التبويبات الأساسية

تحت عنوان "هل تجيز إيران بيع الأعضاء البشرية؟"، كتب جورج منصور، في جريدة "الحياة": تشير الأبحاث الدولية في تاريخ زراعة الأعضاء البشرية، إلى أن كلى الإنسان كانت أول عضو بشري تم زراعته بنجاح في عام 1954. بعدها، في أواخر الستينات بدأت عمليات زراعة الكبد والقلب والبنكرياس. في حين استهلت، في الثمانينات، عمليات زراعة الرئة والأمعاء.

أنعش استعداد بعض الناس وحبهم للتضحية بأغلى ما يملكون لمساعدة الآخرين، حملات التبرع بالأعضاء البشرية سواء برغبة الشخص الحي قبل وفاته، أو أحيانا بإستحصال موافقة من ينوب عنه بعد وفاته ، ليستأصل عضو من جسمه ويزرع في جسم مريض في أمس الحاجة اليه. هناك مرضى ينتظرون سنوات طويلة من أجل الحصول على عضو يسعفهم في البقاء على قيد الحياة أو يزيد من أعمارهم سنوات أخرى.

ووفق الاحصائيات الدولية، تحتل اسبانيا موقع الصدارة في التبرع بالأعضاء البشرية، ففي عام 2016 وافق 2163 شخص على التبرع بأعضائهم بعد وفاتهم، أي بنسبة 46.9 لكل مليون شخص من مجموع عدد السكان، وجاءت كرواتيا في المرتبة الثانية بنسبة 38.6 بينما يشكل معدل رفض الأسر للتبرع في انجلترا نسبة 37 في المئة مقابل 13 في المئة في اسبانيا.

كما قامت أستراليا وسنغافورة بتشريع قانون لتعويض المتبرعين بالأعضاء الحية بإجازة مدفوعة الأجر لمدة تسعة اسابيع، وفي وقت يحظر القانون الفيديرالي الاميركي بيع الاعضاء، بيد انه يخول حكومات الولايات بتعويض المتبرعين بنفقات السفر وتغطيات طبية واحيانا خصومات ضريبية. وكانت الصين الدولة الوحيدة في العالم التي استخدمت أعضاء السجناء الذين أُعدموا، لكنها قامت في عام 2015 بحظرها رسمياً.

وعلى رغم عدم وجود تشريع قانون للتبرع بالأعضاء البشرية في إقليم كردستان العراق، إلا أن "هناك نحو 1000 شخص، اكثرهم من النساء، قاموا بتسجيل اسمائهم للتبرع بأعضائهم البشرية بعد وفاتهم" وفق تصريح لرئيس منظمة المتبرعين بأعضائهم في الإقليم، نقلته شبكة روداو الإعلامية يوم 15 أيلول (سبتمبر) 2019.

بيد انه، ونقلاً عن موسوعة "ويكيبيديا" في موضوع تجارة الاعضاء أن "إيران هي الدولة الوحيدة التي تسمح بشراء الأعضاء وبيعها مقابل المال" وسنت قانونا يسمح للسجناء المحكومين بالإعدام بيع اعضائهم او التبرع بها. ووفق تقارير إخبارية، فإن رئيس السلطة القضائية الإيرانية الحالي ابراهيم رئيسي، الذي عينه "المرشد" علي خامنئي في السابع من آذار (مارس) 2019 خلفا لرئيس القضاء السابق صادق لاريجاني، صرح قائلا بأنه "إذا كان المدان يقدم عضوه طوعاً، قبل الإعدام أو بعده، ولم يكن هناك عائق طبي، يمكن للقاضي ان يوافق على الامر بالتنسيق مع وزارة العدل ومكتب الوفيات". في وقت أدانت رابطة الجراحين الإيرانية بشدة هذه العملية، واصفة اياها بأنها "مقلقة للغاية وتسيئ الى مهنتنا وتضر بهيبة ايران لدى العالم المتحضر".

