التبويبات الأساسية

هي قصّة مغتربٌ لامعٌ من بلادي، قصّة جديدة مكللة بالنجاحات والإنجازات بما يجعلها مغرية لّكل طامحٍ للهجرة.
هي قصة عاطف عيد، ذاك الرجل الذي أمضى مسيرة طويلة في المهجر يتعب ويعمل بجهدٍ على أمل تحقيق الحلم الأهمّ، حلم العودة إلى الجذور، إلى ذاك البلد الذي يبقى رغم صغره وعقده ومشاكله الكثيرة مصدر الحنين والدفء والأمان.
ورغم إنشغاله بأعماله في أحدٍ أكثر البلدان حيويّة وجاذبية، بقي قلب عيد على لبنان وعلى كلّ مغتربٍ أراد أن يشقّ طريق النجاح في الخارج بعدما ضاقت به سبل العيش في الوطن، فعمل على توثيق الروابط بين هؤلاء، مسخراًّ طاقته وواضعاً إمكانيّاته بتصرّف الجامعة اللبنانية الثقافيّة التي ترأسها والتي قامت بأداء رسالتها بكلّ محبة ووفاء وتضحية وإخلاص وتفانٍ.
أسرة مجلتنا إلتقت الأستاذ عاطف عيد، وأجرت معه حواراً تناول رحلته الإغترابية ونشاطه في الجامعة الثقافية اللبنانية، بالإضافة إلى أبرز عطاءاته وأعماله الإنسانية، وفيما يلي أبرز ما دار في اللقاء.
تنمية مناطق الريف ضرورة للحد من الهجرة

- كيف تقيّمون رحلتكم الإغترابية؟
أنا غادرت لبنان خلال العام 1970، واتجهت بدايةً إلى أوروبا وتحديداً إلى النروج حيث وجدت أن تكلفة المعيشة باهظة بالنظر إلى قيمة الضرائب الكبيرة التي كانت تحسم من الرواتب، في أوسلو وقبل المغادرة للعودة إلى بيروت قررّت أن أختبر حظي محاولاً الحصول على تأشيرة لدخول الولايات المتحدة من خلال السفارة الأميركية، وبالفعل نجحت في الحصول على تأشيرة وذهبت إلى نيويورك في رحلة إستطلاع للأوضاع. لقد أعجبتني البلاد كثيراً وذهلت بها، فهي أرضٌ ضخمة فيها الكثير من الفرص، كما أن الشعب الأميركي منفتح جدّاً ويساعد الغرباء. الصدفة لعبت دورها معي، بحيث تعرّفت إلى أحد رجال الأعمال الكبار وعملت معه في مجال التجارة في منهاتن قبل الشروع في تأسيس عملي الخاص. مع إندلاع الحرب اللبنانية قررت البقاء في الولايات المتحدة حيث بدأ أفراد العائلة يتوافدون تباعاً حتى بتنا نحو 100 شخصاً.

- ما هي رسالتكم إلى جيل الشباب، وهل تشجعونهم على الهجرة؟
الشباب هم حجر الزاوية في الوطن، ونحن في لبنان بأمسّ الحاجة إلى الطاقات الشبابيّة لما تضمّ من مهارات وكفاءات، لذلك لا بدّ من توجيه دعوة إلى كلّ من هاجر وحقق نجاحات في دول الإغتراب من أجل الرجوع لربوع الوطن لأنه في النهاية لا بدّ من العودة إلى الجذور. أنا على المستوى الشخصيّ لا أحبّذ السفر، ولكن لا بدّ من إيجاد فرص لهؤلاء الشباب من خلال تنمية مناطق الريف التي تحتوي على مجالات مهمّة للإستثمار بما يساعد على التخفيف من حدّة الإكتظاظ السكاني في بيروت، ولا بدّ للحكومة من أن تذهب بإتجاه إعتماد نظام اللامركزية الإدارية وتنظيم العمل البلدي بما يتيح تحقيق الإنماء المتوازن في جميع المناطق.

