ترأس وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل ورشة عمل لدراسة السبل الكفيلة بتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية بين لبنان واللبنانيين المنتشرين في دول العالم، في فندق "لو رويال" الضبية، شارك فيها كل من وزير الإقتصاد والتجارة منصور بطيش ووزير الدولة لشؤون التجارة الخارجية حسن مراد، إضافة الى الملحقين الإقتصادييين الجدد الذين عينتهم وزارة الخارجية والمغتربين للمرة الأولى.
بعد النشيد الوطني قال الدكتور شربل قرداحي الذي أدار النقاش في الورشة: "يعاني الإقتصاد الوطني مشاكل عديدة كما يتمتع بمزايا تنافسية تسمح له بالخروج من نفق المديونية والعجز وضآلة فرص العمل وارتفاع كلفة الإنتاج"، مشيرا الى أن "الإنتشار اللبناني يمثل إحدى أهم المزايا التنافسية للبنان الى جانب بعده الإنساني والكياني، وإذا اعتمدنا الأرقام المتداولة لعدد المنتشرين اللبنانيين في العالم، فهي بحدود العشرة ملايين". ولفت الى أن "للوزارات المجتمعة اليوم بشكل خاص وللملحقين الإقتصاديين بشكل أخص دور فائق الأهمية في سبيل تحقيق الهدف".
قبلان
ثم القى مدير الشؤون الإقتصادية في وزارة الخارجية السفير بلال قبلان كلمة اعتبر فيها "أن الترويج للمصالح الإقتصادية إن على صعيد الإدارة او البعثات اللبنانية في الخارج يتطلب مساهمة جميع الفاعلين الوطنيين"، مشددا على أن "إرساء الديبلوماسية الإقتصادية يوجب رسم استراتيجية واضحة المعالم على مستوى البعثات تراعي الأوضاع الداخلية والإمكانات الوطنية والشراكة مع اللبنانيين في الخارج".
وأشار إلى "أننا نسعى الى هدفين متكاملين، الأول دعم الصادرات والمنشآت اللبنانية في الأسواق الخارجية، والثاني استقطاب الاستثمارات الأجنبية، ولتحقيق ذلك قمنا بتثقيف الديبلوماسية اللبنانية على مفاهيم الديبلوماسية الإقتصادية وتطويع ملحقين اقتصاديين والعمل على وضع قائمة اقتراحات لتأسيس منظومة ثابتة للتنسيق بين البعثات الديبلوماسية والوزارات والقطاع الخاص في لبنان".
باسيل
وفي ختام ورشة العمل تحدث باسيل، فقال:"ما يميز لقاءنا اليوم أننا نلتقي مع وزير الاقتصاد ووزير الدولة لشؤون التجارة الخارجية، وهو وزير دولة جديد بشخصه وموقعه معنا في وزارة الخارجية، لنكون جميعا في الوزارة بخدمته، فنؤمن له النجاح بمهمة أساسية موكولة اليه. سنتعاون معا ومع وزير الاقتصاد وستعتادون هذا المشهد في وزارة الخارجية، وكذلك اللبنانيون، وسنعمل معا ونكمل بعضنا كوزير خارجية ووزير اقتصاد ووزير دولة لشؤون التجارة الخارجية، ونعطي الصورة للبنانيين كيف يمكن ان نتعاون كوزراء ونكون واحدا في موضوع اساسي له مهمة اساسية هي رفع الاقتصاد اللبناني في مرحلة النهوض الاقتصادي الذي نتفق جميعا على ان جزءا اساسيا منها هو زيادة الصادرات اللبنانية".
أضاف: "لذلك، أنتم الملحقين الاقتصاديين، ستكونون جيش لبنان للتجارة الخارجية والأداة الأساسية التي سيعتمد عليها وزير الدولة لشؤون التجارة الخارجية ومدير الشؤون الإقتصادية لنحقق الفرق الكبير".
وأعرب باسيل عن فرحه بالاستماع الى الملحقين الاقتصاديين في كل مرة، وقال: "نشكر الله اننا قمنا بهذا العمل، ونرى ان كل واحد منكم يعمل في مركزه وما زلتم في فترة الاختبار، ونشهد التقدم الذي تحققونه، كيف اذا اصبحتم في مرحلة العمل والجد والنشاط؟ عندئذ سنكون جميعا سعداء وسيقدر اللبنانيون عملكم، ويجب أن تنطلقوا من التفكير انه مهما كانت إمكانات الدولة، ولو أمنا لكم صفرا مساعدة، لا بل لو عاكسناكم بالمساعدة، فيمكنكم ان تقوموا بعملكم وتحققوا الفرق، فكل واحد منكم بارادته وقدرته يمكنه ان يقوم بالعمل لأن سوقكم ووسائلكم أمران اساسيان ولا يمكن لأي جهة ان تعرقل عملكم، وهما اولا الانتشار اللبناني الذي يسمح لكم بتسويق المنتج اللبناني للمنتشر اللبناني، وثانيا القطاع الخاص اللبناني الصناعي والزراعي، والتاجر اللبناني يملك المبادرة الفردية الخاصة ويستطيع عبركم ان يخرج الى الأسواق بمجرد ان تكونوا انتم صلة الربط، وهذا الأمر ليس بحاجة إلى موافقة من الوزارة ولا من مجلس الوزراء، والامثلة التي قدمتموها تدل على انه يمكنكم ان تقوموا بهذا الدور".
