الدكتورة مريم سليم-
باحثة سياسية عراقية
مقدمة
تعتبر الدولة السورية من دول محور المقاومة التي رفضت دائما التنازل عن القضية الفلسطينية والرضوخ لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني متمسكة بعقيدتها الراسخة ازاء القضية والمتمثلة برفض الاعتراف بالكيان.
ما أن اندلعت موجة الشغب المدبرة على الدولة السورية والحرب الارهابية علیها في عام 2011 سارعت بعض الدول الطامعة لاستغلال هذه المسألة، وبدأت بتسليح مجموعات ارهابية ضد الدولة السورية عبر التنسيق الدقيق لشن الهجمات عليها. كان الدعم العسكري، المالي و الإعلامي يقدم لهم على مستوى ضخم وكان الهدف منه اسقاط الدولة السورية بأي تكلفة و بأسرع زمن ممكن.
بدأت الجماعات المسلحة المرتزقة التي تستقر بدول متعددة بالاحتشاد في سورية أملا منها بتاسيس دولة خاصة بها قائمة على التشدد وهدفها الرئيس هو تدمير الدولة السورية. رأت اسرائيل و الدول الأخرى في البداية بأن التدخل غير المباشر أقل تكلفة من التدخل المباشر عن طريق توظيف مرتزقة من بعض السوريين المغرر بهم والأجانب لتشكيل فصائل مسلحة ارهابية كبيرة من قبيل ( جبهة النصرة، الجيش الحر، داعش و غيره) عبر غرف عمليات عسكرية في الداخل و الخارج ضد الدولة السورية. فالتدخل المباشر يكون من خلال التدخل العسكري والتدخل بالقوة مثل احتلال عسكري للأراضي أو على شكل حصار، أو مصادرة أصول دولة أخرى أو رعاياها، أو اعتقال واحتجاز الأجانب أما التدخل غير المباشر يكون على شكل التدخل في شؤون الدول الأخرى دون استخدام القوة كالتدخل التخريبي من خلال قيام دولة بنشاط القصد منه التأثير على الوضع في دولة أخرى، كالدعاية الإعلامية من خلال استخدام البرامج الإذاعية أو التلفزيونية أو الوسائط الاجتماعية، التدخل الاقتصادي الذي ينطوي على فرض عقوبات وحظر ومقاطعة، بالتدخل في التجارة والشحن وعن طريق منع الوصول عن طريق البر والمياه. أما فيما يخص التدخل بناء على الطلب الذي يكون بموافقة الدولة المتدخل فيها فهذا التدخل الأخير يكون شرعيا وفقا للقانون الدولي.
بعد تكثف الحملة العدائية على سورية و الدعم و التدخل المباشر و الغير المباشر من الدول الثانية، ما كان أمام الدولة السورية إلا أن تستعين بحلفائها من أجل وقف هذه الهجمات الممنهجة ضدها مثل الاستعانة بدولة ايران و روسيا و الصين. في الحقيقة قبل الخوض بقانونية الوجود الإيراني في سورية لا بد من الإشارة إلى أن ايران تعتبر من القوى العظمى في العالم التي كانت و ما تزال تلعب دورا أساسيا في المنطقة. استطاعت عبر السنوات من أثبات وجودها في المنطقة و في العالم عن طريق تطوير قدراتها العسكرية و دعمها الدائم لحلفائها. العلاقات السورية الإيرانية أيضا ليست وليدة اليوم فجذورها تمتد لبدايات السنوات الأولى من انتصار الثورة الإسلامية الايرانية حيث تعتبر سورية أول دولة عربية اعترفت بحكومة دولة مهدى بازرکان باعتبارها اول حكومة بعد انتصار الثورة الاسلامية الايرانية و هي من أبرز الدول العربية التي وقفت إلى جانب إيران في الحرب العراقية عليها و رفضت الهجوم العراقي على سيادة إيران و نادت بضرورة الحفاظ على سيادة دولة ايران و قدمت الغالي و النفيس في سبيل نصرة إيران. لا نريد الخوض في مدى قوة العلاقات الإيرانية و السورية بالتفصيل و لكن يمكن القول بأن هذه العلاقة قائمة منذ بداية الثورة الإسلامية الإيرانية إلى الأن، في مواقف و مجالات متعددة على الصعيد الداخلي و الدولي و هي في تطور و تماسك دائم على كافة الأصعدة. لهذا، عندما شعرت الدولة السورية بالحجم الكبير للهجوم المنظم و الكبير عليها طلبت من دولة ايران رسميا بحمايتها من هذه الهجمات و التواجد في الأراضي السورية. امريكا و اسرائيل و تركية و عدد من الدول الأوربية كانت تدعم الجماعات المسلحة من البداية و عندما شعرت بأن الدعم غير المباشر لن يأتي بنتيجة تدخلت بشكل مباشر لتدعم الجماعات المسلحة ضد الدولة السورية و تدخلت بشكل غير شرعي و نقضت سيادة الدولة و قواعد القانون الدولي و سرقت ثرواتها و دمرت و أدت إلى تشكيل جماعات مسلحة جرت الويلات للشعب السوري البريئ. في الحقيقة تعمل دول متعددة على اعتبار الوجود الإيراني في سورية غير شرعي و غير قانوني لهذا نريد اثبات قانونية الوجود الايراني في سورية و اثبات بأن حملات الکیان الصهیوني عليها غير شرعي و غير قانوني و يعد نقضا لأهم قواعد القانون الدولي.
