مُنحت جائزة فينيكس للأدب الى الكاتب الفرنسي كزافييه بارون عن كتابه الصادر حديثا بالفرنسية لدى دار نشر "تاياندييه" بعنوان "تاريخ لبنان، من الجذور الى اليوم". جرى الاحتفال في فيلا ريمون عودة في بيروت الراعي الرسمي للجائزة منذ انطلاقتها.
في المستهل جدّدت السيدة كريستيان عودة، باسم السيد ريمون عودة، التزام بنك عودة دعم الثقافة والفن بكل أشكالهما، "في سياق سياسة المصرف الرامية الى رعاية الإرث اللبناني وإبرازه". وذكّرت بمسيرة الكاتب كزافييه بارون، أحد أبرز المسؤولين عن مكاتب وكالة الصحافة الفرنسية في افريقيا والشرق الأوسط وأوروبا وآسيا، وقد عمل في لبنان من سنة 1971 الى 1978 ومن 1982 الى 1984 قبل أن يصبح المدير الإقليمي للوكالة في الشرق الأوسط من 1987 الى 1993. وله عشرات الكتب المهمة منها "الفلسطينيون: تكوين أمة"، و"تاريخ سوريا من 1918 الى يومنا هذا". وقد منحت له الجائزة بنسختها الـ22 عن كتابه الأخير الذي يُعدّ "تاريخاً كاملاً عن لبنان، متيناً وموثّقاً (...) ويُقرأ كرواية مثيرة".
من جهته رحب الكاتب اسكندر نجار، المسؤول عن الجائزة، بقرار لجنة الحكام اختيار كتاب بارون "الواضح والدقيق الذي تتبّع تاريخ بلد الأرز بأسلوب شفاف من دون الوقوع في السطحية. إن معرفة الكاتب العميقة بلبنان وبالشرق الأوسط، وبصيرته، سمحتا له بإجراء تحليل بارد لمشكلات تبدو عصيّة على الفهم ووضعها في إطارها الصحيح ما جعل الكتاب أداة معرفية قيّمة". وتوقف عند المراحل التاريخية المهمة التي شكّلت مادة الكتاب منذ الأميرين فخر الدين وبشير الى انتفاضة طانيوس شاهين الى مرحلة السيطرة العثمانية وتحديث بيروت والنهضة الثقافية والأدبية التي أسست للفكر الحر والاستقلال، الى الحرب العالمية والمجاعة، عرضها الكاتب برؤية واضحة بعيدة عن الأفكار المتداولة، قبل أن يركّز على نشأة لبنان الكبير تحت الانتداب الفرنسي وفي ظل الصراع الفرنسي-البريطاني".
وانطلاقا من الميثاق الوطني حلّل بارون المقولة الشهيرة لألفرد نقاش "نفيان لا يصنعان أمة"، قبل أن يراجع حقبات الرئاسات اللبنانية المتتالية وما تخللها من أحداث وأزمات، وصولا الى الاحتلال الإسرائيلي والسيطرة السورية.
وتابع نجار "في الفصول الأخيرة من الكتاب يرسم الكاتب بانوراما سياسية مستحضراً فترة إعادة الاعمار بعد اتفاق الطائف، اغتيال الرئيس الحريري، والدور المتعاظم لـ"حزب الله". وبمرارة يتوقف أخيرا عند ما سمّاه اضمحلال النظام السياسي اللبناني، الذي خففت من وطأته إرادة العيش معاً، الموجودة دائماً، مذكّراً بأطروحات المرحوم سمير فرنجية على هذا الصعيد. وخلص نجار الى ان "اختيار لجنة التحكيم الكاتب كزافييه بارون يمثل تحيتين. الأولى للكتاب المهم الذي له فضل توضيح ما بدا غامضا ومعقداً، والثانية هي للرجل ولمسيرته الصحافية في هذه المنطقة المتأججة من العالم".
الكلمة الأخيرة كانت للمحتفى به، الذي تحدث عن صلاته بلبنان، وحيا العمل الفذ الي قام به الفريق اللبناني في وكالة الصحافة الفرنسية طوال فترات الحرب، والذي لم ينقطع يوماً عن العمل وعن تقديم مادة جيدة، مؤكداً أن لبنان بقي دائماً في ذاكرته، من هنا هذا الكتاب الذي أراده تعليمياً وليس جدلياً.
بعدها تلقى بارون الجائزة من كريستيان عودة إضافة الى ميدالية تمثل أوروبا وجزءاً من شواطئ لبنان كرمز للعلاقات التي لا تتزعزع بين الشرق والغرب.
يُذكر أن جائزة فينيكس للأدب أنشئت عام 1996 وتمنَحها كل سنة الى كاتب لبناني باللغة الفرنسية أو الى كتاب فرنكوفوني عن لبنان، لجنة تحكيم تضم كتاباً وأدباء لبنانيين وفرنسيين. وقد سبق ومُنحت الى كتاب وباحثين مرموقين كغسان سلامة وجورج قرم وسمير قصير وسمير فرنجية ومي شدياق والى روائيين مجلّين كشريف مجدلاني ودومينيك اده وبيرسي كامب وغيرهم.