التبويبات الأساسية

عندما تجتمع الهندسة مع الفنّ والطبيعة والذوق الرفيع نكون حكماً أمام مشروعٍ من توقيع المهندس إيلي زمرود. فهذا الشاب المبدع الذي تسلًّق سلم النجاح درجةً درجة تمكًن خلال سنوات قليلة، وقليلة جدّاً، من تحقيق إنجازات إستثنائيّة ترفع لها القبّعات. فبكلّ شغفٍ وتحت شعار «دائماً في خدمة الطبيعة»، يخوض المهندس إيلي زمرود التحدّي عند كلّ إستحقاقٍ جديد لإبتكار الأفضل، فتنسيق وتصميم الحدائق لم يكن يوماً بالنسبة له مجرّد غرس بعض الأشجار الخضراء، إنما هو عمليّة خلق واحة أمل ومتنفس سلامٍ يزيل رواسب مشقات الحياة اليوميّة. هي إذن مسيرة شابٍ طموح قرر إستثمار خبرته وشهاداته التي حاز عليها من أهمّ جامعات إيطاليا في بلده الذي يحتضر سياسيّاً وبيئيًاً واجتماعياً ومالياً متخطياً كافة المخاطر والعوائق، علّ روح المسؤولية التي يتحلّى بها والطاقة الإيجابية التي يعمل من خلالها تنتقل إلى كلّ مسؤول في هذا البلد وتترجم إزدهاراً وتقدماً. مع مهندس تنسيق وتصميم الحدائق المتألق إيلي زمرود، نتوّقف للحديث عن مسيرته الشيّقة وأبرز مشاريعه في ضوء الأزمة الإقتصادية الخانقة التي بدأت تلقي بثقلها على كافة القطاعات.

- في البداية كيف تلخصون مسيرتكم المهنية؟
أنا مهندس تنسيق وتصميم حدائق Landscape Architecture تخرجّت من جامعة Università degli Studi di Roma La Sapienza - إيطاليا وقد عدت إلى بيروت في العام 2011 لأستقرّ بصورة نهائيّة بعدما أمضيت 6 سنوات في روما، فالوالد هو مهندس زراعي يعمل في هذه المصلحة منذ أكثر من 45 سنة وله شركته «Tropica sarl» التي أطلقها في العام 1975، وأنا في الحقيقة عدت إلى لبنان حاملاً رؤيا لتطوير خدمات الشركة قبل أن أفتتح مُؤسّستي الخاصة Ez Landscape في العام 2017 والتي تقدّم مجموعة متكاملة من الخدمات الهندسية بدءأ من الدراسات وصولاً إلى التنفيذ والإستشارات.

{{ الأولويّة هي لنوعية
الخدمة وليس للمردود المالي }}

- هل تخصصكم في هذا المجال أتى بتشجيع من الوالد إذن؟
لا شكّ بأنّ إنجذابي إلى هذا المجال أتى نتيجة تأثّري بمسيرة والدي الناجحة، فأنا تعاطيت في هذا الشأن منذ سنّ الـ 12 حيث كنت أرافقه باستمرار، إنما هو لم يطلب منّي التخصص في هذا المجال وأنا بدوري لم أجد نفسي في عالم الزراعة أي عالم النباتات فقط، بل دخلت مجال هندسة الحدائق بما تشمله من خرائط تنفيذية وهندسة ريّ وإضاءة وغيرها، وبالمناسبة هذا العمل يريحني جدّاً لأنّه مع الطبيعة وشعاري الدائم هو «في خدمة الطبيعة».
فمنها أستمدّ طاقتي الإيجابية وأعكسها على زملائي وزبائني، فنحن نعمل كفريق عمل متكاملٍ، وكلٍ مشروع أنفذه بشغف وأهتمّ بأدقّ تفاصيله وأضع لمساتي عليه وكأنّه مشروعي الخاص، فالأولويّة هي لنوعية الخدمة وليس للمردود التجاري المالي.

- ماذا أخذتم من إيطاليا وكيف تترجمونه في مشاريعكم في لبنان؟
الإيطاليون هم أصحاب ذوق رفيعٍ جدّاً، فمن خلال لمسة واحدة نستطيع التعرّف على توقيعهم لأيّ مشروع. فهم مميزون فعلاً في نظرتهم ومقاربتهم وطاقتهم الإيجابية كما أن لهم شهرة عالميّة في تجارة الشتول وفي عالمي الفن والهندسة، إنما المشاريع تشبه إلى حدّ بعيد هوية صاحبها وأنا أحاول أن أُدخل اللمسة الإيطالية الى هذه الهوية لمنحها بعداً جمالياً إيضافياً.

