أقيم قبل ظهر اليوم، في معهد قوى الأمن الداخلي - ثكنة الرائد الشهيد وسام عيد - عرمون، حفل تخريج الدفعة الأولى من دورة الرقباء المتمرنين 970 رقيبا، الذين تابعوا دورة تنشئة مسلكية وعسكرية، برعاية وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق ممثلا بالمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص، وحضور ممثل قائد الجيش العماد جان قهوجي قائد الكلية الحربية العميد فادي غريب، جوزف زخيا ممثلا محافظ جبل لبنان فؤاد فليفل، القاضي المنفرد الجزائي رولان الشرتوني، ممثل رئيس رابطة قدماء القوى المسلحة العميد المتقاعد يوسف روكز، ممثلين عن قادة الأجهزة الأمنية، قادة الوحدات في قوى الأمن الداخلي، ممثلين عن السفارات العربية والأجنبية من دبلوماسيين وأمنيين، وعدد كبير من ضباط قوى الأمن الداخلي وعائلة الرقيب الشهيد هيثم وصفي أيوب.
بداية وضع بصبوص على وقع عزف موسيقى قوى الأمن الداخلي لحن الموتى اكليلا من الزهر على نصب شهداء معهد قوى الأمن الداخلي. ثم بدأ الاحتفال بالنشيد الوطني وجرت مراسم تسمية الدورة بإسم "دورة الرقيب الشهيد هيثم وصفي أيوب" وأقسم الرقباء المتمرنون اليمين القانونية أمام القاضي الشرتوني.
مسلم
ثم رحب عريف الاحتفال، رئيس شعبة العلاقات العامة العقيد جوزف مسلم بالحضور، وألقى كلمة قال فيها: "لغة التنمية، في هذا العصر، باتت الشغل الشاغل في كل القطاعات والمجالات، واقتران الأمن بها يعد ثروة حقيقية لا بديل لها. فالأمن هو الحبكة التي تدور حولها قصص الأمم والشعوب، ومعروف أن لا تاريخ لأمم بعيدا من السيادة والاستقرار. فالأمن صار ضرورة الضرورات، وأهميته تأتي بعد الحاجة إلى الطعام والهواء، ومعه يكتسب كل شيء قيمته في الوجود حتى الإنسان نفسه".
اضاف: "ألم يحن الوقت لنا أن ندرك الثمن الذي يدفع بغياب الأمن؟ فإذا حصل أي خلل أو نقص في جانب معين من جوانب الحياة، فإن الضرر الذي ينتج منه يكون محدودا وملحوظا، وتاليا يسهل احتواؤه أو السيطرة عليه. أما عندما يضطرب ميزان الأمن ويختل النظام، فإن جميع نواحي الحياة تتأثر، وتبدأ الأشياء تفقد قيمة وجودها، فتسود الفوضى، ويعم الخوف والاضطراب، ويرتفع معدل الجريمة والسلوك المنحرف، فتتوقف حركة النمو وعجلة الإنتاج، فيضطر الناس إلى الانكفاء والهجرة، فتفقد الدولة رأسمالها البشري والمادي".
وختم: "لا بد، في هذا الزمن الصعب، من طرح الأمن ورقة ثقة جديدة بيد الناس، بوليصة تأمين ضد أخطار المجتمع التي تهدده داخليا وخارجيا وتعكس الاستعداد الكامل لقوى الأمن الداخلي لتأمين الإمكانات البشرية والمادية لمواجهة كل ما يخل بالأمن".
الحجار
بعدها ألقى قائد معهد قوى الأمن الداخلي العميد احمد الحجار كلمة قال فيها: "نجتمع اليوم في حفل تخريج الدفعة الأولى من الرقباء المتمرنين. 970 رقيبا أنهوا فترة التنشئة، لينضموا إلى صفوف قوى الأمن الداخلي، متسلحين بزاد وفير من المعارف المهنية التي تؤهلهم لتلبية المهمات المتنوعة التي تنتظرهم، بكل شجاعة وكفاءة. دورات متتالية تتخرج من المعهد، لتسهم في رفد وحدات قوى الأمن الداخلي بجيل جديد من العناصر الشابة والمدربة، مما يرفع من قدراتها ويمكنها من مواجهة الإستحقاقات الداهمة التي تواجهها البلاد. آخر هذه الإستحقاقات تمثل بإجراء الإنتخابات البلدية والإختيارية في أجواء من الحرية والديمقراطية نالت إعجاب الجميع، وقد كان لقوى الأمن الداخلي دور أساسي فيها من خلال توليها مهمات حفظ النظام وتوطيد الأمن، إلى جانب الشقيق الأكبر الجيش اللبناني، وأنوه هنا بمشاركة الرقباء المتمرنين في هذه المهمات، حيث أظهروا انضباطا عاليا ومستوى مهنيا رفيعا، يعكس جدية التدريب الذي تلقوه في المعهد".