قانونية الوجود الإيراني في سورية من ناحية القانون الدولي
وفق البند السابع من المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة يحظر التدخل في الشؤون الداخلية للدول "ليس في هذا الميثاق ما يسوغ ”للأمم المتحدة“ أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما، وليس فيه ما يقتضي الأعضاء أن يعرضوا مثل هذه المسائل لأن تحل بحكم هذا الميثاق، على أن هذا المبدأ لا يخلّ بتطبيق تدابير القمع الواردة في الفصل السابع." وفق البند الرابع من المادة الثانية نصت على مبدأ حظر استعمال القوة في العلاقات الدولية من ميثاق الأمم المتحدة " يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد "الأمم المتحدة". هذا الأصل الحاكم على قواعد القانون الدولي إلا أن مسألة التدخل على طلب (عن طريق الدعوة) او نداء للمساعدة العسكرية، أو طلب المساعدة كرس نفسه في القانون الدولي و لا يشكل تدخلا بشوؤن الدول الأخرى. يمكن استنباط هذا مثلا بمفهوم المخالفة، أكدت الفقرة (هـ) من المادة الثالثة من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن تعريف العدوان لعام ١٩٧٤م على قانونية المبدأ وذلك عندما لم تعتبر استعمال دولة ما لقواتها المسلحة داخل إقليم دولة أخرى بناء على موافقة الدولة المضيفة على أنه عمل من أعمال العدوان، في حين اعتبرت مجرد التجاوز في استعمال تلك القوة عن الشروط المتفق عليها في الاتفاق أو الدعوة، أو مجرد التمديد للتواجد في الإقليم إلى ما بعد نهاية مدة الاتفاق على أنه عمل من أعمال العدوان. وكررت الجمعية العامة، وبمفهوم المخالفة أيضاً، اعترافها بمبدأ التدخل بناء على دعوة في الفقرة (ثانياً - س) في إعلانها الصادر بشأن عدم جواز التدخل بجميع أنواعه في الشئون الداخلية للدول العام ١٩٨١م، حيث جاء النص على أن مبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية والخارجية للدول يتضمن الحقوق والواجبات التالية، منها واجب الدولة في الامتناع عن مزاولة أي نشاط اقتصادي أو سياسي أو عسكري في إقليم دولة أخرى دون موافقتها. أي أنه وبموجب مفهوم المخالفة، فإن هذا القرار يعتبر التدخلات الاقتصادية أو السياسية أو العسكرية التي تتم بموافقة الدول على أنها تدخلات قانونية.
