التبويبات الأساسية

كتبت : نضال شهاب

جمعينا يعلم بأن الصدقة تطفئ غضب الرب ، تمحو الذنوب وتقي من حر النار ، تداوي الأمراض وتدفع البلاء وتؤدي الى البر، تساعد في البركة وسعة الرزق ويُستظل بها في يوم الحشر ، تطهر المال وتشرح الصدر ...وبعد

وجمعينا يعلم بأن المولى عز وجل أوصانا بها لأنها من أفضل الأعمال وأحبها اليه ، وجمعينا يعلم بأن الصدقة يجب أن تعطى سراً، إلا أن معظم المتصدقين يتباهون بها غير اّبهين بمشاعر الفقراء والمعوزين وأبناء السبيل ... معظمهم يعرف أن من يتصدق ويتبع صدقته بالمن والأذى يبطلها ويلوثها، وخسارته تكمن بخسارة ماله وحرمانه من الثواب، وبالطبع فهو ينفق رئاء الناس كي تقول الناس عنه إنه أنفق " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ".

أما الرياء فهو القيام بالأعمال في سبيل الحصول على إعجاب النّاس، وهو مخالفة الأعمال الظاهرة لما هو مخفيّ من النوايا الباطنة، بهدف الحصول على الحمد والثناء والإعجاب ...من قبل الناس .
" يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا".
وعلى الرغم من أن الرّياء نوع من أنواع الشّرك بالله إلا أننا نراه اليوم بين البعض وبكثرة .
فهذا أعطى واشترط ، وهذا قدم حفنة من ما سرقه من مال، وهذا لم يعرف أكان ماله قد وصل لمستحقيه ام لا ، وذاك أعطى لوجه الله ...وتبقى الصدقات بمعظمها مراّة يتباهى بها البعض بهدف إشباع الرغبات.

"كي لا تعلم يمينك بما تنفق شمالك"

تغلب اليوم وللأسف الشديد اّفة التقاط الصور للمساكين وهم يتسلمون التبرعات سواء أكانت هذه التبرعات عينية أو نقدية، وعلى الرغم من أن الجميع يعلم بأن المتصدق يجب ان يخفي صدقته حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله، يتجاهر ويتفاخر ويتسبب بالأذى النفسي للأخرين بسبب نزواته ومحبته العارمة للظهور المقزز ، فالسفير الفلاني الذي ابتاع لقبه من بقالة الحي يلتقط الصور مع مسكينة تتسلم الإعانة وعلامات الخجل والذل تجتاحان وجهها، أما عن متاجرة رئيس/ة الجمعية الفلانية بالمحتاجين فحدث ولا حرج ....
لتكن الصدقة بالخفاء رحمة بالفقراء، رحمة بإنسان دارت به الحياة وتغيرت به الأحوال وبات بحاجة لتأمين رغيف خبز يطعمه لأولاده دون ذلٍ أو هوان ، رفقاً بإنسان جائع متعفف لا يرغب بالسؤال ، رفقاً بيتيم لم يجد ميتم للإيواء ، رفقاً بأرملة وأطفالها الجياع...
ولو كنا على أبواب إنتخابات الندوة البرلمانية أو السلطة المحلية لكان سخاء المرشحين فاق سخاء حاتم طي ، ولكن للأسف فتفشي فيروس كورونا لم يتزامن مع أي انتخابات تجعل من الصدقة شعاراً من شعارات الحملات الإنتخابية .

ليكن العطاء لوجه الله وليس لأجل السمعة والظهور أو ومدماك لمشروع إنتخابي أو إعلان لشركة أو غاية أو وسيلة يصل من خلالها البعض لأهدافهم على أكتاف الفقراء .
لنقدم المساعدات في الأوقات العصيبة التي نمر بها اليوم بسبب الأزمات الإقتصادية وبسبب تفشي فيروس كورونا بعيداً عن عدسات الكاميرات وشاشات التلفزة ووسائل التواصل الإجتماعي ...
لنعطي بصمت دون منة أو شرط ، ولتكن صدقتنا سر ، فالصدقة بالسر تحفظ كرامة الانسان
وتحافظ على ماء وجوه الفقراء ، فالأنبياء والقديسين كانوا يُوصلون الصدقة للمستحق عبر وسيط كجار الفقير أو قريبه كي لا يتعرف الفقير على مصدر الصدقة ، وكانوا يتلثمون لإخفاء ملامحهم عن المتصدَّق عليه حتى لا يخجل وتهدر كرامته ...
فكرامة الإنسان يا كرام أغلى من كل شيء ، لنحافظ عليها علنا نحتاج يوماً من يحافظ على كرامتنا .

"الفقراء المتعففين مسؤولية كبرى"

لا تقل مسؤولياتنا إتجاه الفقراء المتعففين عن مسؤولياتنا إتجاه الأيتام والأرامل والمعوزين... فكم من فقير متعفف دارت به الأحوال ويحتاج لمن يطرق بابه في الشدة ، يستغيث بصمت ، يكتم الألم ويصارع الجوع... فالمحتاج المتعفف مسؤلية المجتمع ، ولعل الوزارات المعنية والجمعيات الخيرية لديها لوائح بكافة أسماء الأرامل والأيتام وذوي الحاجات الخاصة ...
وأنما ليس لديها لوائح باسماء الفقراء المتعففين ، فلنقدم لهم المساعدات بالخفاء دون رئاء أو رياء.

صورة editor2

editor2