- ما هو عدد المشاريع التي قمتم بتنفيذها في لبنان منذ عودتكم؟
إن عدد المشاريع يتخطى الخمسين ودورنا فيها يتوزّع ما بين دراسات وتنفيذ وإستشارات، علماً بأنّ الإنطلاقة كانت من خلال مشروعٍ مميّز ذاع صيته في كلّ لبنان وهو عبارة عن حديقة خاصة بالأعراس «Domaine de Zekrit» الذي يمتاز بطابعٍ شرق أوسطي وطابعٍ إيطالي توسكاني.

- هل هناك مساحات محددة لمشاربعكم؟
لا، فالمشاريع التي نعمل عليها غير مقيّدة بمساحة معيّنة، فهي قد تبدأ من 50 متراً مربعاً تتخطى الـ 300 ألف متراً. فعملنا يشمل التنظيم المدني لمدينة كاملة بالإضافة إلى القصور والفيلل وأسطح المباني وحدائق الأعراس والحدائق العامة التي نتعاون في تنفيذها مع البلديّات وليس مع الدولة.

- أيّ من المشاريع هو الأحبّ على قلبكم؟
سؤال صعب جدّاً، قد يكون مشروع «Domaine de Zekrit» لأنني نفذته في عمر 22 سنة وكان مسؤوليّة كبيرة جدّاً بالنسبة لي من حيث التصميم والتنفيذ والتكلفة.

- ما هو سرّ نجاحكم الكبير هذا؟
أنا من الذين يؤمنون بضرورة العمل بصورة إستمرارية على تطوير القدرات الذاتية من أجل تعزيز المهارات والخبرة. فأنا على المستوى الشخصي لدي تحدٍّ دائم مع نفسي وأقوم بعمليّة تقييم ذاتية بين الحين والآخر لتحقيق التقدّم والنجاح.

- ما هي نظرتكم للوضع البيئي في لبنان انطلاقاً من خبرتكم وعملكم مع الطبيعة؟
الوضع مأساوي فعلاً، فالبحر يمثّل كارثة حقيقيّة كما أن المساحات الخضراء تقلّصت بشكلٍ ملحوظ مع وجود أكثر من 100 مقلع يعملون من دون مراعاة أدنى الشروط البيئية... للأسف لا يوجد أيّ أمل لإنقاذ ما تهدّم. كان لدينا ثروة بيئيّة إستثنائية إنما نفسيّاتنا الأنانية ومصالحنا الشخصية التي نضعها فوق كلّ اعتبار قضت على كلّ شيء. ففي لبنان لا يوجد تنظيم المدني ولا توازن بيئي.

- ما هي الصعوبات التي واجهتكم هنا؟
الصعوبة تكمن في كون هذا المجال بحدّ ذاته لا يعتبر أولويّة بل هو يأتي في آخر سلّم الأّولويات في المشاريع، حتى أنه في فترة معيّنة توقف العمل كلياً بفعل جمود السوق، أضف الى ذلك المنافسة الموجودة من قبل المتعدّين على المصلحة، وهنا لن أكذب إذا قلت بأن حالة من اليأس كادت أن تسيطر عليّ، إنّما والحمد لله تبقى السمعة النظيفة هي مفتاح الفرج.

- ما هي الرسالة التى توجهها للشباب؟
أنا أقول للشباب ولا سيّما زملائي في الإختصاص لا تخضعوا لليأس، بل كونوا واثقين من قدراتكم وكونوا أصحاب رؤيا ولا تحرقوا صيتكم مهما اشتدت الظروف، لأن المصداقية والإلتزام بالنوعية والمعايير والسمعة الطيبة هي بمثابة إعلان مجاني دائم لكم.

- ما هي طموحاتك وأمنياتك لهذا البلد؟
أنا أتمنى لا بل واثق من قدرة لبنان على النهوض والإنتفاض على واقعه، فنحن شعبٌ ذكي وخلّاق، وأمنيتي هي عودة كل الشباب الذين تعلموا في الخارج لإستثمار طاقاتهم وخبراتهم في وطنهم، فهم قادرون على صنع الفرق.

صورة editor12

editor12