تتصرف معظم القوى والأحزاب السياسية كما لو أن الانتخابات النيابية صارت "وراء ظهرها"، بعدما استنفدت طاقتها على التعبئة والحشد، وبعدما باتت النتائج شبه محسومة وتبين أنها لا تدخل تغييرا جذريا أو كبيرا على الخارطة النيابية وميزان القوى السياسي، فيما التغيير ملموس في الوجوه وفي ضخ دم شبابي جديد.
في الواقع، بدأ البحث السياسي في مرحلة ما بعد الانتخابات الحافلة باستحقاقات متلاحقة.
وإذا كان انتخاب رئيس جديد للمجلس لا يطرح أي مشكلة والأمر محسوم للرئيس نبيه بري، فإن تشكيل الحكومة الجديدة يواجه صعوبات وتعقيدات، وحيث سينشأ "صراع أحجام وحصص" وتجاذب وتناتش للحقائب السيادية والخدماتية، مع العلم أن التحدي الأساسي للعهد يكمن في إعلان سريع للحكومة وعدم الوقوع في "أزمة تأليف" ومرحلة انتقالية لأشهر، وهذا مؤشر أساسي للمرحلة المقبلة ويعتد به المجتمع الدولي.
وفي الاستحقاقات أيضا موضوع الاستراتيجية الدفاعية الذي سيعاد فتحه بعد الحكومة من خلال حوار وطني وللمرة الأولى برعاية وبرئاسة الرئيس ميشال عون، الأكثر قدرة على التفاهم مع حزب الله بحكم علاقة التحالف والثقة بينهما.
واحدة من المسائل الأساسية المطروحة في مرحلة ما بعد الانتخابات، وهي موضع متابعة من الآن وتقصي للحقائق والوقائع، هي مسألة التحالفات التي ستترجم عمليا في تكتلات نيابية أو في جبهات سياسية، حيث إن التغيير الأبرز سيكون على صعيد الاصطفافات السياسية والفرز الجديد للقوى والأحزاب والشخصيات وكيفية توزعها وفق خارطة نيابية سياسية جديدة بعد انتهاء مرحلة 8 و14 آذار.
وهذا التكتل النيابي يمكن أن تكمله جبهة سياسية أوسع وأشمل تضم القوى والأحزاب والشخصيات غير الممثلة في المجلس الجديد.
- تكتل لبنان الحر الموحد الذي تشكل كتلة فرنجية نواته الصلبة، ويضم حلفاء ومؤيدي فرنجية في الشمال وخارجه، أي النواب الذين سينجحون في الوصول الى البرلمان مثل وئام وهاب (الشوف)، فريد هيكل الخازن (كسروان)، وربما ميريام سكاف (زحلة)، وهذا التكتل يدور في فلك جبهة أوسع وأشمل يقودها "الثنائي الشيعي".
خارج هذين التكتلين الكبيرين، هناك "كتلة المستقبل" التي تظل ثقلا نيابيا ولكن مع حجم أصغر مما هي عليه حاليا، وكتلة القوات اللبنانية التي ستسجل، وربما وحدها، زيادة في حجمها النيابي، وكتلة جنبلاط التي ستتقلص قليلا، وكتلة ميقاتي التي ستكون من أبرز الكتل الجديدة.
(الأنباء)