التبويبات الأساسية

عاليه عروس المواسم كافة

إسمه لمع في الأوساط الإقتصاديّة والتجاريّة حتى أصبح مرجعاً ومصدر ثقة ليس فقط لزملائه من أصحاب المؤسسات التجاريّة، إنّما لأهل منطقته الذين رأووا فيه مشروع حلم لمدينة المستقبل. فهو لا يهدأ، لا يتعب، لا يمل ولا ينحني أمام الظروف رغم قساوتها وتعقيداتها وتشابكها في أحيانٍ كثيرة، فهو صاحب شخصيّة طموحة ومنفتحة على كلّ ما هو خيرٌ لعاليه، تلك البلدة التي أصبحت مركز الثقل والإستقطاب في جبل لبنان الجنوبي لكافة المؤسسات والشركات التجاريّة والصناعيّة والسياحيّة والمهنيّة بفضل حكمة أهاليها والقيميّن عليها من بلديّة ومسؤولين سياسيّين، وأيضاً بفضل جهود لجنة تجّار المدينة الناشطة وعلى رأسها الأستاذ سمير شهيّب. إنه لم ينتظر الدولة ولا مبادراتها، بل أخذ على عاتقه إنماء المنطقة إقتصادياًّ وتجاريّاً رغم حالة التراجع التي تضرب في كلّ صوبٍ وإتجاه، وذلك إيماناً منه بدوره كمواطنٍ وناشطٍ ومسؤولٍ، وإدراكاً منه لدقة الوضع وما يتطلبّه من مبادرات إنقاذيّة إستثنائيّة علّها تنتشل الوطن من الانحدار والانهيار. أسرة مجلّتنا إلتقت رئيس لجنة تجّار عاليه، الأستاذ سمير شهيب وأجرت معه حواراً شاملاً تناول أجواء الموسم الصيفي والحركة التجاريّة في سوق عاليه، بالإضافة الى أبرز نشاطات وإنجازات اللجنة في ضوء الظروف الإقتصادية الصعبة التي يمرّ بها لبنان. وفي ما يلي أبرز ما دار في اللقاء.
- كيف تقيّمون الموسم الصيفي، لا سيّما في هذه المنطقة التي يطلق عليها تسمية عروس المصايف؟
في الحقيقة، نحن كنّا نتحضر لموسم صيفيّ واعد، وقد تلقيّنا في هذا الإطار العديد من الوعود المطمأنة على أمل أن تكون صادقة هذه المرّة، علماً بأن المعطيات والمؤشرات الأمنية والسياسية هي مقلقة بعض الشيء، فإتخذنا قراراً بإلغاء حفل إفتتاح مهرجان صيف عاليه برعاية وزارة السياحة والذي كان مقرراً يوم 4 تموز نتيجة أحداث قبرشمون الأليمة والتي نأمل أن لا تتكرر.

- ما الذي يميّز هذه المدينة ويجعلها عروس المصايف برأيكم؟
عاليه ليست فقط عروس المصايف، إنّما هي عروس المواسم كافة. فهي تشهد نشاطات متنوّعة ومهرجانات مختلفة وسط الطرقات طوال أشهر السنة، حتى خلال فصل الشتاء. فنحن نحرص على أن تكون الحركة دائمة ومستمرّة، بحيث نطلق على سبيل المثال، موسم التسوّق في بداية فصل الشتاء، علماً بأنّ وقع هذا المهرجان كان قويّاً وإيجابياً جدّاً العام الماضي خصوصاً وإننا عمدنا إلى تزيين الشوارع بالشماسي الملوّنة بالتزامن مع عزف فرق Parade للموسيقى المميّزة التي أضفت أجواءً ساحرة على البلدة مع بداية الموسم الشتوي.

- كيف تقيّمون الحركة التجارية في عاليه في ضوء تفاقم الأزمة الإقتصادية؟
في قراءة سريعة للأرقام، نستطيع التأكيد بأن نشاط الحركة التجاريّة شهد تراجعاً ملحوظاً تراوحت نسبته بين 30 و 40%. مع الإشارة إلى أن عاليه تأثرت أكثر من غيرها بهذه الأزمة الإقتصادية باعتبار أنّها تعتمد على المغتربين والسوّاح ولا سيّما العرب والخليجيين. نحن نتحمّل أعباء هذا الوضع منذ العام 2010 ولا نزال نناضل للإستمرار، علماً بأنّ المدينة تضمّ فروعاً لمؤسسات كبيرة وعريقة ناهيك عن عدد المصارف الموجودة فيها والذي يتجاوز الـ 13 مصرفاً، كما أن أهل البلدة لهم خبرة واسعة في التعاطي مع الضيوف وإكرامهم، أضف إلى أن عاليه هي بلدة سكنيّة في الصيف والشتاء وبالتالي فيها نوع من الحركة الدائمة.