اضاف: "لقد خضع الرقباء المتمرنون لتنشئة متعددة الموضوعات، قانونية ومسلكية وجسدية وتقنية، ونفذوا تدريبات عملية تحاكي الواقع، ورمايات في حقل الرماية الجديد في عرمون، الذي استخدم للمرة الأولى، وإننا نتطلع إلى تحديث المنهاج التعليمي برمته مع التحاق الدفعة الثانية من الرقباء المتمرنين قريبا. كما نسعى إلى استكمال تشييد أبنية المعهد ومنشآته، وفقا للمخطط التوجيهي الموضوع لهذه الغاية. وبهذا يغدو معهدنا مركز تدريب رائد على الصعيد الوطني. وإننا نعول في سبيل ذلك, على الدعم الكبير والمستمر من معالي وزير الداخلية والبلديات الأستاذ نهاد المشنوق, وحضرة المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص، اللذين لم يدخرا جهدا من أجل تطوير المعهد وتحديثه".
وتابع: "لقد تطور المعهد وتوسعت منشآته، وشهد مؤخرا تعاونا متميزا وواعدا مع الكلية الحربية في الجيش اللبناني، كانت باكورته استقبال التلامذة الضباط في رحابه، حيث خضعوا لتدريبات خاصة، شارك فيها مدربون من كل من قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني، وكلنا أمل بتطوير هذا التعاون وتوسيع أطره مستقبلا".
وختم: "أيها المتخرجون، لقد أديتم قسما عزيزا تلتزمون فيه بالولاء للوطن والوفاء لشعبه. احرصوا على ترجمة ذلك في ممارسة وظائفكم ومهماتكم. كونوا مثالا للانضباط والخلق القويم، وتمسكوا بالتقاليد المسلكية والمبادئ الأخلاقية. ضعوا لبنان وأمنه نصب أعينكم، فخدمة الوطن والمحافظة عليه هي أساس الرقي والتقدم. أتوجه بالتهنئة لكم، وبالشكر لمدربيكم ولجميع ضباط ورتباء وأفراد معهد قوى الأمن الداخلي، الذين بذلوا جهودا جبارة وقدموا كل ما لديهم، فغدوتم ما أنتم عليه اليوم.
بصبوص
ثم ألقى بصبوص كلمة استهلها بالقول: "بإسم معالي وزير الداخلية والبلديات الأستاذ نهاد المشنوق الذي شرفني بتمثيله في هذا الاحتفال، أرحب بكم في رحاب معهد قوى الأمن الداخلي لنحتفل مجددا بتخريج 970 رتيبا متمرنا بعد أن احتفلنا في الشهر المنصرم بتخريج 945 دركيا متمرنا. هؤلاء الرتباء المتمرنون أنهوا تدريبهم الأساسي في هذا الصرح العظيم، حيث تابعوا دورة مكثفة خضعوا خلالها لتدريبات ميدانية وتطبيقات عملية تحاكي ما ينتظرهم من مهام، وما قد يواجهونه من صعاب، وزودوا بما يلزم من المعارف العلمية والمسلكية والتقنية في مجالات مختلفة، فأضحوا مهيئين لخوض غمار الحياة الأمنية بكل أبعادها، وللقيام بالدور الملقى على عاتقهم في إطار الزود عن المجتمع، وحماية أفراده وصون حقوقهم وحماية ممتلكاتهم".
