التبويبات الأساسية

ترأس راعي أبرشية مار مارون أوستراليا المطران انطوان- شربل طربيه قداس الشكر والتضامن مع بيروت الذي دعت اليه المؤسسة البطريركية المارونية العالمية للإنماء الشامل عند السادسة والدقيقة الثامنة من مساء أمس في كنيسة مار مخايل النهر، وشارك فيه مطران بيروت للموارنة بولس عبد الساتر والأساقفة الموارنة في بلدان الانتشار: المطران ادغار ماضي من البرازيل، المطران بول مروان تابت من كندا، المطران يوحنا - حبيب شامية من الارجنتين والمطران سيمون فضول من افريقيا، السفير البابوي جوزف سبيتاري، الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية نعمة الله هاشم، الأمين العام للمدراس الكاثوليكية الأب بطرس عازار وعدد من الكهنة والآباء.

حضر القداس محافظ بيروت القاضي مروان عبود، رئيس غرفة الطوارىء المتقدمة في بيروت العميد الركن سامي الحويك ممثلا قائد الجيش العماد جوزاف عون، رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن، نائب رئيس المؤسسة البطريركية المارونية العالمية للإنماء رئيس جمعية المصارف الدكتور سليم صفير، رئيس الرابطة المارونية النائب السابق نعمة الله ابي نصر، نقيب المحامين ملحم خلف، نقيب الأطباء البروفسور شرف ابو شرف، نقيب مقاولي الأشغال العامة في لبنان المهندس مارون حلو، رئيس الصليب الأحمر اللبناني الدكتور انطوان الزغبي، رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق القاضي جان فهد، رئيس رابطة مخاتير بيروت بشاره غلام، رئيس مجلس ادارة مرفأ طرابلس الأسبق انطوان حبيب، أعضاء مجلس أمناء المؤسسة البطريركية وعدد من المؤمنين.

العظة
بعد تلاوة الإنجيل المقدس، ألقى المطران طربيه عظة، جاء فيها:
"قداسنا فعل شكر لله، مصدر كل خير وعدل وحق، لأنه، و على الرغم من الازمة المعيشية المأساة التي يعيشها اللبنانيون، ومن الدمار الكبير الذي أحدثه الانفجار الجريمة في مرفأ بيروت في الرابع من شهر آب، نلتقي اليوم، لا لنتساءل عما حدث، انما لنرفع أدعية الشكر لله، مصلين من أجل كل الايادي البيض، وكل الجمعيات والمؤسسات الخيرية، من لبنان ومن بلدان الانتشار، التي هبت لمساعدة المنكوبين، وللوقوف الى جانب كل متعب ومشرد، ومجروح وحزين وفقير. فإرادة الخيرين والمحسنين من مقيمين ومغتربين أقوى من أي انفجار ومأساة، لأنه وكما يقول القديس بولس: حيثما كثرت الخطيئة فاضت النعمة.
وأريد في هذه المناسبة أن اتوجه مع اخوتي السادة الاساقفة، بالامتنان الى صاحب السيادة المطران بولس عبد الساتر، راعي هذه الابرشية المباركة، الذي اتاح لنا، نحن اساقفة الانتشار الماروني، فرصة الاحتفال بهذا القداس التضامني مع اهل بيروت، وخصوصا مع اهل الشهداء وكل المنكوبين بسبب الانفجار.

وأود ان أشكره باسمكم جميعا، على تضحياته الكبيرة وعمله الدؤوب لتضميد الجراح، ومساعدة المنكوبين وإعادة بناء ما تهدم. كما كلفني المطران عبد الساتر أن أنقل شكره للمؤسسة البطريركية المارونية العالمية للانماء الشامل على كل ما تقوم به من جهد لترميم الابنية المتضررة في شارع مار مخايل كما في هذه الكنيسة الرعوية.

