التبويبات الأساسية

بلدتنا نموذجٌ حقيقيٌ للعيش المشترك

هي أرض التواضع والعنفوان المُكللة بأشجار الصنوبر الشاهقة العملاقة، منها تعبق رائحة الريحان الزكيّة وفيها يتجلّى العيش المشترك بأبها حللٍ ممكنة... هي إحدى أجمل القرى الجنوبية حيث الطبيعة أبت إلاّ أن تترك بصماتها العجائبية من خلال مغارة إستثنائية هي في الحقيقية أشبه بتحفة فنية، إنها مغارة الريحان الشهيرة التي أسرت قلوب أبناء البلدة وجذبت الزوّار من كلّ دار. نقاوة الإسم تكفي للتعبير عن رمزيّة وجمال بلدة الريحان، فهناك إنعكس الهواء العليل صفاءً على نفوس أهل البلدة، فتراهم مسالمين، هادئين، مطمئنين وممتنين لنعم الله. أسرة مجلّتنا جالت على البلدة وتفقدّت معالمها الطبيعية المميّزة، وكان لها هذا اللقاء الحواري مع رئيس بلديّتها الأستاذ حسين فقيه الذي حدّثنا عن النهضة الكبيرة التي تشهدها الريحان بفعل إرادة أهلها الصلبة ونشاط مجلسها البلدي الذي لا يعرف راحةُ أو هدوءاً من أجل تحقيق الإنماء المطلوب والتنمية المستحقّة. وفي ما يلي أبرز ما دار في اللقاء:

- كيف تعرفون القرّاء عن هذه البلدة الجميلة؟
تعتبر الريحان من قرى الجنوب الوديعة حيث الطبيعة الخضراء تسيطر على مساحات واسعة فيها، مع الإشارة إلى ان البلدة تبعد عن العاصمة بيروت بنحو 82 كلم فيما إرتفاعها عن سطح البحر يتراوح بين الـ 1000 والـ 1250 متراً. وقد أطلقت تسمية ريحان على هذه القرية نسبة لنبتة الريحان الموجودة فيها بكثافة، علماً أيضاً بأن شجر الصنوبر يغطي جزءاً كبيراُ من أراضي البلدة. ونحن كبلديّة نولي إهتماماً كبيراً للطبيعة والمساحات الخضراء بحيث نعمل على غرس المزيد من شجر الصنوبر ضمن استراتيجية تقتضي تشييد وتنسيق الحدائق العامة وتجهيزها بما يلزم لاستقبال الأهالي والزوار.

- ماذا تخبرنا عن مغارة الريحان الطبيعية؟
إكتُشِفت مغارة الريحان منذ ما يقارب الـ 100 سنة، وقد تمّ ذلك عن طريق الصدفة على يد أحد البنّائين من أبناء البلدة إثر سقوط «المهدة» التي كان يستخدمها بين الصخور وذلك في ثلاثينيات القرن الماضي، مع الإشارة إلى أن ظروف الحرب القاسية والإحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان دفع إلى تأخير الأعمال التي تؤدي إلى إفتتاح المغارة كمعلمٍ سياحي أمام الزوّار. إلّا أنه وبعد تحرير الجنوب في العام 2000 بدأت البلديات المتعاقبة بالعمل على تأهيل المغارة من خلال إنشاء المداخل والقاعات وتجهيز المحيط بما يلزم لتسهيل وصول الزوار حتى تحوّل هذا المكان إلى محطة سياحيّة بارزة على مستوى الجنوب وكلّ لبنان، ذلك ان هذه المغارة تحتوي على مجسمّات مختلفة تشبه أشكالاً معينة كالجرس وثمرة اللقطين، ما يجعلها تحفة فنيّة تحاكي الخيال.
¡ كيف إنعكس اكتشاف هذا المعلم على هذه البلدة؟
في الحقيقة نحن عملنا ونعمل على تسويق هذه المغارة، بحيث أسّسنا موقعاً مخصصاً للتعريف عنها على مواقع التواصل الإجتماعي، الأمر الذي شجّع الناس على القدوم إلى الريحان للتعرّف أكثر على المغارة وزيارة البلدة، ولا شكّ بأن حركة الزوّار الكثيفة أدّت إلى تحريك العجلة الإقتصادية بالمنطقة، على إعتبار ان هؤلاء يأتون من مختلف المناطق ولا يكتفون بزيارة المغارة فقط بل يجولون في البلدة ويتمتعّون بمختلف المزايا الطبيعية والأثرية التي تطبع الريحان، إذ توجد في البلدة حدائق مميّزة بالإضافة إلى جامعٍ أثري يعود تاريخ تشييده إلى ما يقارب الـ 200 عام.

