإمكانه الانتظار حتى شهر شباط (مهلة الأشهر الثلاثة المتاحة لدعوة الهيئات الناخبة)، كي يقوم بخطوته التنفيذية الأولى، لكن الرجل تقصّد الانتقال في مهمته بإجراء الانتخابات النيابية بعد تمديد السنوات الخمس، من النظري الى العملي.

والمقصود كان التأكيد على التزام المشنوق السياسي والتقني، وجهوزية وزارته لتنظيم الاستحقاق، ولدفع نحو من مزيد من تكريس الاستقرار السياسي بعد عودة سعد الحريري من الرياض إثر أزمة الاستقالة. العصفور السياسي كان أول المطلوبين من حجر مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، ليليه عصفور الجهوزية التقنية. فقام بواحبه من دون تردد.

ولهذا تتكثف الاجتماعات في الصنائع لوضع الخطط اللازمة المواكبة للاستحقاق، على المستوى الإداري، اللوجستي، التقني، الأمني وغيرها من المسائل التي يحتاجها المسار التنفيذي للاستحقاق.
بالنتيجة، ثمة مساران تسلكهما العملية التنظيمية، ذلك المتصل بالمسائل التي لم يطرأ عليها أي تعديل نصّ عليه القانون رقح 44/2017، وذلك المتعلق بكل الاجراءات المستجدة بفعل الإصلاحات التي دخلت النص القانوني.

بالنسبة للإجراءات الكلاسيكية، فالعمل جار وفق الآلية التقليدية، كوضع لوائح الشطب وتجهيز قوائم الناخبين، وأقلام الاقتراع (قد يفوق عددها الـ7000 قلم)، موزعين على حوالي 1500 مركز اقتراع.

اقتراع المغتربين

أما بالنسبة للإجراءات المستجدة، فهي تتصل بشكل أولي باقتراع المغتربين حيث فرض القانون الجديد انشاء قلم اقتراع لكل 200 ناخب مسجلين في مركز انتخابي واحد بمعزل لأي دائرة انتخابية سيصوتون، بخلاف القانون القديم الذي كان يشترط وجود 200 ناخب من دائرة انتخابية واحدة كي ينشأ لهم قلم اقتراع.

وهذا سيؤدي حكماً الى انشاء أكثر من قلم اقتراع في كل مركز انتخابي، حتى أن بعض الدول ستستضيف أكثر من مركز اقتراع، لا سيما في دول الاغتراب التي استقطبت عدداً كبيراً من الراغبين بالاقتراع، منهم مثلاً البرازيل، كندا واستراليا. اذ أنّ كثافة التسجيل قد تفرض أكثر من مركز اقتراع، وأكثر من عشرة أقلام انتخابية في كل مركز (كل دائرة قلم أو أكثر).

وترسل وزارة الداخلية، بواسطة وزارة الخارجية والمغتربين، عدد الناخبين الذين يحق لهم ممارسة حق الاقتراع في كل سفارة او قنصلية، بحيث يجب على كل منها تحديد قلم للاقتراع أو أكثر من قلم واحد في حال تجاوز عدد المسجلين في المركز الاربعماية ناخب.

وتحدد اقلام الاقتراع بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الداخلية والبلديات بعد التنسيق مع وزير الخارجية والمغتربين.

أما المسألة الأهم فتكمن في توافر الكادر البشري لأقلام الاقتراع. اذ ينص القانون على أنه يعين السفير أو القنصل بالتنسيق مع الوزارة، بواسطة وزارة الخارجية والمغتربين، هيئة كل قلم على أن لا تقل عن رئيس وكاتب من بين الموظفين العاملين في السفارة أو القنصلية، أو من المتعاقدين عند الضرورة شرط أن يكونوا لبنانيين.

وهذا يعني الحاجة الى كادر بشري واسع اذا ما اضطر بعض السفارات، حيث يتواجد ثقل انتخابي، الى انشاء أكثر من قلم اقتراع (اذا ما تعددت الدوائر). وهنا التحدي الأكبر على وزارة الخارجية.
وقد أنهت وزارة الداخلية التدقيق بلوائح المسجلين حيث ستصدر قوائمهم مع قوائم المقيمين في أول شباط ليصار الى عرضها على التصحيح، على أن تصدر القوائم النهائية وتجمّد في نهاية آذار المقبل كما ينص القانون.

وقد تبين أن حوالي 10% من المسجلين لا يحق لهم المشاركة في العملية الانتخابية كون الرقم الوارد من بعض الدول لم يبلغ عتبة المئتين كما يفرض القانون، فحُجب عن هؤلاء حق الاقتراع في الخارج.
هذا، وقد خصص مرسوم دعوة الهيئات الناخبة يومي 22 و28 نيسان لاقتراع المغتربين في 40 دولة، 33 منها اوروبية واميركية واسترالية، و7 عربية.

أما بالنسبة للفارق الزمني بينها، فقد التزمت الداخلية المهل المنصوص عليها في القانون (خمسة عشر يوما) لتختار يوم 22 وكي لا تخاطر بامكانية تأخر وصول صناديق الاقتراع الى بيروت لإعلانها يوم 6 أيار، في حين أن موعد 28 ترك للدول العربية التي سيسهل نقل الصناديق منها بسبب عدم استغراق الرحلات وقتا طويلاً.

الآليات الإصلاحية

بالانتقال الى اقتراع المقيمين، فإنّ أبرز ما استجد هو النظام الانتخابي أي النسبية التي ستستدعي وضع اللوائح المطبوعة سلفاً وقد بدأ تجهيز النماذج المناسبة للاختيار بينها كما جرى تعديل حجم صناديق الاقتراع كي تتناسب مع حجم اللوائح الاقتراعية التي صارت أكبر، والبرامج الحسابية لاحتساب الأصوات.

اذ سيصار الى تجهيز كل لجنة قيد بحاسوب وبرنامج حسابي يقوم باحتساب الأصوات لتوزيع المقاعد بين اللوائح وتسمية المرشحين، على ان تكون هذه الأجهزة متصلة بنظام ربط الكتروني يربط بين اللجان.

وللتفصيل أكثر، سيكون في كل دائرة لجنة قيد ابتدائية وأخرى عليا، مرتبطتان بنظام واحد، كما سيكون في كل دائرة مركبة من قضاءين أو أكثر، لجنة قيد ابتدائية في كل قضاء، ولجنة قيد عليا تجمع بينها.

وستطلق وزارة الداخلية في كانون الثاني المقبل دورات تدريبية شاملة لكل الموظفين والاداريين والقضاة الذين سيتولون العملية التنفيذية.

أما بالنسبة للإصلاحات المعلّقة وأبرزها الاقتراع مكان السكن، فإن الأمر مرتبط بالمواءمة بين مهل التسجيل المسبق ومهل تجميد قوائم الناخبين، علماً بأن الداخلية جهزت الخطة التقنية للاقتراع في المراكز الضخمة (ميغا سنتر).

صورة editor11

editor11