وهذا التأييد لمبدأ التدخل بناءً على دعوة تم التأكيد عليه من قبل مجلس الأمن الدولي للأمم المتحدة، على سبيل المثال، عندما نص في ديباجة قراره رقم ٣٨٧ لعام ١٩٧٦م بشأن عدوان جنوب أفريقيا على أنجولاء على أن كل دولة، وبموجب ما تتمتع به من حق قانوني وسيادي، وفي سبيل ممارستها لسيادتها، لها الحق في طلب المساعدة من أية دولة أو مجموعة دول والمساعدة هذا جاءت عامة بحيث تشمل المساعدة السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن محكمة العدل الدولية، وفي عدة أحكام قضائية، أيدت قانونية مبدأ التدخل بناء على دعوة، فمثلاً في حكمها في قضية نيكاراجوا لعام ١٩٨٦م، أشارت المحكمة إلى أن التدخل الذي يتم بناء على طلب حكومة الدولة لا يتعارض مع مبدأ عدم التدخل في القانون الدولي. وفي حكمها في قضية الأنشطة العسكرية بين أوغندا والكونغو في عام ٢٠٠٥م، أكنت المحكمة وبصورة غير مباشرة، على قانونية مبدأ التدخل بناء على دعوة، وذلك عندما خلصت إلى أن الاتفاقيات المتعددة التي عقدت بين الطرفين لأجل تنظيم وقف اطلاق النار والمحافظة عليه، ولأجل سحب القوات الأجنبية والمحافظة على العلاقات الجيدة بين الطرفين، لا تشكل "موافقة من جانب الكونغو على السماح بتواجد القوات العسكرية الأوغندية على أقليمها من بعد يوليو ١٩٩٩م، وبالتالي يصعب القول بقانونية ذلك التواجد لعدم وجود تلك الموافقة بذلك، تكون المحكمة قد أكدت على أن تواجد القوات العسكرية الأوغندية على اقليم الكونغو من بعد يوليو ١٩٩٩م كان غير قانوني لعدم وجود موافقة من قبل الكونغو، أي أن المحكمة اعتبرت وجود الموافقة هو الأساس الذي يمكن الاستناد عليه التقييم مدى قانونية تواجد القوات الأوغندية على اقليم الكونغو، وهذا يعتبر تأييد المضمون مبدأ التدخل بناء على طلب.
ولعل أحدث وأوضح قضايا التدخل بناءً على دعوة هي قضية التدخل الخليجي في مملكة البحرين عام ٢٠١١م بناء على دعوة من ملك البحرين الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفه لأجل مساعدة ممكلته في الحفاظ على الأمن والنظام العام والمحافظة على سلامة المنشآت الاستراتيجية. الحضور الإيراني في سورية بناء على طلب الحكومة السورية في عام 2011، قضية التدخل العسكري الفرنسي في جمهورية مالي عام ۲۰۱۳م لمكافحة بعض التنظيمات الإرهابية، قضية التدخل العسكري الأمريكا وحلفائها في العراق عام ٢٠١٤م بناء على دعوة من الحكومة العراقية لمواجهة خطر ارهاب تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وفي بلاد الشام والمعروف اختصاراً باسم داعش، التدخل العسكري المصري في ليبيا في عام ٢٠١٥م بناء على دعوة الحكومة الليبية لمواجهة نفس التنظيم الارهابي، والتدخل العسكري الروسي في سوريا في عام ۲۰۱٥ م بناء على دعوة الحكومة السورية لمواجهة التنظيمات الارهابية المتعددة في سوريا، والتدخل الإيراني التركي في قطر بناءً على دعوة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في عام ٢٠١٧م.
أما فيما يتعلق بالتطبيق والممارسات الدولية، فقد ثبت تأييد المجتمع الدولي قانونية مبدأ التدخل بناء على دعوة، حيث إن الدول المتدخلة لا تتردد في استخدام تبرير التدخل بناء على دعوة كأساس قانوني لبيان شرعية تدخلاتها العسكرية التي تتم بناء على دعوة. كما أن ردود أفعال المجتمع الدولي بشأن مثل هذه التدخلات دائماً ما تكون ايجابية، حيث لا يتم انتقادها أو الاعتراض عليها، بل على العكس نجد أن التدخلات العسكرية التي تمت بدون موافقة أو دعوة مع عدم وجود تبرير قانوني آخر لها واجهت انتقادات لاذعة، وتمت مطالبة تلك الدول بايقاف أعمالها وتدخلاتها العسكرية، وهذا ما يعني أن الممارسات الدولية ساعدت في تكوين قاعدة عرفية دولية بشأن التدخل بناء على دعوة، تلك القاعدة التي تكونت من خلال توافر السلوك العام المنسق المتواتر والمتكرر (الركن المادي) ومن خلال توافر القناعة بقانونية المبدأ والتي ثبتت من خلال استخدام التبرير من قبل الدول المتدخلة ومن خلال تأييده من قبل كافة أطياف المجتمع الدولي (الركن المعنوي).
