تحت عنوان "جمعية تجار بيروت: المؤسسات تُقفَل أو تؤجَّر لغير اللبنانيين" كتب خضر حسان في صحيفة "المدن" الإلكترونية: "لم تعد التوقعات بتحسّن الأحوال الاقتصادية تصلح لتبريد غليان كافة القطاعات الاقتصادية. فالتوقعات عموماً لا بد وأن تستند إلى معطيات معينة، مهما بلغت نسبة ضآلتها. وهذا ما يفتقده لبنان اليوم. إذ لا معطيات أو مؤشرات إلا على التراجع والانحدار السريع باتجاه الأسوأ. واللافت أن كل القطاعات الاقتصادية أشعلت الضوء الأحمر إنذاراً باحتمال وقوع الكارثة. ولم يُستثنى القطاع السياحي من إعلان الإنذار، وكذلك القطاع العقاري. وهما القطاعان اللذان يُعتَبَران فخر الهوية الاقتصادية اللبنانية.
واقع القطاع التجاري
بعد تسجيله تراجعاً في الفصل الأول من العام 2019، استمرت معاناة القطاع التجاري في الفصل الثاني لهذا العام، في ظل فشل السلطة في إدارة الأزمتين السياسية والاقتصادية، وعجزها عن تنشيط الحركة الاقتصادية. وفي حين سجلت حركة تجارة التجزئة تراجعاً في الفصل الاول من العام 2019 بلغ نسبة 9.15 في المئة، مقارنة مع الفترة عينها من العام 2018، تضمّن مؤشر "جمعية تجار بيروت - فرنسبنك لتجارة التجزئة" للفصل الثاني من سنة 2019، إشارة إلى استمرار "إقفال المؤسسات التجارية أو تأجيرها لغير اللبنانيين، فوصلت نسبة الإقفال في بيروت وحدها إلى ما بين 4 في المئة و13 في المئة وفقاً لمسح ميداني لأسواق المدينة المختلفة، وما فاق تلك النسبة في المناطق".
واستناداً إلى المؤشر الذي صدر الإثنين 19 آب، فإن حركة الأسواق والنشاط الاستهلاكي خلال الفصل الثاني كانا دون المستوى الأدنى المتوقع، رغم تزامن شهر رمضان وعيد الأضحى وعيد الفصح في هذا الفصل. وهذا المستوى سببه نسبة القدوم غير المرضية للسياح عموماً والعرب خصوصاً، فضلاً عن عدم قدوم المغتربين اللبنانيين كالمعتاد. "وتزامناً مع هذا الوضع، سجل معدل التضخم ما بين الفصل الثاني لسنة 2018 والفصل الثاني لسنة 2019 نسبة 1.69 في المئة، وفقاً للأرقام الصادرة عن الإحصاء المركزي، وذلك بالرغم من استمرار التخفيضات والعروضات السخيّة التي ظل التجار يقدمونها طوال هذه الفترة".
إجراءات حكومية فاشلة
تغاضت السلطة السياسية عن واقع تراجع القدرة الشرائية لشريحة واسعة من اللبنانيين، بالتوازي مع الإحجام عن الإنفاق، سواء كان للاستهلاك أم للاستثمار. لكن غضّ النظر لا يعني اختفاء المشكلة، بل يعني المساهمة في استفحالها وتشعّبها.
وعوض البحث عن حلول اقتصادية فعّالة، ركّزت السلطة بحثها "عن موارد تساهم في خفض العجز في ميزان المدفوعات عبر طروحات متنوّعة لتخفيض العجز في الميزان التجاري". وهذا السلوك أفضى إلى عدم خلق "أي تطورات إيجابية على الساحة الاقتصادية اللبنانية من شأنها أن تنشط الحركة في الأسواق". وكل ما رشح عن تلك السلطة من إجراءات، اختصره وزير المال علي حسن خليل بإعلانه أن الوضع الاقتصادي "يتطلب جرعات إنقاذية متتالية وبشكل فوري". وألقى خليل المسؤولية على القوى السياسية وعلى الحكومة بالدرجة الأولى"، معتبراً أن "إعلان حالة الطوارئ الاقتصادية، ضرورة لرسم العلاجات المطلوبة، وتدارك أي مخاطر أو منزلقات يمكن أن ينحدر إليها الوضع الإقتصادي".
وعليه، يظهر كلام خليل وكأن السلطة تحمل نفسها مسؤولية ما أوصلت البلاد إليه، بعد عقود من السياسات الفاشلة. لكن التجربة تؤكد أن جلد السلطة لنفسها لا يكون بهدف الإصلاح الفعلي، وإنما لتخفيف الاحتقان الشعبي وتطويق أي محاولة اعتراضية قد تستعمل الشارع وسيلة للضغط. وجمهور السلطة جاهز لتقديم فروض الطاعة واستيعاب لعبة شعور السلطة بذنبها واستعدادها للتغيير".