كرمت مستشارة البورد الأوروبي السفيرة رئيفة الداعوق رئيسة الاتحاد العربي للبصريات لدول آسيا وشمال إفريقيا رئيسة ملتقى قرطاج الدولي النقيبة نسرين الأشقر على عطاءاتها في رفع اسم لبنان إقليميا ودوليا، في حضور يوسف سبعاوي من جامعة الدول العربية. وفي نهاية الاحتفال شكرت الأشقر المكرّمين مرتديةً العباءة البيروتية التقليدية وتحدثت عن أهمية إحياء تراث بيروت والعودة إلى العادات والتقاليد والأصالة .
في الإطار كتب رئيس جمعية "تراثنا بيروت" سهيل منيمنة: "أربعة أيوب هي يوم الأربعاء الأخير من شهر نيسان (أبريل) من كل عام، وهو يوم اعتاد البيارتة الاحتفال به قديماً ولا تزال الذكرى في تقاليدهم الإجتماعية ولو بشكل أقل. وترتبط هذه الذكرى بالنبي أيوب عليه السلام وصبره على ما ابتلاه الله به من الشدائد. ولا استغرب ارتباط بيروت وأهلها بالصبر، وخاصة "صبر أيوب" لسببين: الأول أنها ربما تكون أكثر مدينة في العالم صبرت على الشدائد والأذى من القريب والبعيد رغم أن كل من كتب عنها يحلو له تسميتها بـ "المحروسة" أو "عروس الشرق" أو "جنة المتوسط" وغير ذلك، مع أنني أرى أن تسميتها بـ "الصابرة" أكثر واقعية وأولى. السبب الثاني ارتباط ذكرى أربعة أيوب بأكلة المفتقة البيروتية اللذيذة، وهي أكلة تحتاج في طبخها لساعات طويلة وصبر أطول".
أضاف: "أصل تحديد يوم الأربعاء هذا يعود إلى رواية قديمة متوارثة تقول أن ايوب عليه السلام عثر في أحد أيام الأربعاء من فصل الربيع وهو مبتلى بجسده على عشبة اغتسل بمائها وشفي من مرضه، وهي العشبة التي تسمى حشيشة أيوب. فاتخذ البيارتة هذا اليوم مناسبة للخروج إلى شاطىء الرملة البيضاء ومية الدالية للاغتسال بماء البحر. وكانت الاستعدادات تبدأ قبل أسبوع من اليوم المحدد، فيقوم الشباب بإقامة العرازيل والخيام على تلك الشواطىء وإعداد طيارات الورق الملونة الجميلة والتفنن فيها وبذنبها وشخاشيرها (زعانفها) وتبلغ أحياناً المترين أو أكثر، وكانت دوريات قوى الأمن تضبط النظام خاصة عندما يتعارك الشباب عند اشتباك خيوط الطيارات ببعضها. وكما نرى في الصورة القديمة من سنة 1919، كانت المواكب تنطلق من الأحياء كافة باتجاه الرملة البيضاء خاصة وهم يصفقون ويغنون ويقضوا النهار في اللهو ومشاوي الشباب وأكل المفتقة وتدخين الأركيلة والتسابق على الرمال. وفي المساء تبدأ "طقوس الاغتسال، فتنزل النساء بفساتينهن إلى الماء بعد أن يقوم أفراد من الشباب بعمل حلقة لمنع "تلصلص" الغرباء، فتغطس كل واحدة منهن سبع غطسات إقتداء بما فعله النبي أيوب عليه السلام".
وختم: "أما تلازم أكلة المفتقة مع أربعة أيوب فأغلب الظن أنها كانت أكثر ما تطبخ في هذا الوقت من السنة، وكنا قد كتبنا سابقاً في مواضيع الحكايات البيروتية عن "ست الرجال" حدّرج عيتاني التي كانت تؤقت للناس في محلة المصيطبة دخول أيام أربعة أيوب من خلال عمل المفتقة ومشاهدة السيرج يخرج من البيوت، وهو زيت السمسم الأصفر الذي "يتفتق" على سطح الطبخة، ولهذا سميت مفتقة، وكلما كان السيرج أكثر كانت الطبخة أنجح. ومناسبة مثل أربعة أيوب وما يصحبها من حركة وجهد جسدي بحاجة لطعام يحتوي على السكر لتعويض ما يفقد من السعرات الحرارية وإلى وجود مسحوق نبتة العقدة صفرا (الكركم) فيه، وهي نبتة ثبت علمياً فائدتها في بعض الأمراض وضد الالتهابات مما يتبع ذلك من معنى رمزي باستعادة النشاط والحياة الصحية كما حصل لنبي الله أيوب عليه السلام".