التبويبات الأساسية

هو من الصقور الجارحة التي لا تعرف المواربة أو المجاملة، فهو صاحب مواقف مبدئيّة صلبة ناجمة عن إلتزامٍ عميق بالمدرسة السياسيّة والإنمائية الحريرية التي أرساها الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
وكما في النيابة كذلك في الوزارة، أسلوبٌ واحد وأداءٌ واحد في خدمة المصلحة العامة. فنائب البقاع الغربي لا يوّفر فرصةً للدفع باتجاه المشاريع التنموية الحيوية التي تحتاجها المنطقة وأهلها للنهوض من حرمانها المزمن، وكذلك وزير الإتصالات المشاكس الذي يخوض سباقاً مع الزمن من أجل توفير خدمة الإنترنت السريع لجميع الناس في مواجهة مستمرّة وتحدٍّ متواصل مع جميع العراقيل والمعرقلين.
ورغم الأفخاخ الكثيرة التي حاول البعض زرعها في طريقه، نجح الوزير في العبور بأمان حاملاً معه خططاً ومشاريع من شأنها أن تنقل قطاع الإتصالات في لبنان من حالته المزرية إلى حالة متقدمة ومتطورة جدّاً.
مع النائب في تيار المستقبل ووزير الإتصالات جمال الجرّاح نتوقف للحديث عن آخر مستجدّات عمليّة تأليف الحكومة بالإضافة المشاريع الإنمائية المخصصة للبقاع والإنجازات التي تحققت في وزارته لا سيّما بالنسبة إلى خدمة الإنترنت ومشروع الـ Fiber Optic.

- بدايةً معالي الوزير، ما هي أسباب تأخير تشكيل الحكومة برأيكم؟
العُقد باتت معروفة، هناك عُقدة درزية وأخرى مسيحية كما يعلم الجميع. مع الأسف، لا أحد يأخذ في عين الإعتبار مصلحة البلد، فمصالح الدولة ومصالح الناس كلّها جامدة. الرئيس سعد الحريري تمكنّ من خلال مؤتمر «سيدر» تأمين 11 مليار دولار للبنى التحتية وهذه ليست بالمسألة السهلة، فثقة المجتمع الدولي بالرئيس الحريري في الوقت الذي تعاني فيه أوروبا من أزمة إقتصادية خانقة لهو دليل على تقدير هذا المجتمع لشخص الرئيس وقيادته الحكيمة، فيما نحن في لبنان نهدر الوقت بحثاً عن مغانم وحصص، نحن نأسف لهذه الحالة فهناك العديد من المشاريع الحيوية التي تحتاج إلى حكومة لبدء تنفيذها.

- كثر الكلام في الآونة الأخيرة عن خطر تدهور الليرة اللبنانية وصعوبة الواقع الإقتصادي اللبناني، ما هوتعليقكم؟
هذا الكلام غير صحيح، الليرة بخير ووضعها جيّد وهذه الإشاعات تترددّ منذ العام 1992. وأنا أكرر بأن هذا الكلام هو غير دقيق، لأن إحتياطي مصرف لبنان كبير وثابت كما أن قيادة حاكم مصرف لبنان ترفع لها القبّعات على هذا الصعيد، فهو صاحب شخصيّة حكيمة وأثبت بأنه يستطيع أن يحافظ على الإستقرار النقدي والمالي، إنما هذا لا يعني بأن ننام على حرير، نحن بحاجة ماسة إلى حكومة لوضع المشاريع قيد التنفيذ بأسرع وقت ممكن.

- كوزير للإتصالات، كيف تقيمون شبكات الهاتف في لبنان الثابتة والخليوية؟
بالنسبة إلى الشبكة الثابتة النحاسية حدّث ولا حرج، فحالها كارثيّة لكن هناك أعمال صيانة وترميم للشبكة، كما أن مشروع الـ «Fiber Optic» إنطلق، وقريباً ستنتهي مرحلة الخرائط التنفيذية في بعض المناظق ليبدأ العمل، علماً بأننا نفذّنا تجارب في بيت مسك وغيرها وكانت النتائج مذهلة، فهذا مشروع واعد جدّا بالنسبة لنا. هدفنا هو تأمين إنترنت سريع على كافة الأراضي اللبنانية من خلال إصلاح الشبكات القديمة وإنشاء أخرى جديدة والرئيس الحريري كان يصرّ على أن الإنطلاقة يجب أن تكون من مناطق الأطراف قبل بيروت، وقد إتفقنا على العمل في كافة المناطق بالتوازي.
من هنا يمكن القول بأن موضوع الإنترنت هو في طريقه للحل، فالعمل جارٍ إنما يحتاج للوقت، فنحن الآن في مرحلة تأمين البنى التحتية اللازمة لذلك. فهذا القطاع هو حيوي جداّ بالنسبة للدولة من حيث الأموال التي يوّفرها لها وأيضاً للإقتصاد الذي لا يمكن أن ينمو من دون إنترنت.
وبالنسبة إلى الشبكة الخليوية فقد بدأنا تحديث الشبكة وتوسيعها لتأمين تغطية شاملة من خلال مشروع متكامل يمتّد على 3 سنوات وبتكلفة تبلغ 200 مليون دولار.

