تحت عنوان تيار السلطة يتظاهر ضدها.. ويحاول ركوب موجة الثورة!، كتب غسان ريفي في "سفير الشمال": منذ إنطلاق ثورة 17 تشرين الأول، والتيار الوطني الحر يضع عينه على شعاراتها وأهدافها وعلى ساحاتها، حيث سارع الى تنظيم المسيرة التضامنية مع رئيس الجمهورية تسويقا لرئيس التيار جبران باسيل الذي إستدرج في حينها الرئيس ميشال عون الى أن يكون طرفا سياسيا والى أن يخاطب جمهورا فئويا يمثل السلطة ويتظاهر ضدها وضد الشعب المنتفض عليها في وقت واحد.
على مدار أربعة أشهر والتيار البرتقالي في سباق لمصادرة مطالب الثورة، من مكافحة الفساد الى وقف الهدر والسرقات، ووقف المحاصصة السياسية والطائفية، وإستعادة الأموال المنهوبة، وصولا الى إستعادة الأموال التي تم تهريبها مؤخرا الى الخارج، متناسيا عن قصد أو عن غير قصد أن رأس قيادته تسلم قبل ثلاث سنوات منصب رئيس الجمهورية، وأن رئيسه الحالي كان وما يزال الآمر الناهي في الحكم والحكومة، وأن الثورة التي إنطلقت إنما جاءت ضد الطبقة السياسية التي تمثل قيادة التيار الوطني الحر رأسها من رئيس الجمهورية الى ″رئيس الظل″ و″الوزير السوبر″ المشرف على وزارات عدة.
لم يعد مفهوما ما يريده قيادات ومناصرو التيار الوطني الحر، فالرئيس رئيسهم، والحكومة حكومتهم، والأكثرية النيابية بيد محورهم السياسي، ورغم ذلك يتظاهرون ضد السلطة، وضد مؤسساتها، وضد مصرف لبنان وحاكمه رياض سلامة تحت شعار ″معرفة أين ذهبت الأموال المنهوبة″، في حين أن الرئيس ميشال عون الذي كان البرتقاليون يرفعون صوره في التظاهرة أمام المصرف هو من مدد ولاية الحاكم سلامة في العام 2017، وهو بوسعه ساعة يشاء أن يستدعيه الى قصر بعبدا أو الى جلسة مجلس الوزراء وأن يحاسبه، وأن يطلب منه الكشوفات اللازمة، وفي كل الأحوال هو من يتحمل المسؤولية إذا ما تخلف رياض سلامة عن ذلك، لأنه رأس السلطة والقادر على إتخاذ إجراءات مسلكية بحق موظفي الدولة الى أي فئة إنتموا ومهما علا شأنهم.
يبدو واضحا أن التيار الوطني الحر قيادة ومناصرين، يصرون على ذر الرماد في عيون الثوار وسائر اللبنانيين، من خلال بروباغندا سياسية وشعبية وثورية تترجم بين الحين والآخر في الشوارع وأمام المؤسسات الرسمية بهدف ركوب موجة الثورة والمناداة بمطالبها، ونفض اليد من 15 سنة خلت كان فيها التيار في الحكم وفي موقع القرار وفي وزارات وازنة، ولطالما عطل الوزير جبران باسيل تشكيل الحكومات الى حين إعطائه ما يريد من الحقائب، ما جعله عنصر إستفزاز دائم، وتحول مع إنطلاق الثورة الى قاسم مشترك بين الساحات والشوارع في كيل الاتهامات والانتقادات وصولا الى الشتائم.
اللافت في تظاهرة الأمس، هو التوتر الذي تسبب به تحرك البرتقاليين بينهم وبين أنصار الحزب التقدمي الاشتراكي والذي كاد أن يتخذ منحى خطيرا جدا، لولا التدخل السريع من رئيس الحزب وليد جنبلاط لسحب العناصر المتحمسة من الشارع وترك أمر المعالجة الى القوى العسكرية والأمنية، ما يشير الى أن التيار الوطني الحر يعيش حالة من الانفصام تحتاج الى كثير من الدراسة، فبدل أن يحافظ على العهد وعلى الاستقرار في البلاد، يصر على مصادرة الشارع من الثورة، والقيام بخطوات سياسية إستفزازية غير مفهومة لتوتير الأجواء وإستدراج الفتنة من قبرشمون الى كليمنصو.
المصدر: سفير الشمال