اضاف: "إن هاتين الدورتين، وإن كانتا باكورة الدورات التي خرجت من المعهد الجديد في عرمون، فلن تكونا الأخيرتين، لأننا سنكون وفي القريب العاجل على موعد مع تخريج دفعة ثالثة من العناصر. ذاك لأن التطويع في الأجهزة الأمنية والعسكرية يشكل المصدر الأساس لرفد تلك الأجهزة بالعناصر البشرية التي يتوقف أداؤها الأمني على مؤهلاتها الجسدية والفكرية كما على خبراتها التقنية والميدانية. وهذا ما دفعنا ومنذ أن تولينا قيادة هذا المعهد، وبعدها خلال فترة تولينا مهام المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي لأن نولي أهمية خاصة للتدريب في قوى الأمن الداخلي بمختلف أنواعه أساسيا كان أم مكملا أم تخصصيا، ومن هذا المنطلق سعينا ومنذ البدء لتحقيق معهد أمني متطور مزود بالتقنيات الحديثة، والبرمجيات التدريبية الذكية، وحقول رماية متطورة، ومسارح جريمة قابلة لتصور مختلف الفرضيات الجرمية، تكاملت مع برامج تعليمية وتدريبية عصرية، مبنية على أحدث الأساليب العلمية ووسائل تدريب نموذجية، تولاها مدربون أكفاء يتمتعون بمهارات عالية في مجال التدريب".
وتابع: "إن الرقيب الشهيد هيثم أيوب الذي اخترتم اسمه لدورتكم تخليدا لذكراه، ضحى بنفسه للحؤول دون تمكن أحد الإرهابيين الانتحاريين من الوصول إلى هدفه وتحقيق أغراضه الإجرامية، مجنبا وطنه كارثة كبرى كانت تحاك له، فأضحى عنوانا للعطاء، أسوة بغيره ممن سبقه من الشهداء ومثالا لزملائه الذين يتفانون في خدمة الوطن والمواطن، ولا يبخلون بأرواحهم في سبيل القيام بواجبهم الإنساني والوطني. فشرف هذه المؤسسة كما شرف الأوسمة والميداليات التي منحت له تكريما لتفانيه ولعطاءاته، وتقديرا لمناقبيته وشجاعته، ومما لا شك فيه أن قوى الأمن ستبقى وفية له ولذكراه الطيبة، كما كانت وستبقى وفية لكل الشهداء الأبرار الذين سقطوا في سبيل الواجب. إن معركتنا مع الإرهاب طويلة ومضنية، هذا يستشف من المعطيات العسكرية الميدانية، والمواقف السياسية الدولية المتعارضة، وتباين المواقف المحلية مما يدور حولنا من نزاعات وصراعات، وانعكاساتها السلبية التي وزعت الدول والشعوب وفق اصطفافات عرقية أو طائفية أو مذهبية، بعيدا كل البعد عن المعايير الإنسانية والأخلاقية. كل تلك المعطيات والتحولات على الرغم من تسارعها تشير إلى أن الحلول ليست بقريبة، إنما تسير وفق مجريات خطيرة، تنذر بتفتيت دول المنطقة وتهجير قاطنيها، وتدمير بناها التحتية وطمس تراثها وثقافتها المتوارثة. وهذا يملي على جميع الجهات المعنية دولية وإقليمية ووطنية وعي خطورة المرحلة، والسعي إلى تجنيب المنطقة ولبنان المخاطر المحدقة، والتعامل بحكمة وترو مع المتغيرات والمستجدات السياسية والأمنية القادمة".
واردف: "لقد كان للدعم اللامحدود من جانب معالي وزير الداخلية والبلديات الأستاذ نهاد المشنوق لقوى الأمن الداخلي، وسعيه الدائم لدى الدول الصديقة والشقيقة لتوفير التقديمات المالية والعينية السخية لها ولإصرارنا على تطوير هذه المؤسسة، الأثر البالغ في تحقيق نقلة نوعية في عديدها وعتادها، كما مكنت قوى الأمن الداخلي من الارتقاء في مستوى أدائها الميداني، واعتماد إيدولوجيات أمنية حديثة تقوم على إعلاء شأن حقوق الإنسان، والتحول نحو مفهوم الشرطة المجتمعية وبناء الشراكة بينها وبين مؤسسات المجتمع المدني، وتحقيق ما يلزم من تجهيزات حديثة وبرمجيات متقدمة والقيام بتدريبات حرفية ساهمت جميعها في رفع مستوى أداء العديد من قطعاتها المتخصصة، وهذا ما مكنها أيضا من التفوق ورفع اسم لبنان في العديد من المناسبات الدولية والإقليمية التي شاركت فيها، من ذلك إحراز بطولات وتبوؤ مراكز متقدمة في العديد من المباريات الأمنية والرياضية الدولية والإقليمية، كما تجلى تفوقها في إحراز السرية الخاصة - الفهود التابعة لوحدة القوى السيارة لقب البطولة في مباراة المحارب الدولي الثانية التي أجريت مؤخرا في الأردن الشقيق، والتي شارك فيها وحدات من دول كبرى مشهود لها بإمكاناتها على مختلف الأصعدة".