- إذا خيرتم بين الحقائب الوزارية، أي حقيبة تختارون ولماذا؟
أختار الاتصالات مجدداً، فهذه وزارة حسّاسة وضرورية لأنها باتت الدعامة الأساسية للإقتصاد اللبناني، كما أن الإنجازات التي يمكن تحقيقها في هذا القطاع تنعكس مباشرة على المواطن وبالتالي يستطيع أن يلمسها، فضلاً عن أن هذا القطاع هو مفتوح على التطوّر بصورة دائمة.

- إلى شؤون وشجون البقاع الغربي والبداية من أزمة تلوّث «الليطاني» التي قيل عنها الكثير في الإعلام، هل من خطة للمواجهة؟
منذ 8 سنوات ونحن في صدد التخطيط لإنشاء محطة تكرير التي من المفترض أن نضع حجر أساسها خلال شهر أو شهر ونصف على أبعد تقدير، علماً بأن مصدر تمويل المشروع هو الحكومة الإيطالية وبسعيٍ دؤوب من نواب المنطقة وأيضاً بمواكبة حثيثة من الرئيس فؤاد السنيورة حين كان رئيس حكومة، ومن الرئيس سعد الحريري، الذي كان حريصاً على متابعة تفاصيل المشروع حتى أثناء تواجده خارج البلاد. غير أن الدراسات الكثيفة والاجراءات الروتينية الطويلة ولا سيّما وأن التمويل هو من خلال قرض بصفر فائدة من على مدى 40 سنة وفترة سماح أو رحمة طوال أوّل 26 سنة، ما يعني عملياً أن القرض هو أشبه بهبة. اليوم نحن ننتظر موافقة الحكومة الإيطالية على المناقصة لوضع حجر الأساس ووضع المشروع قيد التنفيذ على أمل أن ينتهي العمل به بعد 24 شهراً لتبدأ عملياً مرحلة تنظيف النهر.
على خطٍّ موازٍ، إستطعنا ومن خلال تعاون وثيقٍ جدّاً بين نواب المنطقة ووزارة البيئة والوزير السابق محمد المشنوق والبنك الدولي ومجلس الإنماء والإعمار من الحصول على قرضٍ من البنك الدولي بقيمة 55 مليون دولار لتطوير الشبكة الأساسية للصرف الصحي التي تنقل المياه المبتذلة إلى محطة التكرير ونحن نأمل في أن تزيد قيمة هذا القرض لـ 80 مليون دولار. وكذلك توجد لدينا خطط ومشاريع لتحديث وتطوير محطات التكرير في البلدات المحيطة كإيعات وغيرها، فمشكلة التلّوث هي في الحقيقة معاناة كبيرة بالنسبة لنا ولأهل المنطقة.

- ما هي أسباب هذا التلوّث الكبير والخطير برأيكم؟
في البداية لا بدّ من الإشارة بأن الضغط السكاني ومضاعفة عدد القاطنين في المنطقة سبب زيادة التلوث، علماّ بأنه حين تمّ مدّ شبكات الصرف الصحي، لم يؤخذ في عين الإعتبار ضرورة إنشاء محطات تكرير، الأمر الذي أدى إلى وصول المياه المبتذلة إلى النهر وتلوثه كما أن النفايات التي ترمى بطريقة عشوائية فاقمت المشكلة إلى جانب التلوث الزراعي والصناعي وغيرها، حتى تحولت مياه الليطاني مرتعاً لمياه المجاري الصحية والنفايات الصلبة ومخلفات المعامل والمصانع والمدابغ والمسالخ والمبيدات الزراعية.
والمشكلة المستعصية هي مشكلة التلوث الصناعي الذي يمثل أخطر أنواع التلوث رغم ان نسبته تبلغ فقط 15 % إنما هي ذات خطورة توازي لا بل تزيد عن نسبة الـ 85% المتبقية والناجمة عن الأسباب التي سبق وذكرتها، حيث ان المواد الكيمائية تقتل الحياة النباتية في نهر الليطاني والتي تشكل منظومة تكرير طبيعية في المياه. نحن نرفع الصوت مع الجهات المعنية وطالبنا المصانع مراراً بتركيب محطات تكرير، مع الإشارة إلى أن مصرف لبنان خصص قروض ميّسرة جدّاً لهذ الغاية، ونحن اليوم نسير باتجاه إجبار المصانع على الإلتزام بالمعايير والشروط البيئية والسير باتجاه تركيب محطات التكرير المخصصة لها تحت طائلة التعرض للعقوبات قد تصل إلى الإقفال التام.

