التبويبات الأساسية

كلّ جمعية إغترابية تعمل من أجل الوطن هي من عائلة الجامعة
في خضمّ هذا المشهد السوداوي الذي يخيّم على وطن الأرز، تبقى عيون اللبنانييّن شاخصة بإتجاه دول الإنتشار وأمالهم معلّقة بالمغتربين، الذين يثبتون في كلّ مرّة بأنّهم خشبة الخلاص ومظلّة الأمان التي ستحمي هذا البلد الصغير من جشع مسؤوليه وطمع أعدائه.
ففي لبنان، شعبٌ يقاوم الصعوبات المعيشيّة والإذلال اليومي لتأمين لقمة العيش حتى آخر نفس. وفي الإغتراب، لبنانيوّن يناضلون من أجل دعم وطنهم الأمّ بكلّ الطرق الممكنة ومن دون كللٍ أو مللٍ. من هنا وأمام هذا الواقع الأليم، تسعى الجامعة اللبنانيّة الثقافيّة، وهي المؤسسة الإغترابية العريقة والحريصة على ضمان إستمرار التواصل المتين بين لبنان المقيم ولبنان المغترب، إلى توفير كلّ الدعم المطلوب من أجل تأمين صمود هذا البلد لا سيّما في هذه الفترة العصيبة التي يمرّ بها. أسرة مجلّتنا التقت أمين عام الجامعة الأستاذ روجيه هاني، وهو المغترب اللبناني الذي لم تفلِح النجاحات والإنجازات التي حققها في باريس من إغرائه وإبعاده عن الوطن، ليبقى لبنان هو الهدف الدائم والمحور الحقيقي، فالقلب دائماً في بيروت والعين تترقب الأحداث فيما الفكر يعمل على رسم خطط الإنقاذ ومشاريع الدعم.
عن عمل الجامعة والإنقسامات فيها بالإضافة إلى دور الإغتراب يحدثنا الأستاذ هاني، مستعرضاً أبرز مشاريع الجامعة وعملها في حوار شاملٍ، ننشر في ما يلي أبرز ما دار فيه.

- في البداية، ماذا تقولون عن قصّتكم مع الجامعة الثقافية؟
لا بدّ من القول بأنّني غادرت لبنان في العام 1986، علماً بأنني كنت أعمل كخبير محاسبة وكان لدي مكتبي الخاص في بيروت، إلّا أنّني إنتقلت إلى فرنسا حيث أسست مكتب تأمين. انتسبت للجامعة الثقافية في العام 2001 عندما انتُخِب بشارة بشارة رئيساً لها. في الحقيقة، لقد أحببت قكرة الجامعة لأنّها تجمع، وبالتالي هي تحمل رسالة مهمّة جدّاً بالنسبة لعالم الإغتراب، فهي تحافظ على الروابط وتعمل على تعزيز التواصل  بين المغتربين وأهلهم في لبنان. من هنا، تكتسب الجامعة بُعداً استثنائياً خصوصاً بالنسبة لأولادنا نحن كمغتربين، إذ لا بدّ من تذكيرهم ببلدهم الأمّ الذي نعتبره بلد ثقافة وعزّ. وأنا إنطلاقاً من موقعي كأمين عام الجامعة سأناضل من أجل توفير ظروف العودة إلى وطن الجذور.

