بعيون مليئة بدموع الفراق وبأصوات مخنوقة من صدمة الوداع المفاجئ، وبقلوب مفعمة برجاء المؤمنين بقيامة السيد المسيح، ودّع الزحليون الأب والأخ والصديق والرفيق، مدير جوقة كاتدرائية سيدة النجاة المغفور له المرحوم نديم اميل جريصاتي بمأتم مهيب في كاتدرائية سيدة النجاة ترأسه رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران عصام يوحنا درويش بمشاركة لفيف الكهنة وحضور جمهور الأهل والمحبين والزملاء وعائلة الفقيد واعضاء جوقة كاتدرائية سيدة النجاة.
وكانت للمطران درويش كلمة عدد فيها مزايا الراحل الكبير وتوجه بالتزية الى الأهل والمحبين وقال :
" أيها المسيح المخلِّص، مَجِّد في السماوات هذا الذي خدَمَكَ كنيستك على الأرض"
نسألك يا رب، أن تُمجّد في هذا النهار أخانا نديم جريصاتي الذي خدمك بإخلاص وخدم كنيستك بحب وشغف وفرح.
نسألك يا رب، أن تجعله اليوم شريكاً لكل الذين يتقونك ويحفظون وصاياك.
نسألك يا رب، أن تزيل الكآبة التي تمتلكنا حزناً على انتقال أخينا نديم، فلقد بلغت الغصّةُ قلوبَنا حينَ بلغَنا خبرُ وفاتِكَ، فيا سيدي يسوع المسيح، رتِّب له أن ينتقلَ إلى سِنِيِّ أنوارك المقدسة حيث أصوات الابتهاج والتسبيح."
واضاف " أيها الأخ العزيز نديم
نخاطبك اليوم وأنت ابنُ الكنيسة، فقد كنتَ شريكاً لها خلال حياتك على الأرض، وهذه هي عظمتك، أنك كرّستَ حياتك لتمجيد الله وتمجيد الإنسان، من خلال صوتك وخدمتك في الجوقة ومن خلال وداعتك وتواضعك.
نخاطبك، أيها الراقد أمامنا، يا حبيب سيدة النجاة، وقد غادرتَها، وهي لن تغادرك، ونحن، في عزِّ حاجتنا إليك.
طيبتُك، ابتسامتُك، وداعتُكَ، تقواكَ، كِبَرُ نفسكَ، أمانتُك، صدقُكَ، لينتُكَ، ثباتُكَ في المحبة، رقةُ كلامِكَ، إخلاصُكَ لكنيستك، التزامُكَ بالخدمة.. كلها تشهدُ لك، كما تشهد لجميع الصدّيقين الذين يتقون الرب والذين يفرحون به، هناك في ملكوت السماوات.
أما خدمتُكَ في الجوقة هي بحد ذاتها كهنوتٌ مُقدس، فالذين يلتصقون مثلك بالكنيسة وبخدمتِها هم كهنة يُقدمون ذبيحتهم تسبيحا للرب وتمجيدا له. أما مسلكُكَ فكان كمسلكِ من يتقي الرب، حققتَ من خلالهِ ما أراده الربُّ لك.
صحيحٌ أن الموتَ حق، لكن موتَك أيها الأخ الحبيب نديم، مؤلمٌ، موجعٌ وحزينٌ ومؤسفٌ. لكننا على يقين بأن المسيح الذي غلبَ الموت، حررك بغلبته منه، فصار موتُك عبوراً وقيامة.
ونحن كلُنا سنفتقدك. كاتدرائية سيدة النجاة ستفتقدك، والعابدون فيها سيفتقدونك، لكن صوتَك وأنغامَك وألحانَكَ وأناملَكَ ستبقى تُصلي في حنايا قلوبنا وفي حنايا هذه الكنيسة. كم من مرة قلت لك بعد احتفالاتنا الليترجية، بأنك تستقدم، أنت والجوقة، السماء إلينا وها هي تستدعيك اليوم إليها لتكون أحد مواطنيها."
وختم سيادته " برحيلكَ عنا، نتعلم بأن رجاءَنا يجب أن يكون واثقاً في الله، وبأن هذا الرجاء يحمينا ويقوينا، ويجعلنا نرى عطية الله في الزمن الأخير، لأننا به نخلُص وبه نزداد قوة، لنحتمل أعباء هذا الدهر.
صلاتنا معكم، سيدتي العزيزة نينا، بناتَ الراحل الكريم، شقيقَه وشقيقَتُه وجميعَ آل جريصاتي، ودعاء جميع المحبين ترافق المرحوم نديم ليرقد بسلام مع الابرار والقديسين.
باسمي وباسم صاحب السيادة المطران نيفن صيقلي وقد كلفني أن أنقل إليكم جميعا تعازيه الحارة، وباسم جميع كهنة أبرشيتنا والكهنة الحاضرين نعزيكم، ونطلب من الرب أن يُمَجِّد في السماوات هذا الذي خدَمَكَ على الأرض.
المسيح قام!.. حقا قام!.."
بعد المأتم انتقل الجميع اللى صالون المطرانية حيث تقبلت العائلة والمطران درويش التعازي.