- هل تقول ان منطقة البقاع الغربي هي من المناطق المحرومة؟
لن نقول محرومة إنما هي حكماً غير مرتاحة، إذ توجد بنى تحتية مقبولة نسبياً كطريق المرج، الاوتوستراد العربي رغم مشاكله، كما توجد شبكات صرفٍ صحّي في غالبية القرى والبلدات «لكنها تصبّ في النهر للأسف»، لكن وكمنطقة مصنّفة على أنها زراعية فإن واقعنا صعب، والأمر لا يتعلق فقط في الإنتاج الملوّث وغير المطابق للمواصفات والمعايير المطلوبة، فهناك مشكلة كبيرة في التصريف وأيضاً بالكلفة، فهنا توجد معاناة حقيقية في هذا القطاع بحيث لا توجد هناك خطة متكاملة لإنماء هذا القطاع الحيوي بالنسة للمنطقة وأهلها، وكذلك فإن القطاع التجاري في المنطقة شهد تراجعاً ملحوظاً بعد الأزمة السورية، من هنا يمكن القول أن وضعنا مقبولاً نوعاَ ما لا سيما اذا ما قارنا وضعنا بقرى الأطراف في عكار أو الضنية لكن هناك الكثير من العمل الجدي المطلوب لإنماء المنطقة كما يجب. وهنا لا بد من توجيه تحيّة شكر للرئيس سعد الحريري الذي يتابع شخصياً القضايا والمشاريع الإنمائية لا سيّما مشروع محطة تكرير الليطاني ومشروع الأوتوتسراد العربي لأنها بالفعل مشاريع استراتيجية ليس فقط لنا انما للبنان كلّه. فالاوتوستراد العربي على سبيل المثال هو الحلّ النهائي لمنطقة البقاع لأن التنمية بحاجة إلى هذا الاوتوستراد، إذ حين يصبح التنقل سهلاً وآمناً وسريعاً بين بيروت والبقاع لا تصبح الإقامة في بيروت أمراً ضرورياً لأهل البقاع ما ينعكس راحة على العاصمة وإنماءً على البقاع، فهذا الأوتوستراد هو شريان الحياة بالنسبة لنا.

- لماذا هذه المماطلة في التنفيذ؟
حين طرح مشروع الأوتوستراد في العام 1998 كانت تكلفته تبلغ حوالي 80 مليون دولاراً على أن يمتّد من المصنع باتجاه الحازمية. الرئيس لحود ألغى المشروع في ذاك الوقت. أما اليوم فتبلغ تكلفة المرحلة الأولى من المشروع أي المنطقة الممتدة من المصنع إلى تعنايل نحو 60 مليون دولاراً فيما المرحلة الثانية أي من تعنايل إلى النملية حوالي 154 مليون دولاراً، أما المرحلة الثالثة التي تمتد من النملية إلى صوفر فتكلفتها تتراوح بين 30 و40 مليون دولاراً في حين ان المرحلة الرابعة والتي تمتّد من صوفر باتجاه الحازمية فستبلغ تكلفتها 500 مليون دولاراً، وإذا ما جمعنا هذه المبالغ تكون تكلفة المشروع قد بلغت الـ 800 مليون دولاراً أي عشرة أضعاف حجم تكلفته في العام 1998.

- كلمة ختامية...
نحن نتمنى الإسراع في تأليف الحكومة لما فيه مصلحة البلد، لاشكّ بأن الرئيس الحريري يعمل كل جهده لحلحلة العقد، ونتأمل خيراً.

صورة editor12

editor12