وقال: "يعلمنا الرب يسوع في مثل الوزنات الذي نتأمل به اليوم، أننا مدعوون ليس فقط الى قبول العطايا والمواهب التي خصصها الله لكل واحد انما الى الالتزام بتثميرها من أجل تحقيق الذات، وخير الجماعة وانماء الشخص البشري والمجتمع.
كم هو مهم اليوم ان نضع مواهبنا ووزناتنا وإمكاناتنا من أجل اخوتنا واخواتنا الذين قست عليهم الايام والظروف، خصوصا في بيروت، وهم ينتظرون ان تمتد نحوهم يد الرحمة والمعونة... وهكذا عندما يأتي زمن الحساب والدينونة يكون الثواب لمن ثمر وزناته وعطاياه في عمل الرحمة والخير، ويكون العقاب لمن اغلق بابه ومنع عطاياه عن اخوته المحتاجين والفقراء".

أضاف: "يختلف احتفالنا بالقداس اليوم عن اي قداس احتفلنا به سابقا في رعايا ابرشية بيروت. فكنيسة مار مخايل لها تاريخها وحضورها في هذه المنطقة، وقد صمدت في زمن الحرب وكانت ملجاء للكثيرين من ابناء المنطقة والرعية.
لم نكن نتوقع اننا سنعود يوما الى هذه الكنيسة ونشهد من جديد على الاضرار الكبيرة التي لحقت بها. لذلك كانت بداية قداسنا اليوم عند الساعة السادسة مساء و8 دقائق: لا لنتذكر الانفجار المرعب وتداعياته، انما لنفجر حدثا من نوع آخر: انه وبحسب الكاتب الفرنسي روول فوليرو، انفجار المحبة والسلام. فليرم كل منا قنبلة سلام او قنبلة محبة حوله في العالم. من هذا المنطلق، لا بد من تنطلق مسيرة جديدة، انها مسيرة العطاء والرحمة،انها مسيرة التغيير والرجاء ،انها مسيرة الشفافية والمسؤولية، انها مسيرة رفض الامر الواقع والعمل على تغيير ما يجري ووضع خطة وطنية جدية لإنقاذ البلاد".

وتابع: "يختلف لبنان الوطن هذه المرة عما كان عليه في آخر زيارة لنا إليه في حزيران 2019: لم يعد قبلة انظار شبابه الطموح والواعد، فقد تجاوزت البطالة عتبة 50 في المئة وأصبح الكثيرون يبحثون عن طريق للهجرة الى اي بلد آخر، يؤمن لهم ما تقاعس المسؤلون عن تأمينه لشباب الوطن. والمؤسف أن الكثيرين في الخدمة العامة استغلوا موقع المسؤولية، لا ليخدموا الناس وقضايا الوطن، انما لتأمين مصالحهم الشخصية والانانية على حساب الدولة، فنجحوا بتكديس ثروات تفوح منها رائحة الفساد واختلاس المال العام.
ويؤسفني القول ان كل ذلك يحصل امام عيون الجميع واتضحت الارادة الشريرة التي تغطي الفساد والفاسدين وتدعم البعض في الداخل اللبناني لكي يستبد ويهيمن ويسقط كل ما يقف في طريق سيطرته غير المشروعة على الدولة ومؤسساتها في لبنان.
وتختلف زيارتنا لبيروت هذه المرة عن اي زيارة سابقة بعد ان ولى زمن الحرب. فمدينة بيروت - وهي مفخرة اللبنانيين وست الدنيا - تئن اليوم بعد ما اشبعتها يد الغدر والاجرام جراحا وقتلا وتدميرا. كما تحاول يد الشر هذه ان تهدم ثقة اهل بيروت بمدينتهم، وتضرب الامل في نفوس شباب لبنان".

