يحكى أنّه في بلد الغرائب والعجائب ستجري إنتخابات تشريعية بعد سنوات وسنوات من التأجيل غير المبرّر. إنتخابات يعتبرونها "عرسا ً ديمقراطيّا ً"، فيما الواقع يشير الى إنتخابات هرج ومرج لا سابق لها. إنتخابات مصحوبة بمحاولات إلتفاف خبيثة على كلّ الأسس الديمقراطيّة المتعارف عليها في كلّ أنحاء العالم، بدءا ً من القانون وصولا ً الى التحالفات وكلّ الأكسسوارات التي ترافق هذه المرحلة الإستثنائية، كالتوظيفات العشوائيّة والرشاوى الماليّة والخدمات المجانيّة وغيرها من الأمور التي باتت جزءا ً لا يتجزاً من تقّاليدنا وذاكرتنا الإنتخابيّة، لدرجة أن مجرّد رؤية شاحنة محمّلة بالزفت نعلم أن الإستحقاق الكبير بات على الأبواب.
هكذا إذن، وبعدما أقفلت بورصة المرشحين الطامحين لخدمة الوطن على عددٍ فاق كلّ التوقعات، بات الحديث اليوم عن لغز التحالفات واتجهاتها وأبعادها، وهنا حديثٌ آخر مختلف تماما ً! فهنا، تحالفات غريبة عجيبة لا تمت للمنطق بصلة ولا يمكن لعاقلٍ أن يتصوّرها... فحزبٌ يتحالف مع تيّارٍ في دائرة وينافسه باحتدام في دائرة أخرى. حزبٌ آخر يتحالف مع من يصنّفون أنفسهم على أنّهم من "المجتمع المدني" في حين أن الأخير لم يترك فرصة إلّا ويهاجم أحزاب وشخصيّات هذه الطبقة الحاكمة. فلانٌ يلتقي فلانة بابتسامات عريضة بعد جولات وجولات من الشتائم والإهانات والتجريح... لا عجب ولا غريبٌ إلّا الشيطان ... فالمهمّ هو الوصول الى ذاك الكرسي اللاصق في ساحة النجمة.
أكثر من ذلك، يفاخرون بفتح قنوات اتصال مع الجميع وبنسج تحالفات بالجملة تحت راية إنتخابيّة بحتة على قاعدة "اعطيني هون بعطيك هونيك" من دون أن يرفّ لهم جفنا ً ومن دون أن يأتوا على ذكر أيّ برنامج عمل واضح، على اعتبار ان القانون العجيب "هيك بدّو" !
خطأ يا عزيزي، القانون "ميش هيك بدّو"، والديمقراطية "ميش هيك بدّا" والإنتخابات ليست لعبة تحايل او "قوطبة" على القانون من أجل ضمان العودة الى حيث لم تخرجوا طوال تسع سنوات.
بالله عليكم ألا تشعرون بالخجل؟ ألهذه الدرجة تستخفّون بعقولنا؟ ألهذه الدرجة أنتم واثقون بقدرتكم على سوق "القطيع" في الإتجاهات التي تريدون؟
إنّها وقاحة فادحة وعجرفة لا مثيل لها، لا بل أنّه أمرٌ مستفزّ حقاً ان يعمد من هم مؤتمنون الحفاظ على شرعية وروحية القوانين الى ضرب بعرض الحائط كلّ المبادئ التي من أجلها انتظرنا قانونا ً إنتخابيا ً عصريّا ً قيل لنا أنه سيؤدي الى صحة تمثيل المجتمع، فيما الحقيقة تقول أن مشرعّينا هم أدهى وأذكى من كلّ القوانين والأنظمة سواء كانت نسبية أو أكثريّة ولا شيء يقف بوجههم طالما ان الهدف يبقى الحفاظ على مغانم السلطة.
وبعد، تسألون عن تغيير؟ تتأملّون بنبضٍ جديد؟
نحن نتمنّى أن يأتي الجواب إيجابيّا ً صاعقاً مدويّا ً في صناديق الإقتراع يوم 6 أيّار، لكن للأسف الصورة باتت أكثر من واضحة! فهم سيعودون حتما ً، سيعودون لاستكمال تطبيق ثقافتهم وممارستهم في إدارة أمورالدولة والتي اختبرناها لا بل نعاني منها مع طلوع كلّ فجرٍ جديد. هم سيعودون للإتفاق على توزيع ما تبقّى من حصص عالقة في الملّفات الدسمة، سيعودون لأنّنا شعبٌ اعتاد قرع أبوابهم طلبا ً لخدمات هي في الأساس حقاً لنا، سيعودون لأننّا مجرّد مجموعات طائفية ننساق من دون تفكير خلف من يسعى الى التحريض ونبش القبور لشدّ العصب وتضليل الرأي العام، سيعودون لأننا نخشى التغيير، سيعودون لأننا اعتدنا النسيان وعدم المحاسبة... بكلّ وقاحة سيعودون!