وقال: "كما نجحنا في قوى الأمن في تجاوز الكثير من الصعوبات، ومجابهة العديد من المخاطر التي كانت تقف خلفها تنظيمات إجرامية منظمة، وفككنا الكثير من الشبكات التابعة لها، وأحبطنا العديد من المخططات، وأوقفنا أعدادا كبيرة من كبار المجرمين الضالعين في جرائم مختلفة كالإرهاب، والمخدرات، والاتجار غير المشروع بالأسلحة، والاتجار بالبشر وجرائم المعلوماتية وغيرها من الجرائم، وقد أنزلنا في صفوف المجرمين خسائر كبيرة، وفي المقابل قدمنا عددا من الشهداء والمصابين في معارك وتحديات لم نخترها بل فرضت علينا، وقدرنا أن نبقى لها بالمرصاد وعلى أهبة الاستعداد للتصدي لها حيث تقتضي المواجهة".
اضاف: "إن دور قوى الأمن لا يقتصر على مجابهة الجريمة بمختلف أشكالها وصورها، إنما لهذه المؤسسة دور أساسي وفاعل في تسيير الشؤون الحياتية اليومية للمواطنين وتسهيلها، كما تؤدي دورا جوهريا في الاستحقاقات الوطنية الرئيسة، والتي كان آخرها الانتخابات البلدية والاختيارية حيث قامت قوى الأمن الداخلي وبمشاركة فاعلة من الجيش اللبناني بمهام توطيد الأمن وحفظ النظام وحماية مراكز الاقتراع وتوفير الجو الملائم لسير العملية الانتخابية، والتي جرت في أجواء من الديمقراطية وحرية التعبير، والتي لاقت ارتياحا عارما لدى جميع المواطنين، وشجعتهم على القيام بممارسة حقهم الدستوري، وفي هذا الإطار نأمل أن تكون هذه الانتخابات وما رافقها من استقرار أمني حافزا للسير بمختلف الاستحقاقات الدستورية".
وتوجه الى المتخرجين قائلا: "كونوا على قدر المسؤوليات الملقاة على عاتقكم، أوفياء للقسم الذي أقسمتموه، مخلصين للوطن، بعيدين كل البعد عن الميول الفئوية والاعتبارات الطائفية أو المذهبية، فلا تستجيبوا سوى للأوامر التي تتلقونها من رؤسائكم في سبيل تنفيذ القوانين وإحقاق الحق، وحماية المواطنين وصون حقوقهم وضمان حرياتهم، وأعلوا صوت ضمائركم واجعلوه فوق كل اعتبار، ولا تتوانوا عن ردع الظالم ومناصرة المظلوم، وسخروا السلطات والصلاحيات المخولة لكم ومعارفكم وخبراتكم لكشف الجرائم، وملاحقة الضالعين فيها. ومنذ هذه اللحظة ستتوزعون على مختلف قطعات قوى الأمن، لتخوضوا غمار الحياة العملية، فاحرصوا أن تكونوا مثال المواطن الصالح، ومثالا يحتذى به".
وختم: "وأخيرا نؤكد لكم أن هذه المديرية العامة إذ تسخر كل الإمكانات المتاحة لها من أجل توفير مقومات النجاح لكم في القيام بالواجبات الملقاة على عاتقكم، تؤكد أنها حريصة كل الحرص على تطبيق مبدأ الثواب والعقاب، فمقابل تكريمها للمتميزين في أدائهم والمبدعين في أعمالهم، والمتفانين في الخدمة، فهي لن تتوانى أبدا عن محاسبة الفاسدين والمقصرين والمخلين بواجبات الوظيفة وكل من يسيء استغلال السلطة لمآرب شخصية، وكلي ثقة بأن تسعوا لكي تكونوا في مصاف الشرفاء والمجلين".
ثم نفذت مجموعة من الرتباء المتخرجين عرضا عبارة عن محاكاة لعدة مهمات وعمليات أمنية متسلسلة، تلاها عرض عسكري على وقع موسيقى قوى ألأمن الداخلي وبناء على أوامر قائد العرض المقدم فادي حامد.
وفي الختام أقيم حفل كوكتيل بالمناسبة والتقطت الصور التذكارية.