التبويبات الأساسية

من رحم المؤسسة العسكريّة، تخرّج عميداً شجاعاً مجبولاً بالكرامة والسيادة والعنفوان، وكيف لا يكون كذلك وهو ابن عكّار، إبن تلك التربة الخصبة التي لم يتردد شبابها في تلبية نداء الواجب متى دعت الحاجة ومهما بلغت التضحيات.
هو أحد أولئك الشبان الذين فلحوا الأرض بأيديهم فأيقنوا أن تراب الوطن لا يقدّر بثمن، لذا كان يحرص على وضع كلّ طاقاته ومجهوده في خدمة بلده وصون حدوده بوجه كلّ الطامعين والأعداء ... وما أكثرهم!
هو رفض مبدأ التعايش مع جيشٍ غريب، فخرج من المؤسسة العسكريّة ليتابع المسيرة مع من يشبهه في الأفكار والمبادئ، فكان الإلتقاء مع القوّات اللبنانيّة وقائدها الذي فضل السجن الصغير على التفريط بنقطة دم شهيدٍ.
هو النائب المنتخب والعميد المتقاعد وهبة قاطيشا، معه نجري جولة أفق شاملة تتناول مختلف المواضيع السياسية، الأمنية والإجتماعية في ضوء المستجدّات الإقليمية والمعطيات التي أفرزتها الإنتخابات النيابية وتأثيراتها المرتقبة على تشكيل الحكومة الجديدة التي قد يطول انتظارها.

