إذا لم تظهر مؤشرات إيجابية وإنقاذية فلن تتمكن ما تبقى من مؤسسات من الصمود وليس أمامنا إلا الإنهيار الشامل..
إنّ مسيرته كلّها هي عبارة عن ثورةٍ دائمةٍ ومستمرّة، فهو ابن عائلةٍ متواضعة، يتيم الأب وكثير المسؤوليّات، شقّ طريقه بجهدٍ وتعبٍ متسلّحاً بإيمانه العميق وإلتزامه الصادق. خلال أيّام الحرب السوداء، قاوم وحمل السلاح مع رفاق الدرب دفاعاً عن الوجود الحرّ بوجه القوى الطامعة. وفي أيّام السلم رفع الصوت مع المناضلين الأحرار بوجه سلطة القمع والوصاية التي عاقبته مراراً وتكراراً من دون أن تستطيع ثنيه عن متابعة نشاطه الذي أثمر في نهاية المطاف حريّةً وسيادةً واستقلالاً.
هو محامي المظلومين والمحتاجين كما يعلم كلّ من عرفه، هو نائب عروس البقاع السابق إنّما الوفيّ دائماً وأبداً، هو إيلي ماروني الشخصيّة الحزبية الكتائبيّة المحببّة جدّاً لا سيّما في أوساط شباب زحلة والبقاع. فهو قريبٌ من كلّ الناس وأبواب بيته مشرّعة للجميع من دون استثناء، كيف لا وهو ابن أرض الرجولة والكرم والتضحية والوفاء.
أسرة موقعنا إلتقت النائب والوزير السابق الأستاذ إيلي ماروني في منزله ضمن الملف الخاص بعروس البقاع زحلة وكان هذا الحوار الشامل الذي تناول مختلف عناوين الساعة بالإضافة إلى أبرز التحدّيات والإستحقاقات التي تواجه لبنان في الأشهر المقبلة. وفي ما يلي أبرز ما دار في اللقاء.
- في البداية وبعد سنوات العمل والخدمة في الحقل العام، كيف يقيّم إيلي ماروني مسيرته؟
في الحقيقة لقد مررت طوال سنوات حياتي بكافة الظروف القاسية التي يمكن لإنسانٍ أنّ يمرّ بها، بدءاً من الفقر وصولاً إلى السجن. بالفعل لقد عانيت كثيراً، ناضلت، تعلّمت وعلّمت وسهرت الليالي إلى أن وصلت إلى ما أنا عليه اليوم. فأنا خسرت والدي حين كنت طفلاً، الأمر الذي فرض عليّ مضاعفة جهودي لمساندة والدتي في مهمّتها الشاقة. من هنا، مارست مهنة التعليم في الصباح فيما كنت أتابع دراسة الحقوق في ساعات بعد الظهر والليل حتى تخرّجت وتدرّجت وأصبحت محامياً. على المستوى السياسي الوطني، أنا دفعت ثمن وطنيتي وإنتمائي إلى حزب الكتائب مرّات ومرّات من خلال إعتقالي من قبل الأجهزة الأمنية السورية واللبنانية القائمة آنذاك، والتي عمدت إلى توقيفي وسجني حوالي 32 مرّة لفترات تتراوح بين ساعات وأسابيع. فأنا وككافة شباب زحلة إنتسبت إلى صفوف الكتائب في العام 1981 وكان هذا الأمر بديهياً بإعتبار أنّ الإنضمام لصفوف المناضلين واجبٌ لخلاص المدينة من فمّ الأسد. ولاحقاٌ تطوّرت حياتي السياسيّة من خلال الكتائب والنضال في الحركة الإصلاحيّة إلى جانب الرفاق في أكثر المراحل ظلاماً، الأمر الذي ترك بصمات عند الرئيس أمين الجميّل ودفعه إلى الطلب إليّ تمثيل الحزب في الحكومة بعد إغتيال الشهيد بيار، وكان هناك ضغطاً يمارسه عليّ، وأقصد هنا ضغطاً بالمعنى الإيجابي، وذلك لضمان نجاحي بالمهمّة الوزارية الملقاة على عاتقي. بعدها خضت المعركة الإنتخابيّة في العام 2009 ونجحت بأرقامٍ كبيرة جدّاً، ذلك أنّ أبناء زحلة والبقاع تعاطفوا معي، سيّما وأنّ العمليّة الإنتخابيّة أتت بعد مرور فترةٍ قصيرةٍ على قتل شقيقي. لقد مررنا بأيّامٍ سوداء وأيّام فرح والظروف تبدّلت لكن ايلي ماروني بقي كما عرفه الناس حين كان أستاذاً ومحامياً، فأنا لم أعتد على الحياة المخمليّة، كما أنني إنسانٌ عاطفي بطبيعتي ولا أحقد. وهنا أحب أنا أشير إلى أنني بصدد التحضير لكتاب تحت عنوان من السجن إلى الوزارة لتدوين تلك المرحلة من حياتي.