- هل تشجعون الشباب اللبناني على الهجرة اليوم، وأنتم خبرتم هذه التجربة؟
لا شكّ بأن الوضع الإقتصادي في لبنان صعبٌ للغاية، ويوجد عددٌ كبيرٌ من الشباب المتخرجين الذين لا يجدون فرص عمل تؤمن لهم الحدّ الأدنى من العيش الكريم، وأنا أقول بأنّ فكرة الإنتقال إلى الخارج لهدف العمل وتحسين الظروف أمرٌ جيّد، مع التشديد على أن الحياة في الإغتراب ليست سهلة أبداً، إنّما تتطلب تعباً واجتهاداً، وبالتالي مخطئٌ كثيراً من يعتبر أن بلاد المهجر هي منبع رزق. وولكنني في الوقت نفسه، أعتبر بأنّه من الضروري بمكان إختبار النماذج المعتمدة في الدول الحضارية، لناحية تطبيق القوانين والأنظمة وبناء دول متطوّرة، وذلك من أجل نقل هذه التجارب إلى لبنان وتحقيق الإنماء المطلوب في دولة قويّة محترمة تفرض القوانين وتؤمن حياة لائقة لمواطنيها. فنحن كلبنانيّون لا ينقصنا شيئاً إطلاقاً، إذ يوجد لدينا طاقات شابة ممتازة وكفاءات إستثنائيّة إستطاعت أن تحقق الكثير من الإنجازات والإبداعات في الخارج.

- كيف تقيّمون علاقتكم مع لبنان اليوم؟
لا شكّ بأن الدم اللبناني يجري في عروقي، ولسوء الحظّ أنا تركت هذا البلد  في ظروف صعبة وذلك رغم قناعتي بأنّه أجمل بلد وأطيب شعب. من هنا، فإن العلاقة مع لبنان لا يمكن وصفها، فهي أشبه بقصّة عشقٍ دائمة، وأنا أحضر إلى بيروت بصورة مستمرّة، حتى أن أولادي يصرّون على زيارة بلدهم أقلّه مرّة خلال السنة.

- علمنا بوجود مشاريع معيّنة مع بعض الجامعات، هل تضعونا في صورة هذه المشاريع؟
لقد تمّ التوقيع على معاهدة تفاهم بين الجامعة الثقافية اللبنانيّة والجامعة اللبنانية الأميريكّية LAU هدفها تعليم المغتربين اللبنانيّين اللغة العربيّة واللكنة اللبنانية وذلك تحت رعاية منظمة اليونسكو ووزارة الثقافة. وقد لاقت هذه التجربة ترحيباً كبيراً لا سيّما في أوساط الشباب ونحن نحاول تكرارها مع جامعات أخرى، فما يهمنا هو مد جسور التواصل بين لبنان المقيم ولبنان المغترب، ولهذه الغاية زار نحو 200 شاب وشابة متحدرون من أصل لبناني قادمون من 18 دولة، وطن الأجداد بين من 21 إلى 31 تموز وقاموا بجولة سياحية وثقافية شملت كلّ لبنان، من الشمال إلى الجنوب مروراً بالبقاع تعرّفوا في خلالها على جميع المواقع السياحية، وهنا لا بدّ من توجيه الشكر الى وزارتي السياحة والثقافة والى القوى الأمنية من أمن داخلي وجيش لجهودهم ومساهمتهم في إنجاح هذه الزيارة المهمة ذلك أن بعض هؤلاء الشباب تمكنوا من التعرف الى عائلات أجدادهم، ومنهم من حصل على الجنسية اللبنانية.

مد جسور التواصل بين لبنان المقيم

- يحكى عن الكثير من الإنقسامات في صفوف الجامعة الثقافية، ماذا تقولون حيال ذلك؟
أنا أشددّ على أن الجامعة واحدة وهدفها واحد ألا وهو تنمية لبنان. وأكثر من ذلك، أنا أقول بأنّ كلّ جمعيّة إغترابيّة تعمل من أجل الوطن الأمّ هي من عائلة الجامعة الثقافية، ولكن ما يميّزنا نحن هو أن شرعيّتنا مستمدّة من الدول التي نتواجد فيها، لكننا نتبع في النهاية لمؤسسة واحدة عالميّة عابرة للقارات هي المؤسسة الثقافيّة التي يتواجد مقرّها الرئيسي في نيويورك ومعترفٌ بها رسمياًّ من قبل الأمم المتحدة. للأسف لقد اتجه البعض إلى تسييس الجامعة، لكن لا مشكلة فكلّ من يعمل على الأرض لمصلحة لبنان يكون تحت لواء الجامعة التي تستقبل كلّ الناس. ففي نهاية المطاف تحرص هذه المؤسسة على تعزيز التواصل من دون أن يكون لها مآخذ مسبقة على أحد. 