- بات من الملاحظ أن عاليه تحوّلت إلى مدينة مكتملة المواصفات، ما هو تعليقكم؟
نعم بالفعل، فعاليه تحولت اليوم إلى مدينة كبيرة، إنّما في نفس الوقت هي لا تزال تحافظ على تقاليد القرية اللبنانية الصغيرة وهذا ما يجعلها مميّزة جدّاً، ففي هذه البلدة يجد السكان أو الزوّار كلّ ما يحتاجونه من خدمات إستشفائية طبيّة، صناعيّة، تربوية وترفيهية وغيرها..

- كيف تقيّمون العلاقة مع البلديّة والمسؤولين السياسيين في عاليه؟
نحن والبلديّة والمسؤولون السياسيّون من نوّاب ووزراء نشكلّ فريق عملٍ واحد، إذ انّ كلّ مؤسسة تؤدي دورها على أكمل وجه بالتنسيق والتعاون مع المؤسسات الأخرى من أجل تحقيق الأهداف المنشودة. فنحن لا نعيش هاجس الإنقسامات ولا الخلافات، بحيث يسعى كلٌّ منّا الى إنجاز مصلحة المدينة العليا، وهذا الأمر بالنسبة لنا هو نعمة نتمنّى تعميمها على كافة المدن والبلدات.

- ماذا عن جمعية تجاّر عاليه وكيف إستطعتم أن تكسبوا ثقة أهل المنطقة على هذا النحو؟
جمعيّة تجارعاليه هي عبارة عن هيئة إداريّة تتألفّ من التجار الذين نجحوا في كثب ثقة أهل عاليه، لأنّهم أثبتوا بالفعل أنهم يعملون لمصلحة الجميع. وقد وضعت الجمعيّة نفسها في تصرّف المدينة من أجل تطويرها وإنمائها على كافة المستويات ولا سيّما الإقتصاديّة.

- إذا طلب إليكم تصنيف لجنة تجّار عاليه، في أي مرتبة تضعونها من بين لجان التجار؟
لا شكّ بأن لجنة تجّار عاليه هي من أبرز وأهمّ لجان التجّار على مستوى لبنان، وإذا تحدثنا في لغة المراتب، فإن لجنة تجّار عاليه تأتي في المرتبة الثانية بعد لجنة تجّار بيروت التي يترأسها الخبير الإقتصادي المخضرم والناشط الكبير الأستاذ نقولا شماس.

- ما هي مصادر تمويل اللجنة؟
نحن لدينا إشتراكات دورية معيّنة تشكلّ نسبة من الإيرادات، كذلك تقوم اللجنة بتنظيم نشاطات تدر لها أموالاً تستغلّها في تنفيذ المشاريع، إنّما نحن لسنا هواة تجميع مبالغ ماليّة كما أننا لا نطلب أيّ دعم مادي من أيٍّ من المرجعيّات السياسيّة. نحن نتحرك من خلال إيراداتنا وما يتبقّى منها يتمّ صرفه كتبرّعات للجمعيّات والمؤسسات الخيريّة أو المراكز الصحيّة والتربويّة.

- لماذا هذا الإجماع اللافت على شخص سمير شهيّب برأيكم؟
لا أحبّ أن أتكلمّ عن نفسي، إنّما أقول أنني شخصٌ ملتزمٌ إلى أبعد حدود وأهتمّ بقضايا الشأن العام منذ صغري. وهنا أحب أن أشير إلى وجود علاقة غرام وطيدة وقويّة تربطني بمدينة عاليه وهذه العلاقة هي سبب إندفاعي للعمل. أمّا عن الإجماع حولي، فهذا السؤال لا يجب توجيهه إليّ، علماً بأنّنا كلجنة ندعو لإجراء انتخابات دوريّة كلّ سنتين وأنا على المستوى الشخصي أتمنى رؤية العديد من المرشحّين يتنافسون من أجل الخدمة.