- لماذا إخترتم الحقوق ومهنة المحاماة؟
في صغري كنت أحبّ إعتلاء المنبر الذي أعتبره مساحةً للتعبير، والمحاماة هي مهنةٌ ساميةٌ لا بل رسالة للدفاع عن المظلومين والضحايا والمحتاجين. وأنا بطبيعتي لدي ميلٌ للمرافعة وأستميت للدفاع عن أيّ مظلوم. بعد الحرب تطوّرت مشاريعي نحو السياسة بحيث تأثرت كثيراً بأداء الرئيس الياس سركيس الذي فيه من العصاميّة والأخلاق ما يثير إعجابي ويشبهني إلى حدّ بعيد. لاحقاً، تعرّفت إلى الرئيس الجميّل علماً بأنّ عائلتنا كلّها بإستثناء شخصٍ واحدٍ هي كتائبيّة الهوى والإنتماء والفضل بذلك يعود إلى شقيقي نصري الذي رسم هذا الخطّ طبعاً إلى جانب إيماننا بالمسيرة النضاليّة التاريخيّة التي يجسدّها حزب الكتائب.
- لماذا لم يكن الصوت التفضيلي إلى جانبكم في الانتخابات النيابيّة الأخيرة؟ وهل أنتم بعيدون اليوم عن المشهد السياسي؟
طبعاً انا لست بعيداً عن المشهد، في الحقيقة لقد نظرت إلى نتائج الإنتخابات على أنّها «ربّ ضارةٍ نافعة»، فالقانون الأخير والصوت التفضيلي قسّم الناس لمذاهبٍ وطوائف، بحيث لم يكن قانوناً للمّ شمل اللبنانيّين، بل أنّه فُصّلَ على قياس أشخاصٍ، ونحن كحزب كتائب عارضنا القانون عند طرحه للتصويت في المجلس النيابي. في الحقيقة، عوامل عديدة حالت دون توفيقي منها ما هو داخلي على مستوى الحزب ومنها ما هو خارجي، ولكنني أشكر الله اليوم على هذا الوضع. فأنا أعتبر هذه المرحلة بمثابة فرصة للتقييم والتعلّم من أخطاء الماضي وإعادة بناء علاقاتي. مع الإشارة إلى أن بيتي ومكتبي مفتوحين دائماّ للناس وكلّ الناس، كما أننّي جاهزٌ للتعاون مع الجميع من دون إستثناء لما فيه خير زحلة والوطن. من هنا، فإنّ مواقفي تعبّرعني وهي غير بعيدة عن الحزب بحيث أتحرّك ضمن الخطوط الحمراء والعناوين العريضة التي تضعها الكتائب مع الإحتفاظ بهامش حريّة على مستوى علاقاتي مع كافة الأطراف.
- من هي هذه الأطراف التي تتحدث عنها؟
الأطراف هذه، هي أحزابٌ فاعلة وشخصيّات أتعاطى معها، إذ توجد لديّ علاقات جيّدة مع شباب الطشناق والقوّات والمستقبل، فبالنسبة لي وعلى عكس كلّ ما يُقال، أؤمن بأنّ بيئة 14 آذار لا تزال موجودة، بل أكثر من ذلك أنا أرى بأنّه لا خلاص اليوم إلا من خلال معارضة موّحدة قويّة، علماً بأن جمهور 14 آذار يشعر بالإحباط من قياداته التي خذلته في محطات كثيرة.
- كيف تقيّمون العلاقة مع رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل اليوم؟
الشيخ سامي نظيفٌ كثيراً في بلدٍ هو أشبه بمزرعة، فهو صاحب رؤية وطنية شاملة.
- ما هو تقييمك للمرحلة الحالية؟
الوضع خطير جدآ في لبنان وشارفنا على الإنهيار المالي والإقتصادي وعلى الجميع أن يعي أننا إذا إستمرينا في سياسة المحاصصة والتناتش لمؤسسات الوطن فإننا سنفقد لبنان نهائيآ وقد نصبح نازحين في خيمة ما في بلد ما. الضمير الوطني ينادينا ويحتم علينا إنقاذ لبنان من الموت خصوصآ بعد كارثة إنفجار مرفأ بيروت ومئات الضحايا وآلاف الجرحى ودمار وتشريد الآلاف وكوارث على كافة المستويات واللبناني يئن من آلمه ووجعه وفقره والأمراض فكفى وكفى وكفى وآن الآوان لولادة طبقة سياسية فاعلة تعمل من أجل لبنان ولبنان فقط . لقد سقط القناع عن كثيرين من السياسيين الذين شوهوا صورة البلد بفسادهم وطمعهم وحقدهم وفشلهم ، والحل بإنتخابات نيابية مبكرة بعدها تنبثق عن المجلس الجديد كل السلطات . لا وقت للتفكير أدعو الجميع لتكاتف الأيدي من أجل لبنان. أما زحلة الحبيبة فهي قي الضمير والقلب وتحتاج إلى وحدة مسؤوليها لإنمائها وتطويرها ومن الضروري خلق مرجعية سياسية موحدة للمدينة وهذا ما سعيت إليه مع مجلس أساقفة المدينة وبالفعل عقدنا إجتماعات للوزراء والنواب الحاليين والسابقين ضمن هدفية تطويرية إنقاذية البعض تجاوب والبعض تجاهل ولم يشارك وهذا ما سننقله لأهلنا في زحلة وهم يحاسبون . فالمرحلة تتطلب حضور الجميع وتضافر الجهود لأن المدينة تحتاج إلينا.
وأخيرآ أنا في خدمة الجميع وحاضر بينهم دائمآ واليوم زحلة قضيتي وأهلها أهلي أينما كنت في أي منصب أو دونه.
وائل خليل