وتشير تقارير طبية عالمية، إلى أن إيران هي البلد الوحيد في العالم الذي يجيز بيع الكلى والأعضاء البشرية بشكل قانوني، وقد أضحت البلاد سوقا رائجة لزراعة الأعضاء كالقلب والكبد والكلى، علماً أن أكثر من 25000 مريض مسجلين في قوائم الانتظار لعمليات زراعة أعضاء يجري توفير معظمها، من ضحايا حوادث السيارات والسجناء المحكومين بالإعدام.

ووفقاً لوكالات أنباء ومواقع إخبارية، يوجد مزاد خاص لبيع الأعضاء البشرية في شارع الشهيد فرهنك حسيني، وهو أحد الشوارع الفرعية المؤدية الى شارع "ولي العصر" في قلب العاصمة طهران، المعروف بطوله وعرضه وكثرة مرتاديه، حيث تنتشر ملصقات دعائية وإعلانات على الجدران، تحمل مواصفات الأعضاء التي تعرض للبيع وتفاصيل عن عمر البائع وفصيلة دمه. وتتنوع أعضاء البشر المعروضة للبيع، فمنها الكلى والنخاع الشوكي والعيون وغيرها.

ويبدو أن عملية بيع الاعضاء البشرية لم تعد غريبة على المجتمع الايراني، ولا تجري خلف الكواليس أو السراديب المظلمة، وليس هناك محاولات للتستر عليها لتبقى طي الكتمان، فالحديث عنها مستمر بين الناس وفي المحافل الشعبية. وكان عضو البرلمان الايراني، عن مدينة زاهدان ونائب رئيس لجنة الصحة حسين علي شهرياري صرح قائلاً "إن بيع الفقراء في ايران اعضاؤهم الحيوية ليس قضية خطيرة، إذ انهم يحصلون في المقابل على عائد مالي جيد من دون مخاطر كثيرة، فالانسان قادر على العيش بكلية واحدة من دون مضاعفات صحية".

وكان رئيس الجمعية الايرانية لزراعة الأعضاء الدكتور علي أكبر ولايتي، قال في كلمة ألقاها في الملتقى الثامن لزراعة الأعضاء في إيران إن "الجمهورية الاسلامية الايرانية تحتل المرتبة الأولى في المنطقة في مجال زراعة الرئة والرابعة عالميا في مجال زرع الكلى". وأشار إلى أن "نسبة 70 في المئة من الكلى المزروعة تأتي من مواطنين أحياء، في حين لا تتجاوز تأتي نسبة 15 في المئة منها من موتى سريريين. وهذا في حد ذاته يعتبر رقماً قياسياً بالمعدلات العالمية".

إن الوضع المادي المتردي وعدم توفر فرص عمل في إيران، خصوصاً بعد الحصار الاقتصادي الذي فرضته الولايات المتحدة الاميركية عليها، إضافة إلى الفساد المستشري في مؤسسات الدولة، من الأسباب الأساسية التي تدفع المواطن الإيراني إلى بيع جزء مهم من جسمه، غير مكترث بالعواقب السلبية على صحته وسلامته أو ديمومة حياته، ما دامت عملية البيع تدرعليه مالاً، ربما يكفيه لتغطية بعض نفقات حياته اليومية، او يساعده في تسديد بعض ديونه المتراكمة، خصوصاً الشباب من ذوي الفئة العمرية التي تتراوح بين 20 و30 عاماً بعد ان بلغت نسبة البطالة بينها 30 في المئة.

يذكر ان البنك المركزي الايراني أكد في تقرير أخيراً أن عدد الفقراء في إيران ارتفع الى 14 مليون شخص من مجموع عدد السكان البالغ 82 مليون نسمة. وتنشر بعض الصحف شبه الرسمية إعلانات خاصة عن بيع الناس اعضائهم مقرونة بتفاصيل عن عمر الشخص وفصيلة دمه. فهل حقاً تجيز إيران عمليات بيع الاعضاء البشرية وشراءها؟

صورة editor14

editor14