كتبت عزة الحاج حسن تقريراً في "المدن"، حمل عنوان "مصير المتعاملين والعاملين في جمّال ترست بنك"، وجاء فيه التالي: أطاح قرار وزارة الخزانة الاميركية بإدراج "جمّال ترست بنك" على لائحة الإرهاب التي يصدرها مكتب مراقبة الأصول الخارجية "أوفاك"، بالمصرف، سواء صحت الاتهامات الأميركية له بالتعامل المالي مع حزب الله أم لم تصح، فمنذ لحظة إعلان القرار الأميركي، وقبل التحقق من تفاصيله، بات اعتبار جمال ترست بنك خارج المنظومة المصرفية اللبنانية أمراً محتماً. فلا أعمال مصرفية ولا مقاصة لشيكات المصرف ولا تحويلات خارجية ولا أي نشاط مالي أو استثماري.
سيناريوهات
لكن رغم الصورة السوداوية التي أحاطت بالبنك لا زال عملاؤه والمتعاملين معه على بر الأمان، اللهم إلّا إذا شابت بعض الحسابات شبهات معينة. وهو ما ألمح إليه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، حين طمأن فقط "المودعين الشرعيين في المصرف". إذاً ماذا سيحل بجمّال ترست بنك JTB وبزبائنه والعاملين لديه بعد إدراجه على لائحة العقوبات الأميركية؟
عادة ما يتم التعامل مع هذه الحالات وفق عدة سيناريوهات، أبرزها بيع المصرف المستهدف بالعقوبات إلى مصرف آخر، أو تغريم المصرف المعني بالعقوبات مبالغ مالية لصالح وزارة الخزانة الأميركية، لاسيما حين تتعلّق العقوبات بتهمة تبييض الأموال. لكن في حالة جمّال ترست بنك، فالتهمة التي استندت إليها وزارة الخزانة الأميركية لفرض عقوبات عليه من المستبعد معالجتها بدفع غرامة أو تعهد ما، يقول مصدر مصرفي رفيع في لجنة الرقابة على المصارف خلال حديثه إلى "المدن". فبنك الجمّال اليوم والشركات التابعة له ("تراست للتأمين" و"تراست للتأمين على الحياة" و"تراست لخدمات التأمين") بات بحكم "المقفل".
فرض عقوبات أميركية على جمّال ترست بنك يستحضر إلى الأذهان فرض عقوبات قبل 8 سنوات على البنك اللبناني الكندي بتهمة تبييض الأموال، قبل أن يتم إغلاقه وشراء أصوله من بنك سوسييتيه جنرال. إلا أن حالة اللبناني الكندي تختلف إلى حد كبير عن حالة بنك جمّال وإن كانت الحالتين تتشابهان من حيث المصير، وفق المصدر المصرفي. فتهمة البنك اللبناني الكندي ارتبطت بتبييض الأموال، في حين تتعلق تهمة بنك جمّال بعمليات مصرفية وخدمات مالية لمؤسسات تابعة لـ"حزب الله". وهو ما يمكن أن يدفع المصارف الأخرى إلى التريّث وربما التردّد بالإستحواذ على ودائع JTB، ويستلزم من مصرف لبنان جهداً كبيراً لتحديد الحسابات المشكوك بها.
قرار المصرف المركزي
ووفق معلومات "المدن"، فإن مصرف لبنان سيتخذ قراره يوم الثلاثاء 3 أيلول بشأن مصير المصرف والمودعين وكافة المرتبطين به. وسيضع الأطر اللازمة التي تسمح للمودعين بالاستحصال على أموالهم. ومن المرجّح أن يتم سداد أموال المودعين الصغار بالكامل مع فوائدها، ليتولى مصرف لبنان سداد أموال كبار المودعين لدى بنك الجمّال في حال تعذّر وجود سيولة كافية، على أن يقوم مصرف لبنان لاحقاً بتحصيل أموال البنك من السوق وبتصفية أعماله. وتأتي هذه الخطوة بعد إجراء مسح لحسابات البنك وتحديد الحسابات المشتبه بها وتجميدها.
وتتولى هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان مهمة التحقيق في حسابات جمّال ترست بنك وتحديد الحسابات النظيفة والمستحقة لأصحابها، وتعمل على تجميد الحسابات غير الشرعية أو المخالفة، في حين تتولى لجنة الرقابة على المصارف عملية تأمين السيولة نقداً أو عبر شيكات على مصرف لبنان، على أن تلي ذلك الخطوة الثانية، وهي إما شطب المصرف من لائحة المصارف اللبنانية أو دمجه مع مصرف آخر رغم استبعاد هذا الأمر.
استهداف المتمولين الشيعة؟
وإذ يستبعد أحد المحامين العاملين في الدائرة القانونية جمّال ترست بنك، في حديث إلى "المدن"، أن يكون البنك ضالعاً بأي أعمال مصرفية مخالفة يؤكّد التزام المصرف الصارم بالقواعد والقوانين الدولية المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وبتعاميم مصرف لبنان. ويتخوّف من أن يكون القرار "سياسياً" بمعنى أن يكون استهداف للمصرف الجامع لكبار المتموّلين الشيعة "فذلك من شأنه أن يطرح علامات استفهام حول مصير المصارف التي ستستحوذ لاحقاً على الودائع بعد خروجها من جمّال ترست بنك".
أزمة جمّال ترست بنك لا تقتصر على المودعين والمدينين، بل تشمل مئات المتعاملين معه أو مع إحدى شركات التأمين التابعة له، من مؤسسات وأفراد وشركات عقارية ومؤمّنين ويضاف إليها مئات العاملين لدى فروع المصرف. ويقول المصدر القانوني إن المتعاملين مع المصرف كما العاملين لديه يواجهون أزمة شطبه في حال حصل ذلك، فالمتعاملون معه لاسيما المودعين هم بغالبيتهم الساحقة من الطائفة الشيعية. وهذا الأمر سيدفع باقي المصارف إلى التريّث للإستحواذ على تلك الودائع. أما بالنسبة إلى العاملين فإنهم سيقعون في أزمة لا محال. ولا يمكنهم المطالبة بأي حقوق قبل البت بقضية البنك من قبل مصرف لبنان وبقضيتهم من قبل وزارة العمل.
يُذكر أن جمّال ترست بنك يملك نحو 26 فرعاً مصرفياً ويضم أكثر من 400 موظف. يُعد من المصارف الصغرى في لبنان من حيث الحجم. إذ يحتل المرتبة 25 بين المصارف اللبنانية لجهة إجمالي الموجودات، والمرتبة 24 لجهة ودائع العملاء، والمرتبة 21 لجهة التسليفات، والمرتبة 24 لجهة الأرباح الصافية والمرتبة 26 لجهة الأموال الخاصة الإجمالية. وقد سجل نمواً في موجوداته عام 2018 بنسبة 2.25 في المئة.
المصدر: المدن