للإصطياف والنقاهة هي العنوان الأكيد، للطبيعة النقيّة والهواء العليل هي المكان الصحيح، للهدوء والسلام تبقى دائماً وأبداً هي الإتجاه اليقين.
هي الشوير المتنية الراقية التي نفضت عنها غبار الحرب الأليمة لتسير بنهضة إنمائيّة شاملة أرست أسسها المجالس البلدية المتعاقبة منذ العام 1991، والتي نجحت في إعادة إدراج البلدة على الخارطة السياحيّة كبلدة اصطياف خمس نجوم وأكثر.
فشوير التي قست عليها ظروف الحرب أكثر من غيرها بفعل تواجد الوحدات العسكرية الغريبة على أراضيها إلى ما بعد انتهاء المعارك، تمكنّت من استعادة دورها المتألق والمشرق في المتن وكل لبنان بفضل مجموعة من أبنائها المجاهدين الذين عملوا ليلاً نهاراً من أجل رفع الغبن اللاحق بالبلدة ودفعها باتجاه الإنماء الذي تستحق.
وبالفعل، ها هي الشوير تعود اليوم لتشكّل نقطة جذبٍ حيويّة ليس فقط للسياح المحليين والأجانب، بل لأهلها الذين تغربّوا منها وانتشروا في اصقاع الأرض ليعودوا إليها في رحلة البحث عن الجذور.
أسرة مجلتنا إلتقت رئيس بلديّة الشوير المهندس الأستاذ حبيب مجاعص الذي وضعنا في صورة المشاريع المنجزة وأبرز المشاريع المستقبلية في ضوء الحراك اللافت الذي يعيشه الدار البلدي.
وفي ما يلي أرز ما دار في اللقاء.
ماذا تقولون عن هذه البلدة المميّزة؟
إن ضهور الشوير هي من أقدم بلدات الاصطياف على الإطلاق بل هي عروس المصايف من دون منازع بين ثلاثينات القرن الماضي وحتى اندلاع الحرب في العام 1975، بحيث كان يتواجد فيها نحو 12 فندقاً، وكان يزورها أكثر من 7000 سائحاً للاستمتاع بالمطاعم والمقاهي المنتشرة على أرصفتها، وكذلك بالفرق الموسيقية التي كانت تعزف لساعات الفجر الأولى، مع الإشارة الى ان الشوير كانت تضمّ 3 دور سينما في الوقت الذي كان عدد تلك الدور 4 او 5 في كلّ جبل لبنان. للحقيقة كانت السياحة أحد أهمّ ركائز الإقتصاد في هذه المنطقة، إنّما للأسف أتت الحرب وحطت رحالها في ضهور الشوير وقضت على كلّ شيء، إلّا أن النهوض بدأ مع انتخاب أوّل مجلس بلدي بعد انتهاء الحرب في العام 1991، حيث راحت البلديّات المتعاقبة تعمل على تحسين وتفعيل دور البلديّات، إنما ما أخرّنا في هذا الإطار، هو الوجود العسكري الكبير في البلدة علماً أنها كانت آخر البلدات التي خرجت منها الوحدات العسكرية المنتشرة طوال تلك الفترة، الأمر الذي كان له تداعيات سلبيّة جداً على الإقتصاد المحلّي وعلى السياحة. وبالفعل يمكن القول ان ضهور الشوير بدأت تستعيد حيويتها منذ نحو 10 سنوات، وهنا إسمحوا لي أن ألفت انتبهاكم إلى أن قدوم بعض الأشخاص الديناميكيين، أصحاب الوزن الإقتصادي المهمّ أدى التى تحريك عجلة النمو، وعلى رأس هؤلاء معالي الوزير الياس بوصعب الذي شكّل وجوده في البلدية نقطة تحول بحيث ساهم في إعادة الروح إلى البلدة ووضعها على الخارطة السياحية والإنمائيّة مجدداً. من بعده أكملت البلديّات العمل بالروحية والديناميكية نفسها، وأتينا نحن كمجلسٍ جديد برئاسة الريّس الياس أديب صوايا، رحمه الله، لنكمل مسيرة الإنماء ونضع المشاريع الذي طرحها الريّس السابق على السكّة الصحيحة. وهنا اسمحوا لي أيضاً أن انوّه بجهود المجلس بكافة أعضائه لأن بانسجامهم وتضامنهم استطعنا تحقيق النجاح.