ومن أبرز القضايا الدولية التي استخدم فيها مبرر التدخل بناء على دعوة، والتي تمت إدانتها من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة لعدم تحقق ثبوت وجود الدعوة وبالطبع لعدم وجود أي تبرير قانوني آخر ، قضية التدخل الأمريكي في غرینادا عام ۱۹۸۴ وطالبت فوراً بسحب القوات العسكرية الأمريكية المتواجدة على إقليم غرينادا. كذلك، تمت إدانة التدخل التركي العسكري في العراق في عام ۲۰۱۵م. وفي رسالة تم توجيهها إلى مجلس الأمن الدولي للأمم المتحدة، أدانت العراق هذا التدخل بقولها أن هذا التدخل تم بدون تنسيق أو تشاور مسبق مع الحكومة الاتحادية العراقية، مما يعد انتهاكاً صارخاً لأحكام ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وخرقاً لحرمة أراضي وسيادة الدولة العراقية التي تكفلها أحكام ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، التي تشدد على استقلال العراق وسيادته ووحدة وسلامة أراضيه، وعلى ذلك فإن دخول القوات التركية في عمق الأراضي العراقية وبمعدات قتالية ثقيلة وعدد كبير من الجنود الأتراك بعد عملاً استفزازياً وينتهك القانون الدولي. وإن تلك التحركات العسكرية تعد تصرفاً عدائياً وفق ميثاق الأمم المتحدة وأحكام القانون الدولي ذات الصلة. وعليه طالب العراق من مجلس الأمن أن يأمر تركيا بالانسحاب الفوري غير المشروط الى الحدود الدولية المعترفة بين البلدين. كما واجه التدخل التركي انتقاد قوي من قبل أعضاء المجتمع الدولي، فعلى سبيل المثال، تم انتقاده من قبل جامعة الدول العربية التي أصدرت قرار رقم ۷۹۸۷ الموسوم اتخاذ موقف عربي موحد إزاء انتهاك القوات التركية للسيادة العراقية بتاريخ ٢٤ ديسمبر ۲۰۱۵م يدين فيه صراحة الحكومة التركية لنشر قواتها على الأراضي العراقية، واعتبرت مثل هذا التصرف انتهاك صريح للسيادة العراقية ويمثل تهديداً صارخاً لأمن وسلامة الأمن العربي ككل، وعليه طالبت الحكومة التركية بالانسحاب الفوري غير المشروط من الأراضي العراقية. أيضاً تمت إدانة التدخل التركي من قبل العديد من الدول، مثل روسيا التي اعتبرت التدخل غزو غير قانوني، وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي أكدت على أن أي تدخل يجب أن يتم بموافقة الحكومة العراقية وبالتنسيق معها.
بناءا على ما تقدم فأن حضور ايران في سورية قد تم وفق طلب الدولة السورية و بموافقة صريحة منها دون اي اكراه او ضغط. حيث أن الدولة السورية، تملك سلطة شرعية منتخبة من الشعب السوري وله سلطة مطلقة على سيادتها و اختيار ما تناسبها من قوات لدخول اراضيها لهذا مسالة التواجد الايراني مسالة غير قابلة للشك بها من الناحية القانونية. كما أن تواجد القوات الأمريكية و التركية لم تكن بناءا على موافقة السلطة الشرعية في سورية و تدخلها كان تقوية للجماعة المسلحة المصنفة دوليا على قائمة الإرهاب كداعش و غيرها.
عدم شرعية الهجمات الصهيونية على القوات الإيرانية في سورية
في الحقيقة، لم يرد على مبدأ حظر استخدام القوة سوى استثناءين وفقا لميثاق الأمم المتحدة الأول: يخص حالتي حق الدفاع الشرعي الفردي والجماعي عن النفس، أي أنه يحق للدول بشكل فرادي أو جماعي أن تخرج عن نطاق القاعدة القانونية حظر استخدام القوة في العلاقات الدولية، وذلك بشكل استثنائي أجازته أحكام المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، تمسكاً بحق طبيعي خاص بحالة الدفاع الشرعي عن النفس أما الاستثناء الثاني: فيخص آلية نظام الأمن الجماعي وفقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وهناك استثناء آخر يتعلق بحالة حق الشعوب في تقرير مصيرها، ومقاومة الاحتلال الأجنبي بكافة الوسائل، ونضالها من أجل استرجاع أراضيها المغتصبة وكرامتها المنزوعة في إطار القواعد الدولية الملزمة، التي تنظم اللجوء إلى القوة وترسم حدوداً لها ضماناً للمصلحة الإنسانية والمجتمع الدولي .