- ماذا عن الهيكليّة الإدارية للجنة تجّار عاليه؟
الهيئة الإدارية تتألف من 13 شخصاً، فيما الهيئة العام تضمّ 130 ممثلاً عن المؤسسات التجارية، وما يجعل هذه الجمعيّة ناجحة هو التضامن الذي يجمع أفرادها بحيث لا يوجد حرتقات داخلية لأن الجميع يعمل للمصلحة العامة.

- ما هي أبرز إنجازت هذه اللجنة؟
نحن أنجزنا العديد من المشاريع التي تفيد وتدعم التجار على مختلف الأصعدة والمستويات، أذكر على سبيل المثال لا الحصر، التأمين الصحي الشامل الذي يغطي أصحاب المؤسسات التجاريّة من خلال التعاقد مع إحدى أهمّ الشركات، وقد أستفاد نحو 500 شخصاً من هذه الخدمة حتى اللحظة، ونحن نتوقّع ان يتضاعف العدد في المستقبل القريب. على خطّ موازٍ، فقد أنجزنا بالتعاون مع بنك الموارد مشروع إصدار بطاقة تسوّق مجانيّة تتيح لحاملها فرصة الإستفادة من حسومات تصل إلى حدود 30% من جميع المؤسسات التجارية المتواجدة في عاليه وذلك لتشجيع الزبائن على الشراء وبالتالي تنشيط حركة الأسواق في ظلّ الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها اللبنانيون جميعاً.

- ما هي طموحاتكم؟
طموحاتنا كثيرة، فنحن نسعى لأن يكون هناك مبنىً خاصاً للجمعيّة، صحيحٌ بأن المكتب الحالي كبيرٌ حتى أننا نقدمه مجاناً للجمعيّات التي تنظمّ ندوات في مختلف الإختصاصات، إنما لا شكّ بأن تكلفة مشروع بناء مبنىً هي كبيرة سيّما في ظلّ الأوضاع الإقتصادية الصعبة التي تخيّم على البلاد.
بإختصار، نحن نعمل قدر المستطاع وقدر المساحة المتاحة لنا، إنمّا تنفيذ المشاريع الكبرى يقع على عاتق الدولة، فهي يجب أن تتحرّك بإتجاه تنفيذ مشاريع حيويّة، مثل بناء منشآت رياضية ضخمة لاحتواء الشباب ودفعهم للإنخراط في المجالات الرياضية بدل من الانحراف، كما توجد حاجة إلى تشييد مستوصفات طبيّة حديثة ومدارس وتعاونيات زراعية وغيرها من المشاريع الضرورية، إنمّا الأهم بالنسبة لنا والمشروع الذي نطالب به هو وجود طريق دولي يصل الى عاليه، فكلّنا يعلم مأساة طريق الشام الدولي وكيف يتحوّل إلى طريق ضيّق عند نقطة بسوس، علماً بأن وجود مثل هذا الطريق هو حاجة حيوية للمدينة وللمنطقة ككلّ لأنه يساهم بإحياء البلدات البعيدة، فحين يكون التنقّل سهلاً يصبح السكن في القرى أمراً عادياً، وبالتالي تصبح الحركة الإقتصاديّة أكبر....علماً بأن هذه المشاريع هي ليست مطلب مدينة عاليه فحسب، إنما هي مطلب مختلف المناطق اللبنانية التي تحتاج إلى نهضة إنمائيّة حقيقية وشاملة.
من هنا، فإنّ المطلوب من الدولة اليوم وضع مخطط مستقبلي يقوم على تصوّرات ومشاريع حيوية من شأنها أن تساهم في انعاش الإقتصاد الوطني على أن تلحظ هذه المشاريع في موازانتها، وهو ما نعوّل عليه اليوم وإلا نكون امام وضع محرج.

- هل من كلمة أخيرة...
في نهاية هذا الحديث، أحب أن أتوجه بتحيّة إلى الشعب اللبناني الذي هو شعب طموح وأثبت أنه قادرٌ على النجاح والتميّز أينما وجد، وهو أثبت مراراً انه مثابرٌ ويستطيع تخطّي المخاطر والصعوبات، لكن آن الاوان لتوفير بعضاً من الاستقرار له بعد هذه المعاناة الطويلة. كذلك أتوجه بالشكر لمجلتكم الكريمة وأتمنى لكم الصمود وسط الصعوبات الهائلة التي تعيشها الصحافة لا سيّما الورقية منها.

صورة editor2

editor2