- أين تتواجد فروع الجامعة؟
الجامعة الثقافية تضمّ وبحسب آخر المعطيات 148 مجلس ولاية بنتسيق تام فيما بينها. فالجامعة مفتوحة لكلّ لبناني. 
¡ بالعودة إلى فرنسا مقرّ إقامتكم، كيف هي النظرة إلى لبنان؟
في فرنسا وكافة البلدان التي نتواجد فيها نعمل على إجراء لقاءات وإحتفالات وأمسيات هدفها التعريف عن لبنان وفكره وثقافته وفنّه وتاريخه العريق. وفي فرنسا تحديداً نجري معرض Les Journées Du Liban على مدى 3 أيّام وعادة ما يكون ناجحاً جدّاً، ذلك أنّ قرابة الـ 10000 نسمة يزورون المعرض لحضور المحاضرات والتعرّف على  لبنان بكافة أوجهه.
هذا وعمدنا مؤخراً إلى زرع أرزة  في أكثر المناطق فخامةً وهي منطقة فرساي حيث قصر الملكة اليزابيت وذلك بمعاونة المجلس الوطني وبحضور السفير والعمدة في خلال حفل مشرّف حضره نحو 150 شخصاً، ولهذا المشروع أهميّة لا بل رمزيّة مهمّة جدّاً على مستوى فرنسا.

- كيف تقيّمون الوضع في لبنان اليوم، وهل ترون إمكانية لعودة نهائية ؟
للأسف لم يصل لبنان إلى هذه المرحلة من «التعتير» حتى خلال الحرب. فالأوضاع مأزومة جدّاً والمسؤولين يجب أن يتعظوا من دروس الماضي ويسارعوا إلى العمل من أجل الخروج السريع من هذه المحنة.
فالدولة لا تحرّك ساكناً من أجل وضع حدّ لهذا الإنهيار فيما المطلوب هو الشروع في إقرار وتنفيذ خطط وحكومة إنقاذيّة إستثنائيّة تحاكي دقة المرحلة.
ونحن كمغتربون جاهزون للدعم والمساعدة، إنّما على الدولة أن تشجع على الإستثمار من أجل القيام بمشاريع إنمائيّة وإنتاجيّة من شأنها ان تنقذ هذا البلد وأهله.

- هل تؤيدون وجود نواباً يمثلون المغتربين كما اقترح في فترة سابقة؟
نحن بالتأكيد ندعم مشاركة الإغتراب في الإنتخابات النيابية رغم إمتعاضنا من طريقة التسجيل التي حصلت في الإستحقاق الأخير، كما وأننا نطالب الدولة اللبنانيّة بأن تحذو حذوَ البلدان الأخرى في هذا المجال. أمّا ان تُخصصّ 6 مقاعد نيابية للمغتربين فهذا أمرٌ نرفضه لما يحمل في طيّاته من إشكاليّات ستؤدي حتماً إلى مزيدٍ من الإنقسامات والإنشقاقات نحن بغنى عنها. 
ومع ذلك، فقد ذكرنا أيضًا زيارة 200 شاب لبناني من 18 دولة وأغلبية أمريكا اللاتينية الذين سافروا لمدة 10 أيام من 21 إلى 31 يوليو  لبنان من الشمال إلى الجنوب من البقاع إلى الساحل من خلال زيارة جميع المواقع السياحية .. وهو بفضل مساعدة وزارة السياحة .. وزارة ثقافة الأمن الداخلي والجيش
 ومن بين هؤلاء الشباب، كان هناك لم شملهم مع عائلات أجدادهم، حتى أولئك الذين اتخذوا الإجراءات الشكلية وحصلوا على الجنسية اللبنانية.
تحرير: يـــــــارا رسـتـم

صورة editor2

editor2