إعلان عدم جواز التدخل بجميع أنواعه في الشئون الداخلية للدول اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 36/103 المؤرخ في 9 كانون الأول/ ديسمبر 1981"إن الجمعية العامة؛إذ تؤكد من جديد، وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، أنه لا يحق لأية دولة أن تتدخل بشكل مباشر أو غير مباشر، ولأي سبب كان، في الشئون الداخلية والخارجية لأية دولة أخرى؛" "وإذ ترى أن التقيد التام بمبدأ عدم التدخل بجميع أنواعه في الشئون الداخلية والخارجية للدول هو أمر ذو أهمية عظمى للمحافظة على الأمن والسلم الدوليين ولتحقيق مقاصد ومبادئ الميثاق؛" "وإذ ترى أن أي انتهاك لمبدأ عدم التدخل بجميع أنواعه في الشئون الداخلية والخارجية للدول يشكل تهديداً لحرية الشعوب ولسيادة الدول واستقلالها السياسي ولسلامتها الإقليمية، وتهديداً لتنميتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ويعرض أيضاً السلم والأمن الدوليين للخطر؛" "2- يشمل مبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية والخارجية للدول الحقوق والواجبات التالية: أولاً (أ) سيادة جميع الدول، واستقلالها السياسي، وسلامتها الإقليمية، ووحدتها الوطنية، وأمنها، فضلاً عن الهوية الوطنية، والتراث الثقافي لسكانها؛(ب) حق الدولة السيادي غير القابل للتصرف في تقرير نظامها السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي بحرية، وفى تنمية علاقاتها الدولية وفى ممارسة سيادتها الدائمة على مواردها الطبيعية وفقاً لإرادة شعبها دون تدخل أو تداخل أو تخريب أو قسر أو تهديد من الخارج بأي شكل من الأشكال؛" اتى ايضا في ثانيا ما يلي" (ج)واجب الدولة في الامتناع عن التدخل المسلح أو التخريب أو الاحتلال العسكري أو أي شكل آخر من أشكال التدخل. سافراً كان أو مستتراً، يوجه إلى دولة أخرى أو إلى مجموعة من الدول أو أي عمل من أعمال التدخل العسكري أو السياسي أو الإقتصادى في الشئون الداخلية لدولة أخرى، بما في ذلك الأعمال الانتقامية التي تنطوي على استعمال القوة؛" "(و) واجب الدولة في الامتناع عن القيام، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، بتعزيز أو تشجيع أو دعم أنشطة التمرد أو الانفصال داخل دول أخرى، بأي حجة كانت، أو اتخاذ أي تدابير تستهدف تمزيق وحدة دول أخرى أو تقويض أو تخريب نظامها السياسي؛"(ز) واجب الدولة في منع تدريب المرتزقة وتمويلهم وتجنيدهم في إقليمها، أو إرسالهم إلى إقليم دولة أخرى، وعدم تقديم ما يلزم من تسهيلات، بما في ذلك التمويل، لتجهيزهم وعبورهم؛" (ط) واجب الدولة في الامتناع عن اتخاذ أية تدابير تؤدى إلى تدعيم التكتلات العسكرية القائمة، أو خلق أو تدعيم تحالفات عسكرية جديدة، أو ترتيبات متشابكة، أو توزيع قوات للتدخل، أو قواعد عسكرية وما يتصل بها من منشآت عسكرية أخرى مما يمكن أن يدخل في إطار المواجهة بين الدول الكبرى؛" أيضا بموجب المادة الثانية في فقرتها الرابعة من ميثاق الأمم المتحدة، التي ألزمت الدول في علاقاتهم ببعضهم البعض بعدم التهديد أو الاستعمال الفعلي للقوة غير مشروعة ضد الدول الأخرى. لذا هجمات العدو الصهيوني على القوات الإيرانية و القنصيلة الإيرانية في دمشق يشكل نقضا فاحشا لسيادة الدولة السورية باعتبار آن الأماكن الدبلوماسية و القنصيلية جزء من السيادة السورية و لا تعتبر جزء من الأرض الإيرانية لذلك تمتلك سوريه حق الدفاع الشرعي وفق المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة. يعد أيضا نقضا فاحشا لمنع استخدام القوة طبق البند4 من المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة.