1- في البداية، كيف يلّخص إبن عكار مسيرته ؟
أنا إبن شدرا العكّارية، عشت طفولة جميلة جدّاً في هذه المنطقة وفي هذه الأرض حيث ترعرعت وعملت، نعم فأنا عشت حياة المزارع بكلّ تفاصيلها أيّام الصغر، وفي مرحلة لاحقة دخلت المدرسة الحربيّة كظابط حيث اجتهدت وترقيّت تباعاً الى أن أصبحت عميداً. وبالفعل لقد أحببت حياتي العسكرية التي أمضيت معظمها في الميدان حيث تعرضت مرّات عديدة لإصابات وأحياناً كثيرة كنت أرى الموت بعينيّ، طبعاّ مرّت علينا أيّاماً قاسية خلال الحرب لن أدخل في تفاصيلها السوداء، إنمّا وكما هو معلوماً لم يكن النظام السوري يهضم وجودي في المؤسسة العسكريّة فدفعت ثمناً باهظاً عند دخول هذا الجيش الى لبنان، فتركت الحياة العسكرية وتقاعدت. استهوتني الصحافة فصرت أكتب مقالات جيوبولتيكيّة يتمّ نشرها بشكلٍ أسبوعي في مجلّة المسيرة وذلك بين أعوام 2000-2007 ، وكذلك كتبت في مؤسسات عديدة مثل "النهار" و"الديار" وغيرها، علماً أن الكتابة لم تكن أمراً جديداً بالنسبة لي فقد كنت أكتب مقالات أو تحليلات استراتيجية جيوبوليتيكية لمجلة الجيش.
2- ما سرّ هذه العلاقة بين عكار والمؤسسة العسكريّة؟
نعم صحيح، وهنا أعطيك مثلاً عن بلدتي التي انضوى معظم شبابها في المؤسسة العسكرية، وأنا كنت أتأثر جداً بالأحاديث البطوليّة التي يرويها أهل القرى حول الظبّاط ومميّزاتهم، لكنني اكتشفت مع دخولي المؤسسة في العام 1964 ان حياة الظباط مليئة بالمتاعب والمخاطر لكنني احببتها كثيراً وكنت مجتهداً جدّاً في خلالها.
3- حضرة العميد ماذا تخبرنا عن عائلتك الصغيرة؟
أنا متزوّج من نيللي عطالله وقد مضى على زواجنا نحو 44 عاماً، لدينا ثلاثة أولاد بالإضافة الى أحفاد، علماً ان حفيدي الكبير هو اليوم طالب جامعي في سنته الثالثة.
4- قد يستغرب البعض النقلة من مؤسسة شرعية الى حزب اعتبر في فترة ماضية ميليشيا، ماذا تقول لنا حيال ذلك؟
لا شكّ بأن الأحداث التي عصفت بلبنان فرزت الناس، الأمر الذي انعكس على الجيش الذي تفككّ، وحينها أذكر بأن أغلب العناصر ذهبوا الى بيوتهم، بينما أنا كنت من الذين حملوا سلاح ودافعوا عن منطقتهم، وقد انضم إليّ بعض المحازبين وغيرهم من المدنيين الذين وقفوا بجانبنا، وبالمناسبة لقد أمضيت 4 سنوات على جبهة سوق الغرب كقائد جبهة وكانت مهمتي إفهام الظباط بأن الحرب التي نخوضها ليست موجهة ضد أهلنا، لذلك كنت حريصاً على الخروج من المعركة بأقلّ خسائر ممكنة. عند دخول السوريين الى لبنان كنت على معرفة بسمير جعجع وكنت اعلم ان حزب القوات اللبنانيّة يقوم على مبادئ سياديّة، وقد زارني الحكيم احدى المرّات في الجبهة ( العام 1986 ) حيث سألته عن أهداف القوّات فقال لي ملخصاً الواقع، نحن نريد تأمين صمود هذه المنطقة لنصل الى حلّ ونجلس على الطاولة، وبالفعل كان بيننا كيمياء واضحة ومتبادلة.
5- ماذا تخبرنا عن مهامك الحزبية حضرة العميد؟
عند خروج الحكيم من الإعتقال زرته في مقرّ إقامته في الأرز وتوافقنا على التعاون وذلك حتى قبل وجود هيكليّة حزبيّة منظمّة، وبالمناسبة لقد كنت اوّل من استلم مهاماً حزبية بعد خروج الحكيم من المعتقل فهو كلّفني بمنطقة عكار، ورغم الأقاويل الكثيرة التي أثيرت حول تسلّم عميد متقاعد في الجيش مهامٍ حزبية في القوات إلّا ان هذه الأقاويل لم تغيّر في مساري لأنني أدرك حجم المسؤوليّة الوطنية الكبيرة. وبالفعل أمضيت حاولي سنتين ونصف كمنسقّ للقوّات في منطقة عكار حتى العام 2009 حين استقلت من مهامي وترشحت للإنتخابات النيابية، إنّما في تلك المرحلة لم يتمكن الحكيم من الوصول الى تفاهم مع تيّار المستقبل حول ترشيحي فانسحبت وأصبحت اميناً عاماً للحزب لمدّة سنتين قبل ان يتسلّم هذه المهام النائب المنتخب عماد واكيم، فيما أصبحت مستشاراً للدكتور جعجع في قضايا اخرى.