- ما هي النصيحة التي توجهونها للطامحين بدخول إلى الأراضي الاميركية؟
إن الهجرة إلى أميركا الشمالية صعبة جدّاً، فالحصول على إقامة يتطلّب إجراءات معقدة ترتبط بعدة عوامل مثل نوعية العمل والكفيل وغيرها. لا شكّ بأن الحياة صعبة هناك ولا سيّما في البداية، إنّما الأمر يرتبط بنوع العمل أو الخدمة التي يؤديها والتي قد تسهل إنجاز المعاملات القانونية.

- ماذا عن الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، وهل لا تزال فاعلة برأيكم؟
أنا بدأت نشاطي في الجامعة خلال العام 1973، وقد عملنا مع السفير الترك آنذاك الذي قدّم لنا كل الدعم، بحيث قمنا بإفتتاح فرع نيويورك وبات عدد المنتسبين نحو 450 شخصاً. وهنا لا بدّ من التوضيح بأن كلّ أعضاء الجامعة كان لديهم إنتماءاً واحداً ووحيداً وهو للبنان، من هنا كان الجميع يعمل بنشاط وجديّة وكانت تقوم الجامعة بدور كبير وهام على مستوى تقديم المساعدات لكلّ المتحدرين من أصل لبناني، إنما في وقت لاحق بدأ يحصل التقصير والتقاعص بسبب وصول مرض الأحزاب اليها والذي أصابها بالشلل تباعاً حتى انقسمت إلى 3 أو ربما 4 جامعات.

- كينف تنظرون إلى مؤتمرات الطاقة الاغترابية التي تنظمها وزارة الخارجية؟
في الحقيقة، لا بدّ من توجيه تحيّة تقدير وشكر لمعالي وزير الخارجية جبران باسيل الذي يقوم بدور جبّار على مستوى المغتربين، فهو قام بما لا يقم به أي وزير سابق، بحيث ذهب إلى أقاصي الأرض بمساعدة من السفراء والديبلوماسيين المعتمدين في الخارج، بحثاً عن المغتربين والمتحدرين من أصلٍ لبناني في محاولة لربطهم بالوطن. وأنا أعتبر ان مؤتمرات الطاقة هي مهمة جدّاً ومن شأنها أن تعود بالفائدة على الوطن والمغتربين معاً.

- نحن نعلم أن عطاءاتكم الإنسانية كثيرة لأهل بلدتكم، ماذا تقولون حيال ذلك؟
نحن نفرح كثيراً بوجودنا وسط أهلنا وبلدتنا، فعلاً نحن نشعر بسعادة لا توصف لأن الغربة هي فعلاً جفى، وواجبنا أن نعطي ونقدّم قدر المستطاع. من هنا، فإن إقامة تمثال للسيدة العذراء في المطلة في المكان الذي كان يسمّى متراساً خلال فترة الحرب المشؤومة، ما هو إلّا لتكريم العذراء، أمّ النور وأمّ السلام، فنحن نطلب بركتها وشفاعتها لبلدتنا وكل لبنان، وكذلك فإن تمثال مار شربل طبيب السماء وشفيع اللبنانيين جميعاً الذي تمّ رفعه مؤخراً في بلدة الجليلية والجوار وكرسّه سيادة المطران مارون العمار راعي أبرشية صيدا المارونية ليس سوى عربون تقدير ومحبّة لهذا القديس العظيم.

- هل من كلمة أخيرة؟
في نهاية هذا اللقاء، أحبّ ان أشكركم وأنا أقدر دوركم في نقل الخبر اليقين والصورية الصحيحة، فاعتماد المغتربين هو عليكم وعلى كلّ ما تقولونه وتنشرونه. ونحن نتمنى لهذا البلد دوام الاستقرار والتقدّم والنمو كما يستحق وكما هو بنظر المقيمن والمغتربين.

 

صورة editor2

editor2