وقال طربيه: "جئت اليوم مع اخوتي الاساقفة لنقول لهؤلاء: لا... لا، لن تنالوا من عزة وكرامة وعنفوان اهلنا في بيروت. لا، لن تنالوا من عزم اللبنانيين مقيمين ومغتربين على اعادة اعمار ما تهدم. لا، لن تستطيعوا القضاء على طموح شبابنا وتزوير التاريخ وهوية الارض ومستقبلها. فمن يطالع تاريخ هذه المدينة العريقة يعرف تماما ان بيروت باقية وستنتفض مثل طائر الفينيق، لأن إرادة اهلها اقوى من اي انفجار ومصيبة وازمة.
أحبائي، نحن اليوم هنا، اساقفة موارنة ورعاة لأبرشيات عدة من بلدان الانتشار: فمعنا صاحب السيادة المطران ادغار ماضي من البرازيل، وصاحب السيادة المطران بول مروان تابت من كندا، والمطران يوحنا - حبيب شامية من الارجنتين، وصاحب السيادة المطران سيمون فضول من افريقيا وانا من اوستراليا. اتينا بناء لدعوة صاحب الغبطة والنيافة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ، لنشارك في اعمال السينودوس الماروني. اتينا لنؤكد على اتحادنا مع صاحب الغبطة في مواقفه الكنسية والوطنية، وخاصة في موضوع الحياد الايجابي الذي نجد من خلاله ضمانة للسلام في لبنان وطريق اكيد لمستقبل افضل لكل اللبنانيين.

لقد أتينا لنقول لكم مع قداسة البابا فرنسيس، اننا كلنا اخوة. نعم اننا اخوة لكل عاطل عن العمل او منسي او مشرد او فقير. اننا اخوة لكل شخص فقد نسيبا او قريبا او حبيبا. اننا اخوة لكل متألم ومريض او مسجون. اننا هنا اليوم لنؤكد اننا كلنا اخوة في هذا الوطن العظيم وطن الرسالة والانسان. فنحن الى جانبكم في هذه الازمة المصيرية، ولن ننساكم أو نتخلى عنكم، ولا عن جذورنا، ولا عن هذه الارض التي اعطت قديسين مهما بلغت التضحيات".

ورأى أن "تضامن اللبنانيين مقيمين ومغتربين هو السد المنيع امام تغيير هوية لبنان وهو بالوقت عينه فعل ايمان ووقفة عز ووفاء خصوصا لدماء الشهداء". وقال: "بالرغم من صعوبة المرحلة وتحطم امواج الطموحات عند صخور الانهيار الاقتصادي والمعيشي، فلنبدأ ورشة عمل تعيد الثقة لأن لبنان باق، وبدل ان نلعن الظلمة الحالكة تعالوا لنضىء معا شمعة ايمان ورجاء في سماء هذا الوطن الحبيب".

أضاف: "عندما كلفني صاحب الغبطة والنيافة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الكلي الطوبى، أن أكون مرشدا روحيا لـ"المؤسسة البطريركية المارونية العالمية للانماء الشامل"، لم يخطر على بال احد منا اننا سنلتقي يوما في هذه الكنيسة لنقدم قداس شكر لله من اجل المحسنين وملائكة الرحمة، ومن اجل الضحايا البريئة التي سقطت في انفجار بيروت.
فباسم اخوتي الاساقفة وباسمكم جميعا نجدد التعزية لعائلات الضحايا ونصلي لراحة نفوسهم، ونتوجه بالشكر الى المؤسسة البطريركية التي دعتنا اليوم لإقامة هذا القداس. فاسمحوا لي بان اشكر أعضاءها فردا فردا على كل الجهود التي يبذلونها وعلى التزامهم ترميم الابنية المتضررة في شارع مار مخايل. وأخص بالشكر نائب رئيس المؤسسة الدكتور سليم صفير على عمله الدؤوب وعلى التزامه الشخصي بإعادة ترميم هذه الكنيسة المباركة لتعود واحة صلاة وايمان ورجاء.
وفي الختام أشكر كاهن الرعية الاب ايليا مونس ومعاونيه، على استقبالهم الحار لنا وعلى تفانيه في خدمة هذه الرعية.
واتوجه بالشكر أولا الى الجيش اللبناني ولقيادته الساهرة على أمن الوطن الممثلة معنا اليوم بالعميد الركن سامي الحويك، رئيس غرفة الطوارىء المتقدمة في بيروت، كما اخص بالشكر سعادة المحافظ ورئيس بلدية بيروت اللذين لا يوفران جهدا للإسهام بعملية الاعمار".

