أمر رئيس الوزراء العراقي، عادل عبدالمهدي، القوات الخاصة لـ «مكافحة الإرهاب»، بالانتشار في شوارع العاصمة بغداد، واستخدام أي وسيلة لإنهاء الاحتجاجات ضد الحكومة، بعد مظاهرات تجدد فيها سقوط ضحايا من المتظاهرين. ونقلت وكالة رويترز عن مصدرين أمنيين في العراق -لم تذكر اسمهما- أن عبدالمهدي طلب في مذكرة أرسلها إلى قائد جهاز مكافحة الإرهاب، نشر قواته واستخدام كل الوسائل الضرورية لإنهاء الاحتجاجات في بغداد. ضرب واعتقالات وقالت الشرطة المحلية ومصادر أمنية، إن جهاز مكافحة الإرهاب العراقي انتشر في مدينة الناصرية بجنوب البلاد، حيث اشتبك متظاهرون مع قوات الأمن أمس السبت، ففرَّق المظاهرات بضرب واعتقال العشرات. وفي غضون ذلك، قالت الشرطة ومصادر في وزارة الصحة العراقية، إن سبعة محتجين على الأقل قُتلوا، وأصيب 38 في مدينة الحِلة العراقية ليلة السبت/الأحد، بعد أن فتح أعضاء من منظمة «بدر» المدعومة من إيران، النار على المحتجين. وخلال يومين من الاحتجاجات، قُتل ما لا يقل عن 67 شخصاً وأصيب مئات في العراق، وكان لمدينتي بغداد والناصرية النصيب الأكبر من أعمال العنف ضد المتظاهرين، أمس السبت، في حين استمر المتظاهرون في صب جامّ غضبهم على النخبة السياسية، التي يقولون إنها فشلت في تحسين أوضاعهم المعيشية بعد سنوات من الصراع والمصاعب الاقتصادية. وفي بغداد، أطلقت قوات الأمن قنابل الغاز، لتفريق المحتجين بميدان التحرير، وذكرت مصادر أمنية وطبية أن أربعة أشخاص قُتلوا بعدما أصيبوا بقنابل الغاز في رؤوسهم مباشرة، في حين أصيب آخرون. قتلٌ لمحتجين ولقي أربعة آخرون حتفهم في الناصرية عندما اقتحمت مجموعة من المحتجين منزل مسؤول أمني محلي، وقالت الشرطة إن الحرس فتح النار على المتظاهرين بعد أن أحرقوا المبنى. وفي جنوب العراق، أضرم محتجون غاضبون النار في 5 مقار لفصائل بـ «الحشد الشعبي» في محافظة ميسان. ونقلت وكالة الأناضول عن مصدر في قيادة شرطة ميسان، مشترطاً عدم الكشف عن اسمه، قوله إن «المتظاهرين أضرموا النيران في مقار لفصائل بدر، وكتائب الإمام علي، والنجباء، ومعسكر القدس، وأنصار الله الأوفياء». والفصائل المذكورة ضمن «الحشد الشعبي»، وبعضها على صلة وثيقة بإيران، وبوجه خاص، فصيل بدر بزعامة هادي العامري. وأوضح المسؤول ذاته أن «المتظاهرين أضرموا النيران أيضاً في مقار لحزب الفضيلة، ومقر كتلة السنيد، ومقر كيان الصالحون، ومكتب تحالف الفتح». احتجاجات واسعة وهذه ثاني موجة احتجاجات خلال الشهر الجاري، بعد موجة أولى قبل أسبوعين قُتل فيها 149 محتجاً وثمانية من أفراد الأمن. وطالب المحتجون في البداية بتحسين الخدمات العامة، وتوفير فرص عمل، ومكافحة الفساد، قبل أن يرتفع سقف مطالبهم إلى إسقاط الحكومة؛ إثر استخدام الجيش وقوات الأمن العنف المفرط بحقهم، وهو ما أقرت به الحكومة، ووعدت بمحاسبة المسؤولين عنه. ومنذ بدء الاحتجاجات، تبنَّت حكومة عادل عبدالمهدي حزم إصلاحات في قطاعات متعددة، لكنها لم تُرضِ المحتجين، الذين يصرُّون على إسقاط الحكومة. ويسود استياء واسع في البلاد من تعامل الحكومة العنيف مع الاحتجاجات، في حين يعتقد مراقبون أن موجة الاحتجاجات الجديدة ستشكل ضغوطاً متزايدة على حكومة عبدالمهدي، وقد تؤدي في النهاية إلى الإطاحة بها. ويعتبر العراق من بين أكثر دول العالم معاناة من الفساد على مدى السنوات الماضية، حسب مؤشر منظمة الشفافية الدولية، إذ قوض الفساد المالي والإداري مؤسسات الدولة التي لا يزال سكانها يشكون من نقص الخدمات العامة من قبيل خدمات الكهرباء والصحة والتعليم وغيرها، رغم أن البلد يتلقى عشرات مليارات الدولارات سنوياً من بيع النفط.