6- هل غيّرت النيابة العميد قاطيشا؟
النيابة لم تغيّرني في شي، فهي بالنسبة لي مهمّة سياسية حزبية - بالمعنى الوطني وليس بالمعنى المتزمّت- تهدف الى إنعاش منطقة منكوبة كعكّار، فنحن في حزب القوّات نؤمن بأنّ كلّ منطقة منكوبة تجعل الجسم اللبناني غير سليم، لذلك يجب النهوض بكلّ المناطق حتى يتعافى الوطن.
7- كيف ستترجمون ذلك على أرض الوافع؟
في الواقع أنا لدي خارطة عمل تتوزّع على شقين، هناك شقّ خدماتي يتعلّق بالناس الفقراء وأنا بصدد تشكيل مكتباً لمتابعة هذه القضايا، بالإضافة الى شقّ إنمائي آخر حيث سأعمد الى تشكيل مكتب يتألف من النخبة في المنطقة بهدف مساعدتي على بناء رؤيا إنمائية لتطوير عكار، وأنا خلال جولاتي الإنتخابيّة التي زرت فيها معظم البلدات العكاريّة كنت صريحأ جدّاً وقلت لأهلنا بأنني لا اعدهم بوظيفة او خدمة بل بالعمل المتواصل من اجل إحداث نقلة نوعية للمنطقة.
8- لقد لاحظنا قربك من الناس وتجاوب الناس معك، لماذا برأيكم؟
أنا أشبه الناس كثيراً، فحين أذهب الى البلدات أتنقل بسيّارتي التي يبلغ عمرها حوالي 15 سنة ومن دون مواكب او مرافقين، فأنا في الأساس فلاّح خرجت من صفوف هؤلاء الناس ولا أتنكّر لأصلي أبدا ً.
9- كيف تقيّمون وضع حزب القوات اللبنانية بعد الإنتخابات؟
لا شكّ ان تكتّل الجمهوريّة القويّة يضم اليوم 15 نائباً، إنما قوّة الحزب لا تكمن في عدد نوابه فقط، بل بنظافة الكف التي يتمتع بها كلّ مسؤوليه بشهادة الخصوم قبل الحلفاء. ولا ننسى ان شخصاً نظيفاً واحداً يخيف 10 أشخاص فاسدين. اليوم تشعر القوّات بنشوة الإنتصار ليس لأن عدد نوابها تضاعف فحسب إنما لأن حجمها التمثيلي على الأرض بات واضحاً وضوح الشمس. ونحن سنعمل على تحسين هذا التمثيل خلال الإنتخابات المقبلة. فوقعنا عند المواطنين إيجابي جدّاً وهم يتقبّلون طروحاتنا بسلاسة لأن ممارسات نوّابنا وزرائنا شفافة جدّاً وتبعث أملاً بمستقبل لائق لشبابنا.
10- حضرة العميد ماذا عن تفاهم معراب، هل فعلاً أصبح من الماضي؟
بالنسبة لنا، نحن نتمسّك به وبالمصالحة حتى الرمق الأخير، امّا بالنسبة الى الطرف الآخر فنحن لا نعرف حقاً، إنّما على رئيس التياّر أن يفهم بأنّنا لسنا أعداءه بل أعداء كل ملّف فساد وكلّ سرقة في الدولة.
11- ماذا عن العلاقة مع تيار المستقبل خصوصاً بعد زيارة الدكتور جعجع الى بيت الوسط؟
نحن وتيّار المستقبل نتفق على المبادئ الأساسيّة لقيام الدولة. والظروف السابقة لا تعدو كونها مجرّد اختلاف وهناك من ظلمنا في فريق الرئيس الحريري علماً أن الحكيم رجل دولة وما يفكر به يقوله علناً من دون مواربة، اليوم الوضع طبيعي جداً.
12- عميد كيف تنظرون الى أوضاع المنطقة بعد الإنسحاب الأميركي من الاتفاق النووي مع ايران؟
إنّ التمدد الإيراني في الشرق هو أمرٌ غير طبيعي وأتى نتيجة تخاذل الإدارة الأميركيّة السابقة. الإدارة الحاليّة برئاسة الرئيس دونالد ترامب ارادت ان تعيد الأمور الى نصابها، لذلك نرى اليوم هذه المواجهة بين واشنطن وطهران. فالحرب التي يتحدثون عنها نعيشها حالياً، ذلك أن ما يجري عمليّات عسكرية وضربات جوّية في سوريا هي الحرب وهي طبعاً لن تكون حرباً تقليدية بين جيشين كما يتصوّر البعض، ولبنان سيتأثر حكماً بهذا الصراع لأنّ حزب الله يرتبط كلياّ بالدولة الفارسيّة.

13- ما لا يعرفه الناس عن النائب قاطيشا؟
أنا انسان أعيش حياةً سعيدة وبسيطة جداً مع عائلتي، أنا متسامح الى درجة اللاحدود واعيش سلام المسيح بتفاصيل حياتي .

صورة editor11

editor11