وختم: "في هذا الاحد الاخير من شهر الوردية المقدسة، نضرع الى العذراء مريم سيدة لبنان لكي تشفع لنا عند ابنها يسوع، فنبقى مخلصين لإرادته ونثمر الوزنات التي اعطاها لكل واحد منا، فنستحق في اليوم الاخير ان نسمع صوته قائلا لنا: طوبى لك ايها العبد الصالح الامين... كنت امينا على القليل فسأقيمك على الكثير، أدخل فرح سيدك".

صفير
وفي نهاية القداس، ألقى الدكتور صفير كلمة قال فيها: "نجتمع اليوم في كنيسة مار مخايل، حيث الشهادة والشاهد على جريمة عصر دمرت في غفلة من الزمن مساء 4 آب الماضي احلام وطن وطموح شعب.
كان الإنفجار الرهيب سببا لاستشهاد أكثر من 200 بريء وإصابة أكثر من ستة آلاف مواطن وتهجير 300 الف انسان، ومحو معالم الحياة تقريبا في جزء كبير من العاصمة بوجهها التراثي والإجتماعي. وكان لا بد امام هول هذه المصيبة، من مبادرة وخطوة سريعة، فاندفعت المؤسسة البطريركية المارونية العالمية للإنماء الشامل، وبهمة اعضائها، لمد يد العون والدعم الى المواطنين من خلال قرارها بإعادة ترميم كامل شارع فرعون، حيث نحن بشققه السكنية الـ 200 ومحلاته التجارية ال 24، كما المساهمة في ترميم هذه الكنيسة التي أصابها الحدث الليم بأفدح أضرار.
وعلى الرغم من كل المصاعب استمرت الأعمال بتنسيق مع راعي ابرشية بيروت المطران بولس عبد الساتر، كما المراجع المعنية، التزاما من المؤسسة برسالتها الإنسانية - الإجتماعية وانفاذا لتوجيهات رئيسها صاحب الغبطة البطريرك مار بشاره بطرس الراعي، ودائما بهمة الأعضاء واندفاعهم.

وقداس اليوم هو للترحم على الضحايا، ولشكر كل الذين قدموا يد العون لدعم مؤسستنا، من هيئات كنسية او علمانية في لبنان ومن خارج لبنان، فلهم الشكر والإمتنان، من هنا أهمية مشاركة اساقفة الإنتشار معنا في هذه المناسبة. ذلك ان الوطن في حاجة الى كل طاقات ابنائه، لا سيما المنتشرة منهم للوصول الى الإنقاذ وضمان الخلاص المنشود".

أضاف: واسمحوا لي باسم "المؤسسة البطريركية المارونية العالمية للإنماء الشامل" وباسمي الشخصي، ان اوجه تحية من القلب وعرفانا بالإمتنان الى اصحاب السيادة، اساقفة الكنيسة المارونية في البرازيل وكندا والأرجنتين وافريقيا واوستراليا على دعمهم للبنان وشعبه، وعلى مشاركتهم معنا في هذه المناسبة، وهو ما أعطانا نفحة أمل في البقاء. وإنني في المناسبة، أشكر كل اخوتي في المؤسسة البطريركية المارونية العالمية للإنماء الشامل، واتضرع الى الله ليحمي كل اهل الخير وليحفظ لبنان.
ولا بد ختاما، من توجيه تقدير واحترام الى المؤسسة الوطنية الكبرى، عنيت الجيش اللبناني الذي لم يتوان عن الوقوف بكل طاقاته وامكاناته الى جانب المنكوبين والموجعين والمصابين، فأسهم مساهمة فعالة في التخفيف عنهم وفي زرع الأمل عند من فقدوه، بأن للوطن ابناء ورجال باقون في خدمته وخدمة شعبه لو قست الظروف".

صورة editor3

editor3