وتابع باسيل: "اللوبي الأساسي لكم هو الانتشار اللبناني، وهو السوق والزبون، وفي الوقت نفسه لوبي أداة ضغط تساعدكم لإدخالكم، سواء الى الإدارة في البلد الذي أنتم فيه او الى الأسواق، ونحن في مجال الديبلوماسية الاقتصادية اطلقنا برامج عدة منها العمل اللبناني وغرفة التجارة الدولية التي تربط وتنسق بين غرف التجارة الخارجية وLebanon connect، كلها وسائل موجودة عليكم تطويرها، لكنها تدل على برامج تفتح العلاقة والأسواق مع الخارج وتفعل الديبلوماسية الاقتصادية".
وأضاف: "من خلال الدورة التي قمتم بها شاهدتم الموضوع من قلب لبنان وستذهبون الى الخارج لتشاهدوه من خارج لبنان، ونأمل أن نلتقي في محطة مقبلة في 7 و8 و9 حزيران المقبل في مؤتمر الطاقة الاغترابية في بيروت بعد انقضاء فترة لكم في الخارج، وتأتون الى لبنان لتقييم العمل، وتلتقون مع اللبنانيين المنتشرين الناجحين في مجالات عملهم، وتتعرفون اليهم من أجل التعاون ووضع خطة عمل للسنة المقبلة بعد فترتي اختبار في لبنان والخارج".
وأردف: "واضح أن لدينا هدفا اقتصاديا اساسيا هو تصحيح الميزان التجاري من خلال زيادة الصادرات، وهذا هدف بذاته، وهذا العمل سنقوم به مع الوزيرين مراد وبطيش، وله أوجه عدة منها تسهيل معاملات التصدير وتوقيع اتفاقيات خارجية، وكذلك إزالة الحواجز المرفوعة، سواء في المواصفات أو في الجمارك في الخارج، لذلك يجب أن نعمل على تحسين المنتج اللبناني، وهو عمل طويل وشاق وعناصره كثيرة، إنما يؤدي إلى نتيجة مهمة هي تصحيح الميزان التجاري".
وتابع : "البعثات في الخارج ستساعدكم في عملكم، كما أن القناصل الفخريين الذين تم تعيينهم من المفترض أن يكونوا ايضا جيش لبنان الاقتصادي في الخارج. وكذلك انتم يمكنكم اطلاعنا على النواقص في المناطق وكذلك القناصل الفخريين المعتمدين في لبنان من المفترض ايضا ان يساهموا في تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية مع الدول المعتمدة في لبنان. كما أنه سيكون لنا تعاون مع وزارات أخرى كوزارات الزراعة والصناعة والاقتصاد والنقل، وكذلك الجمارك وايدال. لذلك يجب أن تكونوا على علاقات جيدة معها بدءا من الوزير والمدير ورؤساء المصالح والدوائر لإقامة تواصل مباشر معهم مع مراعاة الهرم الإداري شرط الا يعرقل عملكم ضمن المعايير الموضوعة الا في حال توقيع اتفاقيات مع الدول، فذلك يتطلب الأصول القانونية والإدارية التي يجب احترامها ولكن اهم شيء ألا تضعوا حواجز أمامكم".
وقال: "من الواضح من خلال العرض الذي قدمتموه، تركيزكم على أمور معينة يجب أن تحققوا الفرق بذلك فور وصولكم وان تضعوا هدفا منذ اليوم الأول، علما ان من واجبكم إقامة العلاقات العامة والتعارف في العام الأول ولكن يجب أن تحققوا خرقا وفرقا في الخارج. ونحن هنا يجب أن نبحث عن المصدر ونضع كل الإجراءات المطلوبة بشفافية مع التسهيلات التي سنقدمها".
أضاف: "هناك جزء آخر مهم في عملكم هو جلب الاستثمارات الى لبنان ما يؤدي إلى تخفيض العجز التجاري، ومن المهم ان تقوموا به لتحريك العجلة الاقتصادية وليس فقط في مجال العقارات. كذلك عليكم تعريف اللبنانيين على المجالات في الخارج ليستثمروا فيها او ليشاركوا في مناقصات دولية. وهناك مشروع اطلاق موقع الكتروني مخصص لذلك ننشر فيه مجالات الاستثمار في الخارج من ضمنها المناقصات كإعادة الأعمار في سوريا والعراق. وهذه مجالات كبيرة يجب أن يعلم بها اللبنانيون، وسفيرنا في سوريا يخبرني عن اعلان مناقصات يوميا لمشاريع عامة واحيانا خاصة، ومن المهم ان نعلم بها لنطلع الجمهور اللبناني والقطاع الخاص عليها".