هل واجهتم صعوبات معيّنة في تولي مهام رئاسة البلدية؟
في الحقيقة أنا ناشط في الأعمال الاجتماعية والخيرية ولدي فكرة معمّقة عن العمل العام. من هنا، يمكن القول بأن بعض الإجراءات الإداريّة والأعمال الروتينية اختلفت طبعاً، إنّما من ناحية المشاريع وغيرها فأنا لم أجد صعوبات كوني مهندسٌ ولي شركتي وموظفين وبالتالي أنا معتادٌ على الأعمال الإدراية الروتينية ولي خبرة في إدارة المشاريع الإنمائيّة.
ما هي الرؤيا التي تحملها هذه البلديّة، ولماذا تتميّز عن البلديّات المجاورة؟
الرؤيا التي تبنيناها في المجلس البلدي الجديد تقوم على وضع بلديّة الشوير بموقعٍ متقدّمٍ على كلّ البلديّات لناحية الشفافية، فقد وقعنا عقداً مع وزارة التنمية الإدارية ومؤسسة “O.C.D.” التي تعنى بشفافية العمل الحكومي وليس البلدي، اذ كان لهؤلاء رغبة في إقامة مشروع في لبنان وقد تواصلوا معنا ومع بلدية بيروت، وبالفعل كنا سبّاقين في هذا المجال، اذ قدموا الى بلديّتنا وأجروا التدقيق اللازم ونحن اليوم بطور أخذ شهادة منهم لجهة التعاطي مع المواطن بشفافية مطلقة على غرار البلديّات الأوروبية، وأيضاً لجهة الـ»Open Government”، بمعنى ان المواطن يعتبر البلدية كبيته يدخل مباشرة إليها ويتواصل معي من دون أي مواعيد مسبقة، على اعتبار أن عملنا هوالخدمة وليس السلطة. وهنا لا بدّ من التنويه أيضاً بطاقم موظفي البلديّة وجهودهم في هذا الإطار، فنحن نشكلّ عائلة واحدة.
ما هو عدد أعضاء البلديّة؟
في الأساس تتألّف البلديّة من 15 عضواً، انما نحن اليوم 14 عضو بحكم وفاة الريّس صوايا، لدينا أيضاً 12 موظفاً ثابتاً بالإضافة الى 12 عنصر شرطة و 25 موظفاً متعاقداً.
كيف تنظرون الى استقلالية المجالس البلديّة والى أي مدى تعتبرونها حقاً سلطة قائمة بحد ذاتها؟
إنّ أول مشكلة تواجهنا في هذا الصدد هي اللامركزية الإدارية، ذلك ان القوانين تفترض ان يكون رئيس البلدية رئيس السلطة التنفيذية في بلدته انّما نحن نبقى مكبلّي الأيادي. فعلى مستوى المشاريع والنفقات، نجد أنفسنا ملزمين بمبالغ معيّنة لأنه توجد آليّة خاصة للمشاريع الكبرى التي تتطلب ميزانية كبيرة، من هنا نتجه الى تنفيذ مشاريع صغيرة حتى نريح الناس بالحدّ الأدنى. من ناحية أخرى، نحن لا نملك حق سنّ قوانين محليّة فلا نستطيع مثلاً فرض أو إلغاء ضرائب. لكن على مستوى آخر، يوجد تعاونٌ بيننا وبين الإدارات الرسميّة كالقائممقام والمحافظ الذي لم يكن لدينا شرف التعامل معه بعد، انما نحن لدينا حماسة كبيرة للتعرف إليه، وأيضاً مع الوزارات يوجد تعاطٍ إيجابي جدّاً، وهنا لا بدّ من توجيه تحيّة شكر لمعالي وزير الصحة السابق غسان حاصباني الذي كان له الفضل في إنشاء أوّل مركز رعاية صحية في ضهور الشوير والذي هو الوحيد في المنطقة، فالوزير تنبّه الى حقيقة ان المنطقة مهملة من حيث الرعاية الأولية، مع الإشارة الى ان هذه المراكز استحدثتها وزارة الصحة من اجل تخفيف الأعباء والضغط على المراكز الصحية كالمستشفيات. وكذلك يوجد أيضاً تعاون بيننا وبين وزارة الموارد، وللبلديّة أيضاً مولدّات التي تؤمن كهرباء 24/24، بالإضاقة الى ذلك قمنا بإنجاز شبكة كاملة للصرف الصحي بإنتظار ربطها بمحطة الخنشارة لمعالجة الصرف الصحي من ضمن خطة وضعتها الوزارة للمنطقة وتهدف إلى رفع التلوث عن جبل لبنان.