- ماذا عن عدد السكان، وهل يختلف بين فصلي الصيف والشتاء؟
نعم بالتأكيد يختلف، ففي فصل الصيف يصل عدد السكان الى حوالي 5000 نسمة في حين ينخفض هذا العدد الى 700 خلال فصل الشتاء.

- ماذا عن التركيبة الإجتماعية لعائلات البلدة؟
توجد في الريحان 37 عائلة، منها إسلامية ومنها مسيحيّة، إنما الجميع يعيشون بإلفة ومحبّة، بل يمكن إعتبار الريحان بلدة مثالية تجسّد العيش المشترك الفعلي الحقيقي بين مختلف الطوائف.

- ما هي المشاريع التي تعتزمون القيام بها؟
هناك مشروع مياه يجري العمل عليه بالتنسيق والتعاون مع وزارة الطاقة، بالإضافةً إلى إستكمال مشروع مدّ شبكة الصرف الصحي. على خطٍ موازٍ وفي موضوع النفايات، فقد حاولنا معالجة هذه الأزمة من خلال إنشاء معمل فرز من المصدر لكن تكلفة المشروع بلغت 150 ألف دولار، لذلك وأمام هذا الواقع، نحن نقوم بجمع ورفع تلك النفايات من الشوارع لترحيلها من البلدة إلى حين إيجاد حلٍّ جذري لهذه المعضلة.
كذلك نحن نعمل على ترميم وتجميل مدخل البلدة وتأمين النظافة العامة، بحيث نقوم بعملية تشحيل مستمرّة تجنباً للحرائق، بالإضافة الى أعمال رش مبيدات وأعمال تزفيت ضمن خطة سنوية تندرج تحتها أولويات محددة.

- هل من إتجاه لإدخال المكننة للعمل البلدي؟
البلدية الذكية هي طموحنا ولا بدّ من الوصول إليها في يوم، إنما وفي هذه اللحظة قد يكون الوصول إليها أمرٌ صعب على إعتبار ان مستلزماتها غير متوفرّة حتى اللحظة. وللحقيقة فإن هذه المسألة ليست مطروحة على مستوى البلديات فحسب، إنما على مستوى الدولة بشكل عام.

- كيف تقيمون الوضع المالي للبلديات في ضوء الأزمة الإقتصادية الخانقة التي تعصف بالبلاد؟
سأكتفي بالقول بأننا دخلنا المحظور.

- ماذا تحضرون لهذا الصيف؟ يوجد لدينا برنامجاً مخصصاً لفصل الصيف يتضمن عدّة نشاطات مثل العشاء القروي التراثي الذي يجمع مغتربي البلدة، بالإضافة إلى أنشطة ثقافية وترفيهية وتربوية ورياضية مخصصة للصغار وذلك برعاية مباشرة من البلدية. هذا وتقوم البلدية أيضاً بتكريم الطلاب المتفوقين في إحتفال يدعى إليه الأهالي ومسؤولين رسميين وإجتماعيين.

¡ هل من تدخل حزبي في عملكم البلدي؟
أنا أستطيع التأكيد بأنه ليس هناك أي تدّخل حزبي في العمل البلدي، بل العكس هو الصحيح. فنحن لا نقبل بالمخالفات بغض النظر عن مصدرها، والقانون يطبّق على الجميع من دون تمييز أو إستثناء.

- هل الترشح لولاية ثانية واردٌ بالنسبة لكم؟
في الحقيقة لا قرار بالتجديد حتى اللحظة، ذلك أن الموضوع ليس «بريستيج» كما يتصوّر البعض، إنما هو مسؤوليّة جديّة ومتعبة. وأختم هذا اللقاء بالقول بأن الريحان كانت ولا تزال ملتقىً لجميع اللبنانيين. فهي في الشتاء نقيّة كبياض الثلج الذي يغطي تلالها، وفي الصيف نجدها تفتح أبوابها لإستقبال كل هارب من إزدحام ولهيب المدينة. ولأهلها أقول أنتم النموذج الحقيقي للعيش المشترك السليم، والمحبة التي تجمعكم ستبقى المدماك الأساسي الذي نبني عليه لتحقيق الإزدهار المنشود.

صورة editor2

editor2