وتابع: "أيضا، هناك جردة اتفاقيات دولية جاهزة وهي بحاجة إلى سياسة واحدة ونظرة واحدة، والدور الأساسي فيها هو لوزير الاقتصاد لناخذ في الحكومة اولا توجها معينا في تجارتنا الخارجية وهذا موضوع بحاجة إلى نفس سيادي، فإذا كنا لا نريد أن نعادي أحدا من الدول فذلك يأتي على حساب سيادتنا واقتصادنا، لذا يجب اعتماد مبدأ المعاملة بالمثل، وهو مبدأ اساسي، عندئذ نرى كل الدول الصديقة معنا لا تخجل انها تقفل علينا الحدود والبضائع وترفع الجمارك وتضع حججا لمنع التصدير. وكلما أردنا الخرق بمنتج لبناني واحد نحن بحاجة إلى إقامة مفاوضات لسنوات لاسقاط هذه الحواجز".
وقال باسيل: "لذلك يجب أن تقدموا انتم توصيات او طلبات ليتخذ لبنان إجراءات معينة لحماية اقتصاده وإصابة الهدف الذي تعملون من أجله. وهناك ايضا مشروع إنشاء وحدة متخصصة في مديرية الشؤون الإقتصادية لمتابعتكم وتلبية طلباتكم".
أضاف: "نحن نركز معكم على مفهوم جديد للدبلوماسية الاقتصادية وعليكم تعميم هذه الثقافة على كل السلك الدبلوماسي وفي البعثات التي تنضمون اليها، ويجب الا تخجلوا من اي عمل تقومون به يصب في خانة إفادة الاقتصاد اللبناني او اي لبناني. ولا يحق لكم حجب اي مساعدة عن أي لبناني يمكنكم ان تساعدوه، وعليكم أن تختاروا العرض الأنسب والاجراء الاسهل وان تدعوا باب التنافس للبنانيين في ما بينهم وللمستورد منهم ويجب الا تتدخلوا بهذه الأفضلية".
وتابع: "بمجرد أن نربط المنتج اللبناني بالمنتشر اللبناني فذلك سيحقق فرقا كبيرا في صادراتنا، ولنعتبر ذلك حزام أمان للاقتصاد اللبناني، حتى لو كانت المجالات الأخرى مقفلة، هذه هي الأولوية التي عليكم تأمينها، على أن تستفيدوا كثيرا من قصص النجاح المسجلة وما أكثرها من لبنان باتجاه الخارج، لاستخراج الثقافة اللبنانية من كل المجالات المفتوحة أمامكم ومن بينها المائدة اللبنانية والمطبخ اللبناني على وسعه".
وقال: "سننتظر منكم أن تقدموا لنا تقريرا واضحا ملخصا ومختصرا عن المشاكل التي تلاحظونها واقتراحاتكم لحلها، وما هي أهدافكم الواضحة في البلد الذي أوكلتم به قبل أن تنطلقوا، وما تأملون تحقيقه. هذا الأمر سوف نتشاركه نحن الوزراء الثلاثة مع مدير الشؤون الإقتصادية كي نتمكن من متابعتكم بشكل حثيث، على أن تضعوا أهدافا وتلتزموا بها".
أضاف: "نعود ونؤكد عليها في حزيران ولكن الآن قبل انطلاقكم، نريد منكم خلاصة ما أنجزتم بتقرير خطي واضح موقع، وأذكركم من باب التحفيز أنكم متعاقدون سنويا ومن ينجح يكمل أما من يفشل فيرحل، وهذه تعتبر تجربة جديدة في الإدارة اللبنانية وهو تحد جديد لكم".
أضاف: "قد تكون هناك ظروف لا تستطيعون التحكم بها، ومؤكد أني أرى عندكم نسبة نجاح كبيرة جدا، فالموضوع ليس قصة امتحان مجلس الخدمة المدنية فقط، إذ ان الدورة التي خضعتم لها على درجة عالية من الكفاءة والشفافية وتمت فيها مراعاة التوازن الطائفي والمناطقي والجنسي وكل المعايير التي جعلت الكفاءة أساس الإختيار، وستعطون صورة جديدة في السلك الدبلوماسي، في الإدارة اللبنانية، وستثبتون أن اللبناني ناجح في الإدارة، لا بل نريدكم أن تكونوا متفوقين ونجاحكم يسجل بالأرقام فعملكم يقاس ونحن سنواكبكم بكل الإمكانيات اللازمة الى حين اعتمادنا اللجنة الوطنية للصادرات من أجل توحيد الإدارة اللبنانية بكل أجهزتها وأجزائها لكي تتمكن من مواكبة هذا العمل، فنعطيكم بذلك إدارة متراصة متضامنة خلفكم من أجل تسهيل نجاحكم".
وختم: "نحن نأمل منكم الكثير ونجاحكم يفتح لنا الباب لنوسع نشاطكم ونزيد أعدادكم ونكثف هذه التجربة ونبرهن أن أي استثمار مجد بالإنسان اللبناني وبالإدارة اللبنانية هو استثمار مجد للاقتصاد اللبناني وللبنانيين كافة".