من الناحية الإنمائية أيضاً، لا بدّ من الإشارة الى المشاريع الرياضية المنجزة والتي يعود الفضل في إنشائها الى الريّس صوايا الراحل الذي تبرّع مع الوزير بوصعب بإنشاء “ستاديوم” بتكلفة تخطّت الـ 4 مليون دولار على أرضٍ تابعة للبلدية، بالإضافة إلى ملعب كرة قدم الذي يستقدم الشباب من كافة القرى والبلدات المجاورة.
كيف تعاملتم مع النازحين السوريين؟
في الحقيقة لقد وصل عدد النازحين الى 1800 شخصاً على عدد سكان يبلغ 3000 نسمة في فصل الشتاء، ما يعني أكثر من نصف السكان، إنما ضهور شوير بلدة منفتحة على كلّ الطوئف وكافة السياسات، لذلك لم يكن هناك أيّة مشاكل تذكر، إنما لا شكّ بأنّه بات هناك ضغطٌاً علينا لأن شبكات البنى التحتية غير مجهزّة لاستيعاب هذا العدد، فاضطررنا إلى أخد قرارات معيّنة كترحيل أي أجنبي لا يملك أوراقاً قانونية وإثر هذا الإجراء انخفض عدد النازحين الى 1200 شخصاً يعيشون بأمان بين الأهالي.
ماذا عن النفايات، كيف تعاملتم مع هذه الأزمة؟
في موضوع النفايات، فقد سبق للمجلس البلدي السابق ان اتخذ قرارات وتعاملنا معها كأهل البلدة واختصاصيين وعرضنا تصوّرات لحلول، وكان أحد هذه الحلول يقضي باستقدام محرقة من بريطانيا، على ان تكون بمثابة تجربة ومَثَل لكلّ البلديّات، ففي الوقت التي كان التعامل مع هذه المعضلة يتمّ عشوائياً، كنّا نحن نبني مصنعاً للفرزٍ وبالتالي كانت المحرقة آخر مرحلة في الفرز. طبعاً حصلت معارك مع الحراك المدني والناشطين البيئيين لناحية اعتبارهم ان المحارق تشكل عامل تلوّث، إنما كانت فكرة تجريبية ومن خلالها تمكّنا من معالجة الأزمة في أوجّها.
ما هي أبرز مشاريعكم المستقبلية؟
نحن لدينا برنامج أساسي يهدف الى ربط الضهور بالمتغرب اللبناني عموماً والشويري خصوصاً، ولهذ الغاية أيضاً قرّرنا تحديث او إعادة ترميم الأسواق القديمة في البلدة والتي يتجاوز عمرها مئات السنين، وسنكون بصدد القيام برحلات الى أماكن تواجد الاغتراب اللبناني لا سيّما أميركا والبرازيل التي تشكّل أحد اكبر التجمعات للشويريين وذلك لحثهم على زيارة بلدتهم، وسنقوم أيضا ببناء فندق و نزل لقاء مبالغ زهيدة جدّاً للمغتربين حتى يبيتوا بقرية جدودهم، علماً بأنه خلال السنة الماضية استقبلنا العديد من الوفود الاغترابية وقد لاحظنا وجود حنيناً لديهم للعودة الى الجذور. ان هذا البرنامج يشكل جزءاً مهمّاً من المرحلة القادمة، تخيلّوا وجود 8000 ألف مهاجر من الشوير فقط، من هنا نحن نولي هذا الموضوع اهتماماً خاصاً.