التبويبات الأساسية

جنيد وعطور، قصّة أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي ولا سيّما موقع "تويتر" طيلة ليل أمس حيث تفاعل المغرّدون عبر هاشتاغ #هوا_الحرية، الذي أثار موجة من الجدل حول تفاصيل جريمة اجتماعية بطلها الحبّ. انها عطور، ابنة الـ15 عاما، المرتبطة رسميا بجنيد- 21 عاماً، والتي فرّت من منزل ذويها مع خطيبها تاركة لهم شريطاً مصوّراً أبلغتهم من خلاله أنها عزمت على الزواج منه والبقاء معه بملء إرادتها. قرارٌ فجع أهل العروس المراهقة، الذين سرعان ما لجأوا الى القضاء لاسترجاع ابنتهم القاصر، مشدّدين على رفضهم زواجها قبل بلوغها سنّ الرشد.

ومع انطلاق حلقة برنامج "هوا الحرية" على شاشة الـ LBCI فوجئ المتابعون بمشاهد من المواجهات الحادّة التي وقعت بين الضيوف، فمن جهة استضاف مقدّم البرنامج والدة الفتاة وخالتها يقابلهما عطور وجنيد ووالدته، لقاء لم يخلُ من المشادات الكلامية بين الطرفين، ومن دموع الأمّ المذهولة من هروب ابنتها. ومما أثار حفيظة المشاهدين، عناد الفتاة وقسوتها في مجابهتها لعائلتها واصرارها على البقاء مع خطيبها ورفضها العودة الى المنزل تحت أي حجة او ظرف. "بدي ضلّ مع خطيبي" عبارة لم تفارق لسان عطور، التي برّرت قرارها بحسن معاملة خطيبها وحبّه لها، مؤكدة على أنها تعلم مسبقاً أنه هو الرجل الكفيل بإسعادها مدى الحياة.

"شو عرّفك"؟ سؤال طرحه مقدم البرنامج على ابنة الـ 15 عاماً، محاولا اقناعها بأن مكانها الوحيد هو المدرسة، وأن قرارها ليس مبنيّاً على عقل راشدٍ وواعٍ، إنما على رغبة طفولية قد تلحق بها الندم لاحقاً، الا ان الصغيرة أصرّت على قرارها متمسّكة بجنيد، كدمية يأبى الطفل أن ينتزعها منه أحد. وتسارعت الاحداث في الاستديو، واشتدّت معها النقاشات وتعالت الأصوات المرفقة بالشتائم التي حوّلت الفقرة الى جدال عقيم جعل من مقدم البرنامج مضطراً لإنهائها بعبارة" خلّوا القانون ياخذ مجراه". وما هي الا ثوانٍ معدودة حتى دخلت مجموعة من قوى الأمن الداخلي في محاولة لاعتقال جنيد الملاحق قانونياً بناء على مذكّرة توقيف صدرت بحقّه بجرم الاختطاف.

زلّةٌ وقع فيها برنامج "هوا الحرية" أثارت مشاعر الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي الذين عبّروا عن استيائهم من نقل هذا المشهد مباشرة على الهواء، فعلى الرغم من استنكار البعض لأسلوب المواجهة بين الطرفين، وتصادم الفتاة مع أهلها، إلا أنّ مشهد جنيد مكبّل اليدين وبكاء عطور استفزّ ضعفهم أمام صورة من صور الظلم الاجتماعي بحيث اعتبر البعض أن الحبّ هو شعور عظيم وأنه من حق الحبيبين ان يدافعا عنه مهما كلف الامر.

"‏قصة عطور وجنيد قصة تنين حبوا بعضن والجهل خلاهن يتجوزوا بعمر صغير"، بهذه الكلمات غرّد الاعلامي فراس حاطوم عبر حسابه الشخصي على تويتر، موجّهاً اصابع اللوم نحو الاعلام والقضاء والأمن الذين ،بحسب رأيه، تنافسوا على لعب دور البطولة في هذه القضية، في حين غرّد آخرون محمّلين الأهل نتيجة ما آلت اليه الأمور، معتبرين بأنّ قبولهم لخطوبة ابنتهم في هذا السن المبكر هو جريمة بحق الطفولة وأن العتب لا يقع على الفتاة التي هي من وجهة نظرهم ضحية لأهل فرحوا بارتباط ابنتهم مبكرا معتمدين مبدأ "الزواج سترة" فخطفوا منها احلامها و"شقاوتها" وانتهكوا براءتها بالتبرّج والدلال.

ويرى علماء النفس والاجتماع، أن رغبة الفتاة القاصر بالزواج يعود سببها الى الحرمان العاطفي من حنان الوالدين، وفقدان مرحلة من مراحل الطفولة، فغالباً ما تتحمل بعض البنات اعباء المنزل الى جانب أمّهاتهن او تساعدنٓ في تربية إخوتهنّ الأمر الذي يجعلهنّ يعتقدنَ بأنهنّ أصبحنَ نساءً قادرات على تحمّل مسؤوليات اكبر تترجم غالباً في إقبالهنّ على الزواج. وتؤكد الأبحاث ايضا أن الرجال والنساء لا يمكنهم إدراك الحبّ بمعناه الحقيقي الا بعد بلوغهم سن الرشد، أما كل ما يشعرون به قبل ذلك ما هو الا مجرّد تعويض او إعجاب او لفت نظر من حولهم على أنهم اصبحوا كبارا، وغالبا ما تتباهى الفتاة القاصر أمام صديقاتها او جيرانها بخاتم الخطوبة الذي يمنحها الشعور الأنثوي بأنها أصبحت ناضجة ومرغوبة.

من الاستديو الى السّجن، هكذا انتهت فقرة العاشقين التي سجّلت تعاطفا كبيرا من خلال تغريدات الناشطين، متسائلين عن وضع عطور بعد الحلقة التي هددت على الهواء مباشرة بالانتحار في حال أصرّ الأهل على إبعادها عن خطيبها، وقد كان لافتاً أن صرّحت الصغيرة بأنها "انضغطت كتير" في منزل أهلها، الأمر الذي طرح تساؤلا عن نوع الضغط الذي قد تعاني منه طفلة في هذا العمر، وعمّا إذا كان كلامها سيناريو حفظته عن ظهر قلب في محاولة من اهل جنيد لحمايته امام القضاء.

هي قصّة واقعية، حصلت كثيرا في السابق دون أن يسلّط عليها الضوء قبل تطوّر التكنولوجيا وانفتاح المجتمع العربي على طرح هذه القضايا عبر السوشيل ميديا والقنوات الفضائية، قد يعتبرها البعض جرأة بالغة الى حدّ الوقاحة، ويراها آخرون على أنها حرية في اختيار حياة أفضل.

صورة editor11

editor11