كتبت عزة الحاج حسن في صحيفة "المدن" الإلكترونية تحت عنوان " ما يربط لبنان بتركيا اقتصادياً أبعد من التجارة": "مع تصاعد حدة الأزمة بين لبنان وتركيا واستدعاء كل من البلدين سفرائهما، على خلفية تصريحات رئيس الجمهورية ميشال عون، التي فتحت الجدل واسعاً حول حقبة العثمانيين، توجّس اللبنانيون من استمرار الأزمة وتهديدها العلاقات بين البلدين.
بعيداً عن السجالات السياسية والتاريخية، وبصرف النظر عن الأسباب الحقيقة للأزمة وعن توقيتها وأبعادها وخفاياها، هناك علاقات اقتصادية تربط لبنان بتركيا منذ سنوات، ليس من صالح أي من الطرفين اللذين يعانيان أوضاعاً اقتصادية سيئة، إدخال العلاقات القائمة على المصالح المشتركة بين أنقرة وبيروت، في زواريب الأزمة وتعريضها للزعزعة وربما للإنقطاع.
قد لا يكون حجم التبادل التجاري بين لبنان وتركيا بالمليارات، إلا أن تركيا تُعَد المنفذ والمتنفس الأول لغالبية اللبنانيين، لاسيما منهم متوسطي الحال. ولا تقتصر العلاقات الاقتصادية بين الطرفين على التجارة بل تتعداها بأشواط العلاقات السياحية والتنموية.
العلاقات التجارية
تنشط العلاقات التجارية بين البلدين، وإن لصالح تركيا. إذ يستورد لبنان من تركيا بما يقارب المليار دولار (948.6 مليون دولار عام 2018) في مقابل تصدير بضائع من لبنان إلى تركيا بأقل من 130 مليون دولار (127.1 مليون دولار فقط عام 2018).
وعلى الرغم من اختلال الميزان التجاري بين لبنان وتركيا لصالح الأخيرة، غير أن حركة التصدير من لبنان إلى تركيا تسعى منذ عامين إلى التصويب. إذ ارتفعت نسبة الصادرات اللبنانية إلى تركيا عام 2018 بنسبة 6.4 في المئة بالمقارنة مع العام 2017، وبنحو 26 ضعفاَ بالمقارنة مع العام 1993، أي بعد توقيع اتفاقية التعاون التجاري والاقتصادي والصناعي المشتركة.
ولا يستخفّن أحد بتواضع العلاقة التجارية بين البلدين، لكون حجم التصدير بالنسبة لكل منهما يُعد متواضع جداً مقارنة مع حجم اقتصاده، فإن أي من الطرفين ليس على استعداد لزعزعة العلاقة التجارية، بدليل ما حصل بين عامي 2018 و2019، حين قرر لبنان وقف استيراد الويفر ومواد التنظيف التركية، بهدف حماية منتجاته المحلية من المنافسة غير المتكافئة، جاء الرد التركي حينها بوقف استيراد الخردة من لبنان، تحت ذريعة عدم ملائمتها الشروط الصحية، حينها لمس الطرفان خطورة التصادم على المستوى التجاري. فجرى احتواء الموضوع على مستوى وزراء الاقتصاد في البلدين.
سياحة وتنمية
ولا تقتصر العلاقات الاقتصادية بين لبنان وتركيا على التبادل التجاري. بل تتعداها إلى السياحة وقطاعات أخرى. أما لجهة السياحة، فالميزان السياحي بين البلدين يميل لصالح تركيا، غير أن الأخيرة تشكّل منفذاً لآلاف اللبنانيين. إذ يدخل تركيا سنوياً ما لا يقل عن 12 ألف سائح لبناني، ويرتفع مستوى الإقبال عليها لقرب المسافة بين البلدين، ولاعتماد المنتجعات والمرافق السياحية التركية أسعاراً تنافسية لا تضاهى. أضف إلى أن تركيا تُعد من الدول القليلة التي تعفي اللبنانيين من تأشيرات الدخول إليها.
أما لجهة الاستثمارات اللبنانية في تركيا، فقد تزايدت بشكل لافت في السنوات الأخيرة الماضية، لتضاف إلى أكثر الاستثمارات ضخامة، والمتمثلة ببنك عودة. وهو أكبر المصارف اللبنانية وينتمي إلى الفئة "ألفا". فقد أنشأ عودة مصرف "أوديا بنك" في تركيا. وتُعد تركيا بلداً جاذباً للمصارف اللبنانية الكبرى الباحثة عن استثمارات في الأسواق الإقليمية.
وعلى مستوى المساهمات التنموية التركية في لبنان، فجميعها يرتبط بوكالة التعاون والتنسيق التركية "تيكا"، التي أنجزت نحو 80 مشروعاً تنموياً في لبنان، إلى جانب 20 مشروعاً قيد الإنجاز".