يعتبر عمل الكيان الصهيوني نقضا فاحشا لمنع التعرض للأماكن والمبعوثين الدبلوماسين طبق المادة 31 من اتفاقية فينا عام بخصوص العلاقات الدبلوماسية1961. وفقا للمادة 1 (ط) من الاتفاقية فأن المباني المتصلة بالقنصلية أيضا تعتبر من الأماكن المرتبطة بالأماكن الدبلوماسية. تستطيع ايران و سوريه باعتبارها من الدول المتضررة مجتمعة او منفردا طبق المادة 42 و 46 من مسودة المسئولية الدولية للدول ان تستند إلى هذه المواد في تاكيد مسئوولية الكيان الصهيوني المحتل في نقض قواعد المسئوولية الدولية. طبق المادة 48 من المسودة أيضا باعتبار أن اسرائيل نقضت قاعدة منع استخدام القوة باعتبارها قاعدة أمرة في القانون الدولي تستطيع أن تستند إلى مسئوولية الکیان الصهیونی. لكن المساءلة الدولية للکیان طبق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة و المادة 39 من مجلس الأمن محمية بحق الفيتو من الدول الحامية للکیان الصهیونی. الجهة القانونية و القضائية لتقديم الشكوى هي محكمة العدل الدولية وفق البروتوكلات الملحقة بالاتفاقية 1963 و 1969 و مادة 13 من الاتفاقية لعام 1973.
هذا ما تم طرحه في حال كانت المشكلة بين دولة و أخرى. لكن الكيان الصهيوني هو كيان محتل و ايران و سوريه لا تقدم دعاوي ضدها لأنها أن قامت بذلك فهي تعترف ضمنيا بوجودها و هذا غير مقبول اطلاقا من الجانب الإيراني و السوري. إذ أن الدولتين تعتبرها کیان محتل و غير شرعي و تعتبر من أكبر مخترقي القانون الدولي و أكبر دليل على ذلك جرائمها المنظمة في فلسطين و احتلالها الدائم للأراضي.
الخاتمة:
الوجود الإيراني في سورية هو وجود شرعي و لا يمكن أن يدعي أحد خلاف ذلك إذ أنها دخلت بموافقة الدولة الشرعية في سورية، و تعتبر بحكم القوات السورية، فأي اعتداء عليها يعتبر خرقا للسيادة السورية، و خرقا لقواعد القانون الدولي و منها خرق منشور الأمم المتحدة و قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة. فالتواجد الإيراني جرى بصورة قانونية لا يخالف القانون الدولي، إلا أن الدول تفسر قواعد القانون الدولي على أهوائها، فهناك ازدواجية في المعايير في مسالة التدخل بناءا على طلب الدولة، منها ما تعتبره شرعيا، و منها غير شرعي، حسب مصالحها واهوائها، لكن كلمة الفصل تبقى لصالح المقررات القانونية الدولية، فالمقررات الدولية متوافقة تماما مع التواجد الإيراني طبق القانون الدولي في سورية، اذ تاتي بناءا على طلب الدولة السورية و ليس تدخل قسري او بالقوة. ليس هناك أي مبرر للكيان الصهيوني للهجوم على الدولة السورية والقوات الإيرانية المتواجدة في هذا البلد. إذ تخرق بفعلتها تلك القواعد الدولية و تنشئ عرفا دوليا بالسماح بخرق القانون الدولي من قبل الدول الأخرى ما يعرض السلم و الأمن الدوليين للخطر و بنفس الوقت قد تسمح بترسيخ عرف دولي يسمح بالهجوم عليها وعلى مصالحها بأي مكان في العالم. بعبارة مختصرة الكيان الصهيوني هو كيان محتل و مغتصب ولا شرعية له حتى نبحث بشرعية هجماته، أساسه غير شرعي و بالتالي جميع اعماله تكون غير شرعية.